عضو المنظمة العالمية للسكر لـ«الشرق الأوسط»: السودان قادر على توفير 10 ملايين طن سكر للمستهلك العربي والأفريقي

محمد المرضي التجاني: نتطلع لأن تصبح بلادنا في مقدمة الدول المنتجة للسكر عالميا

محمد المرضي التجاني
TT

مع ازدياد أزمة الغذاء، التي ضربت ولا تزال دول العالم، بدأت الدوائر ذات العلاقة اعادة البحث عن الاراضي التي يمكن توظيفها لسد احتياجات العالم من الغذاء. وفي حين قدرت الدوائر العالمية المختصة حاجة المستهلكين في الشرق الاوسط وأفريقيا للسكر بنحو 10 ملايين طن في العام، أكد محمد المرضي التجاني محمود، رئيس منظمة السكر العالمية لدورة عام 2005، العضو المنتدب لشركة «سكر كنانة»، أن السودان قادر على تلبية حاجة المستهلك العربي والافريقي من سلعة السكر بحسبانه القطر الوحيد المؤهل في الوطن العربي، من ناحية الموارد الطبيعية والخبرات المتراكمة، لسد حاجة الوطن العربي من السكر والغذاء عموما. وكشف المرضي، في حوار مع «الشرق الأوسط» في جدة، أن السودان الآن أعد الخطة الكبرى للسكر ليصل إنتاجه السنوي الى 10 ملايين طن، وهي كميات تكفي لمقابلة احتياجات بلدان الوطن العربي أو أفريقيا، وأعلن عن إنشاء مصنع لإنتاج الإيثانول من المولاس، بطاقه سنوية تبلغ 65 مليون لتر، يتوقع أن يبدأ الإنتاج التجاري هذا العام. وتطرق العضو المنتدب لكنانة، أحد المشاريع الاستثمارية العربية التي سجلت نجاحا ملحوظا في السودان، للمشاكل التي تواجه صناعة السكر في السودان، وتحدث عن مشروع منظومة السكر الذي من أهم أهدافه وضع السودان في مقدمة الدول المنتجة للسكر عالميا.. وهنا نص الحوار:

* تميز السودان في صناعة السكر عربيا وأفريقيا، لكن ما هي مساهماته لتلبية طلبات العالم العربي من استهلاك السكر، وما المتوقع طرحه من حاجة السوق التي تتمثل في عشرة ملايين طن؟

ـ السودان هو القطر الوحيد المؤهل في الوطن العربي من ناحية الموارد الطبيعية والخبرات المتراكمة لسد حاجة الوطن العربي من السكر والغذاء، عموماً السودان أعد الآن الخطة الكبرى للسكر، والهدف منها أن يبلغ الإنتاج السنوي في السودان 10 ملايين طن، وهو كاف لمقابلة أي احتياجات في الوطن العربي أو أفريقيا. والسودان بما حباه الله من موقع جغرافي مميز يتوسط الوطن العربي، ما يجعل حركة التجارة بين السودان والأسواق العربية سهلة ومنخفضة التكاليف.

* بدأت صناعة السكر في السودان في الستينيات من القرن الماضي، إلا أن المصانع التي أنشئت لم تحقق أهدافها إلا عقب 45 عاما، كيف تفسر ذلك؟

ـ صناعة السكر حققت أهدافها منذ البداية، وذلك بتوفير سلع استراتيجية وإحلال الواردات إلا أن الانطلاقة الكبرى تمت اعتبارا من 1980 بعد دخول كنانة دائرة الإنتاج التجاري بحسبان حجم كنانة الكبير والزخم الذي أعطته لصناعة السكر الوطنية. من جانب آخر حققت كنانة والمصانع الأخرى أيضا طفرات كبيرة في الإنتاج بداية من 1990 بعد تنفيذ برامج التوسعة لذلك يبدو للمتابع أن صناعة السكر حققت هذا الإنتاج الضخم الآن، ولكن الحقيقة أنه إنتاج متدرج مع نمو هذه الصناعة، ونؤكد أن هذه الصناعة تحققت في الأهداف والآمال المعقودة عليها بشكل مستمر ومتنام.

