قطار سيدات الأعمال الأميركيات يبقى بطيئا

رغم أن عدد الشركات التي تؤسسها النساء ضعف ما يؤسسه الرجال

عدم توافر عدد كبير من المرشحات لتولي مناصب تنفيذية («الشرق الأوسط»)
TT

لا يتمكن سوى عدد ضئيل من الشركات التجارية الناشئة، التي يؤسسها رجال ونساء، من النمو والتحول إلى كيانات تجارية عملاقة، ولكن مع وجود إحصاءات تشير إلى أن عدد الشركات التجارية التي تؤسسها النساء يبلغ ضعف ما يؤسسه الرجال، يكون من المتوقع أن تضطلع المرأة بدور جوهري في نسبة كبيرة من الشركات الجديدة العملاقة. ولكن من المثير للدهشة غياب المرأة عن المناصب الكبرى في مثل هذه الشركات، حيث توصلت مجلة «فورتشن» إلى نجاح 43 سيدة فقط على مدار الأعوام الـ35 الماضية من الصعود على سلم الترقي الوظيفي التقليدي والوصول إلى منصب رئيس تنفيذي داخل 1000 شركة استعرضتها المجلة، في الوقت الذي أشار فيه بحث جديد صادر عن منظمة «كاتاليست» المعنية بالنساء اللائي يتولين مناصب تنفيذية، إلى عدم توافر عدد كبير من المرشحات لتولي مثل هذه المناصب في المستقبل. وربما دفع مثل هذا السجل أفضل العناصر النسائية وأكثرها طموحا ممن تولين مناصب تنفيذية منذ عدة سنوات ماضية إلى الشعور بالضجر من قلة الفرص المتوافرة أمامهن، والسعي نحو السيطرة على مصائرهن من دون الخضوع لرئاسة الرجال. ورغم أن العدد 43 يبدو ضئيلاً للوهلة الأولى، إلا أنه يصبح ضخما مقارنة بإجمالي الشركات التي أسستها نساء ودخلت ضمن قائمة مجلة «فورتشن» لأكبر 1000 شركة، وهو العدد الذي وصل إلى 3 شركات فقط وشارك رجال في إنشائها جميعا. والشركات الثلاث هي: «جولدن ويست فايننشال» وأسستها ماريون ساندلر وزوجها هيب. و«سوفت وير سبكترم» وأنشئت على يد جودي أودوم وزوجها آنذاك ريتشارد سيمز وشريكها في الأعمال التجارية فرانك تندل. واخيرا «بي سي كونكشن» وأنشأتها باتريشيا غالوب وشريكها ديفيد هول.

ولاحقا، تم بيع شركتي «جولدن ويست» و«سوفت وير سبكترم»، لتبقى بذلك «بي سي كونكشن» التي تأسست عام 1982 باعتبارها الشركة الوحيدة بين قائمة أكبر 1000 شركة وضعتها مجلة «فورتشن» (في الترتيب 971). ولا تزال غالوب تشغل منصب الرئيسة التنفيذية للشركة حتى الآن. وأحد تفسيرات هذه الظاهرة هو أن الشركات تحتاج إلى سنوات طويلة للتحول إلى كيانات عملاقة، بينما تحتاج المرأة لمزيد من الوقت لممارسة حياتها ودورها في الحياة. بيد أنه عند استعراض الشركات الصاعدة التي تقدر رؤوس أموالها بمليارات الدولارات، يتضح أن ظاهرة الشركات المنشأة على يد نساء لا تزال نادرة، لدرجة أنه ربما لا تتوافر أعداد كافية من المرشحات في المستقبل لأخذ مكان النساء أقرانهن اللائي أسسن شركات تجارية في الماضي، أمثال جيني كريج وديبي فيلدز (التي أنشأت شركة فيلدز فيماس براندز) وإيستي لودر وروث فرتل (مؤسسة كريس ستيك هاوس) وماري كاي آش. من جانبه، تناول ديفيد تومسون، المستشار السابق بشركة «مكنسي آند كو» ومؤلف كتاب «خطة نحو المليار: 7 خطوات أساسية لتحقيق نمو متزايد»، الجيل القادم من الشركات الضخمة، وأبدى دهشته من غياب دور المرأة في تأسيس الشركات، في الوقت الذي تتمتع فيه بأفضل ظروف ممكنة لتحقيق ذلك. وأوضح تومسون أن الجيل الحالي من الشركات المتنامية بسرعة، يعد أشبه بطراز شركة «آبل» عن شركة «جنرال موتورز»، بمعنى أن النجاح بات يعتمد بدرجة أكبر على الأفكار، وليس رأس المال، مشيرا إلى أنه ليس هناك ما يحول دون ظهور امرأة تحقق نفس ما أحرزه زكربرج مؤسس موقع «فيس بوك» الذي أصبح مليارديرا في سن الثالثة والعشرين.

