مصر: دعوة لبناء 360 ألف وحدة سكنية سنوياً وتغطية العجز

TT

بينما يشهد قطاع العقارات في مصر حالة من الترقب الشديد جراء الارتفاع المتنامي في أسعار مواد البناء بشكل كبير، ومخاوف تأثير ذلك على الاستثمار العقاري في البلاد، اعتبرت الحكومة المصرية أن هذا الارتفاع في الأسعار لن يكون له تأثير على سوق العقارات والطلب عليها.

وقال الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار المصري في تصريح له أمس على هامش انعقاد مؤتمر اليورومني الثاني للاستثمار والتمويل العقاري في مصر إن أسعار مواد البناء تشهد ارتفاعات منذ عدة سنوات، مشيرا إلى أنه بالرغم من ذلك فإن هناك زيادة في عدد الوحدات السكنية، وزيادة في الطلب على الإسكان والتراخيص الجديدة.

وأضاف محيي الدين أن ارتفاع التضخم يساهم أحيانا في زيادة الطلب على العقارات في مصر باعتبارها إحدى الوسائل للوقاية من آثار التضخم، لكنه أكد أن هذا القطاع سيشهد انطلاقة أكبر مع انخفاض التكلفة واستقرار معدلات التضخم.

وتوقع أن يشهد نشاط التمويل العقاري في مصر نموا ملحوظا خلال الفترة المقبلة، موضحا أن قيمة قروض التمويل العقاري الممنوحة ارتفعت من 16 مليون جنيه (2.9 مليون دولار) في يونيو 2005 لتصل إلى 2.2 مليار جنيه (410.4 مليون دولار) في مارس (اذار) 2008، بزيادة قدرها مليار جنيه عن العام الماضي (186.5 مليون دولار).

وأشار إلى زيادة عدد شركات التمويل العقاري إلى 8 شركات، بالإضافة إلى الشركة المصرية لإعادة التمويل العقاري، بجانب تكوين إدارات متخصصة للتمويل العقاري في 16 بنكا، وزيادة نطاق التغطية الجغرافية لقطاع التمويل العقاري ليشمل 77% من محافظات مصر وسط توقعات بأن يشمل كافة أنحاء البلاد بنهاية العام الحالي.

وأكد وزير الاستثمار أهمية تفعيل نظام التمويل العقاري للاستفادة من الثروة العقارية، حيث ساهم القطاع العقاري بنحو 8.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لعام 2006 / 2007 .

وقال إن هناك تحديات تواجه القطاع العقاري في مصر، تتمثل في الحاجة إلى بناء ما يقرب من 5.3 مليون وحدة سكنية في الفترة من 2005 ـ 2017، والحاجة إلى 360 ألف وحدة سنوياً، وتغطية العجز المتراكم من السنوات السابقة على الوحدات السنوية الذي يقدر بنحو 2.5 مليون وحدة سكنية لمتوسطي ومحدودي الدخل.

وأضاف أن 13% من الثروة العقارية في مصر بحاجة إلى إحلال، كما تشمل التحديات بناء 500 ألف وحدة سكنية جديدة للشباب خلال ست سنوات تنتهي في 2011، بالإضافة إلى تطوير برامج التمويل العقاري حتى تكون متاحة لكافة مستويات الدخل، وتوفير العديد من برامج الدعم المختلفة الخاصة بمحدودي الدخل. وفي رده على سؤال حول قدرة محدودي الدخل على الاستفادة من برامج التمويل العقاري، أكد وزير الاستثمار أن هناك العديد من البرامج التي تنفذها الحكومة وتستهدف محدودي الدخل.

وأشار إلى أنه تجري حاليا دراسة إعداد سياسة جديدة للدعم من خلال الصندوق التابع لهيئة التمويل العقاري من أجل مساندة ذوي الدخول المنخفضة في الحصول على وحدات بنظام التمويل العقاري وبشكل يتناسب مع مستويات دخلهم.

وفي هذا السياق، أشار أسامة صالح، رئيس هيئة التمويل العقاري، في تصريح له، إلى أن التمويل العقاري بمصر خدم فئة كبيرة من المجتمع لا سيما ذوي الدخول المحدودة الباحثين عن وحدات قيمتها ما بين 30 و40 ألف جنيه.

