«باركليز كابيتال» تصف مضاربات النفط بأنها «سيرك».. وفرنسا تأمل في زيادة إنتاجه

9% زيادة في أسعار الديزل بالإمارات وارتفاع اسعار الوقود أصبح تحدياً عالمياً * غريسبان: احتمال حدوث كساد في أميركا لا يزال قائماً

ارتفاع أسعار الوقود أصبح تحدياً عالمياً كبيراً (خدمة كي آر تي)
TT

انتقدت، امس الثلاثاء، مؤسسة «باركليز كابيتال» الاستثمارية في نيويورك، مؤسسة «غولدمان ساكس». وقالت انها تتحمل جزءاً غير قليل من مسؤولية المضاربات العالمية في سعر النفط. وإنها تبالغ في توقعات الاسعار التي تنشرها، وإن ذلك كان من اسباب استمرار الزيادة في سعر النفط، والذي وصل في الاسبوع الماضي الى 135 دولارا للبرميل. وقالت دراسة كتبها بول هورسنيل، وكيفين نوريش، خبيران في «باركليز كابيتال»: «ما هذا الا سيرك». واضافت الدراسة: «يحدث ضرر كبير عندما تصدر تقديرات مستقبلية بهدف منافسة تقديرات مستقبلية اخرى». «غولدمان» واحد من اكبر البنوك الاستثمارية في العالم، ويعمل فيه اكثر من ثلاثين الف شخص، وفي السنة الماضية، كان دخله 90 مليار دولار. وبلغت ارباحه خلال الثلاثة شهور الاولى من هذه السنة ملياراً ونصف مليار دولار. ويعتبر واحدا من اكبر المضاربين في اسواق المحاصيل والمنتوجات، ومنها النفط. ويقدم نصائح للمستثمرين في مختلف المجالات، ومنها النفط. وانضم، امس الثلاثاء، الى حملة نقد «غولدمان» ادوارد مورس، خبير في مؤسسة «ليمان بروذرز» الاستثمارية في نيويورك. وقال ان تقديراتها «تحليلية ومسؤولة، لكنى لا اتفق معها». وتركزت الانتقادات الموجهة لـ«غولدمان» على خبيرين فيها: جفري كاري (41 سنة)، وارجون مورتي (39 سنة).

في سنة 2004، عندما كان سعر برميل النفط 40 دولارا، نشرا توقعات بان السعر سيرتفع الى 100 دولار خلال سنتين. وفي الشهر الماضي، عندما كان سعر البرميل 105 دولارات، نشرا توقعات بأن السعر سيرتفع الى 140 دولارا منتصف الصيف (بعد شهر او شهرين)، وسيرتفع الى 200 دولار بعد ذلك. وقال تقرير «باركليز كابيتال»، وهو الفرع الاستثماري لبنك «باركليز» البريطاني، ان مثل هذه التوقعات تزيد المضاربات في سوق النفط. وفي الاسبوع الماضي، خلال استجواب لجنة في الكونغرس لرؤساء شركات النفط الاميركية، قال جون هوفمايستار، مدير شركة شل، انه يعتقد ان السعر «المعقول» لبرميل النفط هو ما بين 35 و65 دولاراً. وسجلت أسعار النفط ارتفاعا في المبادلات الالكترونية في آسيا أمس بعدما استهدف هجوم جديد موقعا لمجموعة «شل» في نيجيريا التي تحتل المرتبة الثامنة بين الدول المصدرة للنفط في العالم. وارتفع سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) تسليم يوليو (تموز) في المبادلات الصباحية 81 سنتا ليبلغ 133 دولاراً. اما سعر برميل البرنت النفط المرجعي لبحر الشمال تسليم يوليو فقد ارتفع 49 سنتا ليغلق على 132.86 دولارا. وصرح وزير النفط الجزائري، شكيب خليل، الذي يرأس حالياً منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) أول من أمس انه لا يتوقع انفراجا قريبا في اسعار النفط. وقال في حديث للاذاعة الوطنية الاسبانية «سنشهد زيادة في الاسعار»، خصوصا اذا بقي الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة على حاله.