* تناقلت الانباء انشاء مصنع شركة النيل الأبيض للسكر، فما هي الاضافة المتوقعة له من واقع تجربة كنانة؟ ومتى سيبدأ التشغيل، وكم تبلغ طاقته؟

ـ شركة سكر النيل الأبيض هي ابن شرعي لشركة سكر كنانة، حيث قامت كنانة بإعداد دراسة الجدوى والترويج، وتقوم الآن بالتنفيذ والإدارة، وكنانة أيضا من أكبر المساهمين في شركة سكر النيل الأبيض بنسبة 26 في المائة من قيمة الأسهم لهذه الأسباب. سكبت كنانة عصارة خبراتها ومعارفها في تنفيذ مشروع سكر النيل الأبيض، نحن نقول النيل الأبيض ابتدأت من حيث انتهت كنانة. فما سكر النيل الأبيض إلا انعكاس لقمة نجاحات كنانة. وسيبدأ تنفيذ المشروع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 بإذن الله والطاقة التصميمية للمصنع 450 ألف طن سكر أبيض في العام.

* هل بالإمكان سرد المعوقات التي تواجه صناعة السكر في السودان؟

ـ المعوقات التي تواجه صناعة السكر في السودان تتمثل في الآتي: الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان والمتمثلة في صعوبة الحصول على العديد من قطع الغيار والمعدات الأميركية المنشأ ما دفع الصناعة للبحث عن موردين آخرين وصعوبة تكلفة ذلك.

صناعة السكر تغلبت على هذه المشكلة في كنانة، وذلك عبر اهتمام بالصناعات الهندسية وتصنيع معدات وقطع الغيار في كنانة عبر كنانة للصناعات الهندسية، ما مكن من توطين تصنيع المعدات في السودان بشكل متكامل.

مشاكل التمويل التي تواجه الصناعة حدت كثيراً من برامج التوسعة والإحلال، أما الآن ومع الانفراج الاقتصادي الذي يشهده السودان بعد تصدير البترول وتدفق الاستثمارات الخارجية تم تجاوز هذه العقبة بشكل تام .

* ما فلسفة كنانة في تبني القضايا الاجتماعية والمساعدة في تهيئة وتقديم الخدمات لسكان المناطق المزروعة بالسكر؟

ـ المنافسة الجائرة من السكر المستورد والمهرب والتي شكلت خلال العامين الماضين خطورة كبيرة على الصناعة من ناحية التدفقات النقدية. الدولة فطنت لهذا الخطر الذي يهدد صناعة السكر الاستراتيجية، وفي جلسة مجلس الوزراء التاريخية في موقع المصنع في كنانة تم إصدار قرارات بحظر استيراد السكر وتفعيل جهود مكافحة التهريب ما يوقف بشكل جذري هذه المشكلة. فلسفة كنانة تقوم أصلا على طبيعة الصناعة والتي تعتبر البعد التنموي والاجتماعي طبيعيا وتلقائياً.. قيام صناعة السكر يستلزم مساحات واسعة لزراعة القصب وذلك لا يتوفر إلا في المناطق النائية والريفية، لذلك شكلت صناعة السكر عموماً وكنانة خصيصاً أداة فاعلة للتنمية في موقع المشروع حيث شيدت الشركة المستشفيات والمنازل والطرق والمدارس ومياه الشرب النقية والكهرباء والأندية الثقافية والاجتماعية وكذلك توفير فرص عمل لقطاعات واسعة من أفراد من مختلف القطاعات والتخصصات، ودور كنانة لم يقتصر على موقع المشروع بل امتدت خدماتها لكل بقاع السودان وفق فهم عال لمسؤوليتها القومية والاجتماعية.