غير أن أحد خبراء العقارات أشار في تصريح خاص لـ «الشرق الأوسط» إلى أن منظومة التمويل العقاري في مصر ما تزال تغيب إلى حد كبير عن فئات عريضة من محدودي الدخل، وباتت توجه إلى الشرائح الأعلى دخلا وربما الأثرياء إذا ما تم النظر إلى برامج شركات التمويل العقاري أو البنوك العاملة في هذا النشاط.

وقال إن متطلبات غالبية البنوك وشركات التمويل العقاري في السوق المصري والوحدات التي يروجون لها بالاتفاق مع شركات الاستثمار العقاري تشير إلى غياب الفئات المتوسطة من جدول أعمال هذه الشركات والبنوك التي تركز على الترويج لتمويل الوحدات الفاخرة التي تستهدف شرائح بعينها من ذوي الدخول المرتفعة. وذلك على الرغم من أن القاعدة العريضة من الراغبين في تملك وحدات سكنية من متوسطي الدخل في البلاد. وتشير إحصاءات هيئة التمويل العقاري المصرية إلى أن حجم التمويل الممنوح بلغ بنهاية ديسمبر (كانون الاول) الماضي نحو ملياري جنيه (373.1 مليون دولار)، لم يستحوذ محدودو الدخل سوى على ما يقارب الـ 327 مليون جنيه (61 مليون دولار).

وأقر الدكتور سامح الترجمان، الرئيس التنفيذي لشركة «تمويل» للتمويل العقاري والرئيس السابق لهيئة التمويل العقاري المصرية، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أان الدراسات اشارت الى وجود نقص حاد في تمويل الوحدات السكنية المتوسطة على الرغم من زيادة الطلب على هذه الوحدات.

وأشار الترجمان إلى ضرورة الوصول إلى مجموعة من المنتجات المتخصصة التي تلبي احتياجات محدودي الدخل وأصحاب الدخول المنخفضة لتوفير التمويل العقاري للوحدات السكنية الاقتصادية، مضيفا أن شركته اتجهت بالفعل إلى تمويل وحدات سكنية بمساحة 65 مترا لفئات محدودي الدخل.

وكان تقرير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري قد أشار أخيرا إلى أن 39.8% من الأسر المصرية تفضل الإسكان الاقتصادي عبر تملك شقة تبلغ مساحتها 63 مترا مربعا، في حين اختار 28.8% نماذج الإسكان المتوسط. ورغم هذا الاحتياج إلى تمويل الوحدات المستهدفة الشرائح المتوسطة، أشارت دراسة متخصصة أعدتها شركة «يونيفرسال» للأوراق المالية الى أنه بعد دخول تجربة التمويل العقاري حيز التنفيذ لعدة سنوات في السوق المصرية لوحظ أن هناك زيادة في عروض تمويل الوحدات السكنية الفاخرة المرتفعة الأسعار، ونقصا شديدا في تمويل الوحدات الاقتصادية والمتوسطة المستوى ما يستلزم بالضرورة أن يوجه الجانب الأكبر من التمويل العقاري إلى الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل.

وأشارت إلى أن هناك نقصا حادا في التمويل طويل الأجل المتاح لعمليات الإقراض العقاري للإسكان الاقتصادي والمتوسط بوجه خاص حيث تمول شركات التمويل العقاري والبنوك الإسكان الفاخر وفوق المتوسط فقط ومن ثم تبني الشركات وتأخذ حصتها وتترك العملاء للبنوك ما أدى للإحجام عن وجود مستثمرين في الوحدات الاقتصادية، بخلاف عدم وجود نظم فعالة لتشجيع المستثمرين الصغار على الاستثمار في المدن الجديدة والتجمعات حول العاصمة القاهرة في الإسكان الاقتصادي والمتوسط وقيام شركات الإسكان بشراء الأراضي بمساحات كبيرة بغرض البناء لكي تبيعها مرة أخرى وبأسعار مغالى فيها (يصل سعر المتر إلى ما يزيد عن 2000 جنيه (373.1 دولار) مقابل 10 جنيهات كقيمة دفترية) .