وفيما قالت مديرة الدراسات الاقتصادية في المعهد الفرنسي للنفط ناتالي الازار تو، ان الارتفاع الكبير لاسعار النفط ناجم عن صعوبات في الوصول الى الحقول النفطية وليس لندرته، عبرت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد عن املها في ان تطلب دول مجموعة السبع من البلدان المنتجة للنفط زيادة انتاجها، بينما تشهد اسعار النفط زيادة متواصلة. واكدت انها ستطلب الامر نفسه من مجموعة العشرين للدول الناشئة. واستبعدت الوزيرة الفرنسية مجددا فرض ضرائب على ارباح الشركات النفطية، مذكرة بان المجموعة الفرنسية «توتال» ساهمت في تمويل مساعدة الاسر الاكثر فقرا في الحصول على وقود التدفئة في الشتاء. من ناحية أخرى، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس انه ينبغي على الاتحاد الاوروبي دراسة وضع سقف لضرائب المبيعات على منتجات الوقود اذا واصلت أسعار النفط الارتفاع في محاولة لتخفيف مخاوف المستهلكين بشأن زيادة التكاليف. كما اقترح ساركوزي الاستعانة بالايرادات الاضافية من ضرائب المبيعات على البنزين لإنشاء صندوق لمساعدة المهنيين الاكثر تضررا من ارتفاع اسعار الطاقة مثل الصيادين الذين يحتجون على ارتفاع اسعار الوقود. وفي مقابلة مع اذاعة ار.تي.ال، قال ساركوزي انه لا يوجد مؤشر على أن أسعار النفط ستتراجع، ودعا شركاء الاتحاد الاوروبي الى دراسة نهج مشترك ازاء المشكلة. ويمثل ارتفاع أسعار النفط أكثر المشكلات إلحاحاً أمام ساركوزي حيث أغلق صيادون موانئ ومستودعات للنفط في أنحاء فرنسا هذا الشهر احتجاجا على ارتفاع سعر الديزل، محذرين من أنهم سيفلسون اذا لم تقدم الدولة لهم المساعدة. رفعت محطات الوقود بالإمارات العربية المتحدة أسعار الديزل (السولار) أمس بنسبة 8.8 % بواقع 1.5 درهم ليصبح سعر الجالون 18.5 درهم (5 دولارات). وتعد الزيادة الجديدة الثالثة خلال الشهر الجاري مقابل ثلاث زيادات خلال الشهر الماضي، مما ادى الى ارتفاع سعر جالون الديزل بواقع 6.3 درهم وبنسبة تجاوزت 51% منذ بداية العام بسبب تسع زيادات متتالية. إلى ذلك, اصطف مئات من سائقي الشاحنات في وسط لندن، أمس، في صفوف طويلة على الطرق احتجاجا على ارتفاع أسعار الديزل (السولار).

ويقول السائقون إن تجاوز سعر الديزل مستوى 120 بنسا (2.37 دولار) للتر بالإضافة إلى بنسين تعتزم الحكومة فرضها كضريبة وقود على المركبات سوف يجبر شركات النقل على التوقف عن العمل.

يقول أحد السائقين لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) «أضطر لدفع 1000 جنيه إسترليني لكي تظل شاحنتي على الطريق».

ويطالب المحتجون الذين جاءوا من ويلز وإنجلترا باسترداد رسم «المستخدم الأصلي» بالنسبة لسائقي الشاحنات.

وتأتي هذه الاحتجاجات في الوقت الذي يستعد فيه وزير الخزانة البريطانية أليستر دارلينغ بأعضاء مجلس العموم (البرلمان) من حزب العمال الحاكم لمناقشة خطط زيادة ضريبة المرور على المركبات الأقدم والأشد تلويثا للبيئة.

وكان 42 عضوا بالبرلمان قد وقعوا مذكرة تطالب الحكومة بإعادة النظر في هذه الضريبة.

من ناحية أخرى، قال الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الاميركي، آلان غريسبان، في تصريحات نشرت أمس ان احتمال أن تشهد الولايات المتحدة حالة من الكساد لا يزال أكبر من عدمه رغم الاستقرار النسبي في الاقتصاد في الاسابيع الاخيرة. وصرح غريسبان في حديث لصحيفة «فاينانشال تايمز» نشرته على موقعها على شبكة الانترنت «ما زلت أعتقد أن احتمال حدوث كساد يتجاوز 50 في المائة».

وتابع «ولكن الاحتمال تراجع قليلا، وأعتقد أن احتمال حدوث كساد خطير تراجع بشكل ملحوظ». وذكر ان من السابق لأوانه تحديد ما اذا كانت الولايات المتحدة تجاوزت أسوأ فترات أزمتها المالية لأن ذلك يعتمد على ما يحدث لأسعار المنازل. وذكرت «فاينانشال تايمز» ان غريسبان توقع ان تنخفض أسعار المنازل بنسبة 10 في المائة اخرى عن مستوياتها في فبراير (شباط) الماضي ليبلغ اجمالي نسبة الهبوط من الذروة الى الحد الادنى الى 25 في المائة. وقال غريسبان «ان مثل هذا الانخفاض في أسعار المنازل يوحي بانكماش نسبة ملكية المنازل التي يشغلها اصحابها وهو الضمانة الامثل للاوراق المالية المتصلة بالرهن العقاري».

وأضاف انه لم يتضح بعد ما اذا كانت المؤسسات المالية الكبرى شطبت جميع الديون اللازمة على أدوات الائتمان المتصلة بالرهن العقاري ذات سعر فائدة أعلى. وأعرب غريسبان عن اعتقاده بأن هناك صراعا دائرا في الاقتصاد بين ضغوط السوق المالية التي تجتذب الاقتصاد في اتجاه بينما تجذبه السيولة الكبيرة لدى الشركات في اتجاه آخر. واضاف ان السيولة لدى الشركات تنخفض ولكن بشكل تدريجي. وتابع «لا يعرف أحد متى سينتهي هذا الصراع. وتحديدا ما اذا كانت الازمة المالية ستنتهي قبل ان تهوى بالاقتصاد الحقيقي».