وبناء على طلب من مجلة «يو إس إيه توداي»، قام تومسون بمراجعة بياناته والتقى مجددا بسيدات يعملن في مجال النشاط التجاري للتحقق من عدم وجود مؤشرات توحي بقرب حدوث تغيير. وقاده ذلك إلى نتيجتين، أولاهما: عدم وجود مؤشرات على أن بوادر تغيير تلوح في الأفق. ثانيا: ان هذه القضية مفعمة بالعاطفة. ويشرح تومسون أن احتمالات تحقيق شخص (ما زال في المرحلة الأولى من نشاط تجاري ويحمل بداخله أفكارا كبيرة) لعوائد سنوية تبلغ المليار دولار تبلغ 1 إلى 20.000. وذلك هو السبب في أنه خلال الأعوام الـ22، خلال الفترة بين عامي 1985 و2007، حققت 387 شركة جديدة فقط، يجرى التداول فيها علانية، مستوى المليار دولار كعوائد سنوية. وبالنظر إلى معدل النساء اللائي قمن بتأسيس شركات يمكن أن تحقق عوائد تبلغ مليار دولار، يقدر تومسون احتمالية تحقيق شركة أنشأتها امرأة لهذا الهدف، سواء ظلت في الشركة أو غادرتها، بـ1 إلى 500.000. من ناحيتها، وصفت لين نيميث، التي أنشأت شركة «ديسكفري تويز» منذ ثلاثين عاما وحققت بها مستوى عائد بلغ 100 مليون دولار، قبل أن تبيعها لإيفون برودكتس عام 1997، هذا الأمر بأنه محزن. يذكر أنه منذ أربع سنوات ماضية، شاركت نيميث في تأسيس شركة «بيتلين» المتخصصة في المنتجات اللازمة للحيوانات الأليفة، وحققت الشركة عوائد سنوية بلغت مليون دولار، لكن مؤسستها تتوقع وصول العوائد إلى 400 مليون دولار خلال 20 عاما، مشيرة الى أن صناعة المنتجات الخاصة بالحيوانات الأليفة تقدر بـ41 مليار دولار، أي ما يزيد 20 إلى 40 ضعفا على حجم صناعة الألعاب التعليمية، عندما أنشأت شركة «ديسكفري تويز». وفي حال نجاح نيميث، فإنها تكون قد نجحت بذلك في التفوق على الاحتمالات القائمة مرتين. وترسم النقاط التالية صورة أفضل لمدى صعوبة هذه الاحتمالات: تفحص رودي فاهلنبراش، بروفسور التمويل بجامعة ولاية أوهايو، الشركات المدرجة على مؤشر «ستاندرد آند بورز»، الذي يتناول الشركات التي يجري التداول فيها علانية من جميع الأحجام، وتوصل إلى أن 63 منها فقط ما تزال تحتفظ بمؤسسها الأصلي في منصب الرئيس التنفيذي، وليس بينهم أي امرأة. من بين آخر 100 شركة يجري التداول فيها علانية تجاوزت حاجز المليار دولار كعوائد سنوية للمرة الأولى، توجد شركة واحدة فقط أسستها امرأة بمفردها، وهي شركة «إندو فارماكيوتيكالز» التي أسستها كارول أمون، التي تتولى حاليا منصب مدير بها بعد أن كانت رئيسة لمجلس الإدارة. من بين الـ99 شركة الأخرى، تأسست شركة «إيه إم إن هلثكير» على يد ستيفن فرانسيز وزوجته جيل. وفي «تشيزكيك فاكتري»، أنتجت إيفيلين أوفرتون كعكا بالجبن حقق مبيعات كبيرة، قبل أن يفتتح زوجها أوسكار مخبزا، ويشرع ابنهما ديفيد في تأسيس سلسلة مطاعم لبيع الساندويتشات حققت العام الماضي عوائد بلغت مليار دولار. أما إليزابيث أردن، التي توفيت عام 1966، فقد كونت فريق عمل مع الكيميائي فابيان سوانسون لبناء شركة لمنتجات التجميل لم تتمكن من تحقيق مستوى مبيعات يبلغ المليار دولار سوى العام الماضي.

* خدمة «يو. إس. إيه. توداي» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)