* كيف تتم معالجة تصدير السكر في ظل التوجهات الجديدة لمنظمة التجارة العالمية، وما موقفكم من الاتحاد الأوروبي في هذا الموضوع؟

ـ كل عمليات التصدير التي تتم من شركة كنانة تتم وفقاً لنظم التجارة العالمية دون تعارض مع نظم التجارة المتبعة في السودان. عمليات التصدير لسوق الاتحاد الأوروبي تتم وفق اتفاقية ايطالية تسمى: كل شيء عدا السلاح، والتي بموجبها يصدر السودان السكر وغيره من المنتجات للاتحاد الأوروبي دون رسوم جمركية ودون تحديد كوتات، لذا يعتبر الاتحاد الأوروبي من الأسواق الاستراتيجية للصادرات السودانية بما في ذلك السكر.

* ما التوجه الجديد في ربط صناعة السكر بمصادر الطاقة؟ وما مدى خطتكم الجديدة الخاصة بإنتاج غاز الإيثانول؟

ـ صناعة السكر، وعبر الاختراقات التي تمت في تقنية تصنيع الإيثانول وتوليد الكهرباء، أصبحت تشكل منظومة متكاملة لإنتاج الغذاء والطاقة معاً، وفي جانب الطاقة يتم الآتي:

أ ـ الاستفادة من البقاس (بقايا القصب بعد الطحن) في توليد الطاقة الكهربائية بتكلفة زهيدة لأن البقاس إنتاج جانبي للصناعة لا يكلف شيئا ويحل محل وقود الفيرنس والجازولين. المراجل البخارية في صناعة السكر شهدت تطوراً كبيراً بما يمكن من توليد طاقة كهربائية عالية مقارنة بما كان يحدث قبل عشر سنوات.

ب ـ استعمال الملاص وهو إنتاج جانبي لصناعة السكر في إنتاج وقود الإيثانول والذي أصبح حديث العالم الآن لأنه يحل تماماً مكان البنزين لمختلف المحركات والسيارات حيث يمكن مزجه بنسبة 25 في المائة من البنزين العادي لاستعماله في السيارات دون تعديل في الماكينة أو استعماله بنسبة 100 في المائة للسيارات مزدوجة المحرك والتي أصبح الطلب عليها متناميا عالميا لأنها سيارات صديقة للبيئة لا تنفث غاز ثاني أوكسيد الكربون. الخطة هي انشاء مصنع لإنتاج الإيثانول من المولاص بطاقة سنوية تبلغ 56 مليون لتر ويتوقع أن يبدأ المصنع الإنتاج التجاري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008.

* ماذا عن مشروع منظومة السكر الجديدة التي طرحتموها أخيرا، الأهداف والغايات؟

ـ أهداف الخطة الكبرى للسكر تتركز في الاستفادة الفاعلة من موارد السودان الطبيعية وتسخيرها للمساهمة الايجابية في النشاط الاقتصادي، وإحداث حراك في القطاع الزراعي وذلك عبر استغلال جزء من المشروعات المتوقفة وإدخال مساحات جديدة في مشروعات جديدة لإنتاج مجموعة متكاملة من منتجات منظومة صناعة السكر، الى جانب إدخال المزارع السوداني في معادلة منظومة السكر بما يحقق له وضعاً جديداً بنقله لمستوى جديد من الإنتاج والرفاهية

* هل أنتم على استعداد للمساعدة في إنشاء مصانع في دول عربية وأفريقية؟

ـ نعم، معارف وخبرات كنانة في جانب صناعة السكر ومنظومتها تم تأطيرها عبر شركه كنانة للهندسة والخدمات الفنية التي تقدم خدماتها للعالم أجمع، وكنانة الآن تدير مصانع للسكر في نيجيريا وكينيا، وقدمت عروضا لتنفيذ وإدارة مصانع في كينيا وإثيوبيا، وكذلك مصنع للعلف في مصر، لذا فان معارف كنانة في جانب الصناعة متاحة الآن، وأبوابنا مفتوحة لكل من يرغب.