الأوروبيون يتحفظون على دفع أموال السياسة الزراعية المشتركة للدول الفقيرة

إيران أوقفت صادرات القمح منذ مارس

ارتفاع اسعار المنتجات الزراعية أصبح من التحديات الكبرى التي تواجه العالم («الشرق الأوسط»)
TT

نقلت صحيفة «ايران ديلي» أمس عن مسعود ميركاظمي وزير التجارة الايراني، قوله انه تم تعليق صادرات القمح الايرانية منذ مارس (آذار) بسبب الجفاف ونقص الامدادات المحلية. ونقلت الصحيفة اليومية عن ميركاظمي، قوله إن سعر القمح الذي تشتريه الوزارة من المزارعين زاد الى 2800 ريال (حوالي 30 سنتا اميركيا) لكيلوغرام في العام الفارسي الذي بدأ في مارس مقابل 2000 ريال في العام الماضي. ونقلت صحيفة «اطلاعات» قوله في مؤتمر صحفي «كنا نعتزم تصدير مليون طن من القمح لكن حظرت الصادرات بعد تصدير 550 ألف طن». وبدأت السنة الفارسية 2008-2009 في 21 مارس.

وقال الوزير ان ايران بدأت هذا العام بأكبر كمية قمح في السنوات الاخيرة. واعتادت ايران استيراد كميات كبيرة من القمح من كندا واستراليا والارجنتين غير ان صحيفة ايرانية يومية ذكرت في ديسمبر (كانون الاول) أن البلاد صدرت أكثر من 300 ألف طن في ثلاثة أشهر من سبتمبر (ايلول) لدول من بينها الهند ودول الخليج. وفي ابريل (نيسان) اوردت وسائل الاعلام أن الحكومة أعطت الضوء الاخضر لوزارة التجارة لاستيراد مليوني طن من القمح رغم اعلان ايران الاكتفاء الذاتي من الحبوب في عام 2004. وفي يوليو (تموز) الماضي قالت وزارة التجارة ان ايران ستصدر مليون طن من القمح للعراق المجاور بنهاية العام الفارسي 2007-2008. وأكد مسؤولون آخرون بدء الصادرات في وقت لاحق. ولكن في مارس قال مسؤولون ان الطقس الجاف أضر بالارض الزراعية ومن المتوقع أن يقلص الانتاج الزراعي.

وعلى صعيد متصل تلقت دول الاتحاد الاوروبي بفتور فكرة طرحتها مفوضيتها وتقضي بأن تدفع اوروبا اموال الدعم المخصص لقطاعاتها الزراعية الى الدول الفقيرة خوفا من ان تشكل خطوة كهذه سابقة في هذا المجال. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال وزير الزراعة السلوفيني اتزوك يارك الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي «لست واثقا من ان الوسيلة الفضلى (لمساعدة الدول الفقيرة) هي ان نأخذ أموال النفقات الزراعية» الاوروبية. من جهته، رأى الوزير النمساوي يوزف برول على هامش اجتماع مع نظرائه الاوروبيين في ماريبور في سلوفينيا «لا يمكننا توفير الغذاء لكوكب الارض بالسياسة الزراعية المشتركة». وتحدثت نظيرته الهولندية غيردا فربورغ «عن فكرة جذابة لكن لا يمكن تطبيقها على الأمد الطويل». وأعرب الوزير الألماني هورست شيهوفر عن «تشكيكه العميق» في جدوى هذه الفكرة. ويرى الوزراء أن وحدها عملية إعادة توجيه للمساعدة الدولية الى الزراعة من اجل مساعدة الدول الفقيرة على اعادة بناء قدراتها الزراعية، ستسمح بحل المشاكل الغذائية. وهي الحجة التي اعتمدتها فرنسا، المستفيدة الكبرى من السياسة الزراعية المشتركة واول قوة زراعية اوروبية. وقال وزيرها ميشال بارنييه «يمكن ان يشكل ذلك حلا في اوضاع طارئة لكنه ليس حلا دائما». وأثارت المفوضة الأوروبية للزراعة ماريان فيشر بويل الاسبوع الماضي ضجة خلال اللقاء عندما اقترحت استخدام اموال السياسة الزراعية المشتركة التي لم تنفق لمساعدة الدول الفقيرة التي اهتز استقرارها بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية. وأعلنت الاحد ايضا في مؤتمر صحافي في سلوفينيا «ينبغي ان نرى الى اي حد يمكننا نقل اموال الزراعة الاوروبية الى الدول الاقل تقدما لشراء البذور والاسمدة» او لتمويل برامج التسليفات الصغيرة. وأضافت «يجب ان نظهر أننا نملك الارادة لمساعدة هذه الدول». ونظرا لارتفاع اسعار المنتجات الزراعية في العالم، بات الاتحاد الاوروبي اقل احتياجا لتقديم دعم مالي لمستثمريه في مجال الزراعة، وضمان تعريفات في حدها الادنى او مساعدتهم على التصدير، الأمر الذي ينتج فوائض مالية مقارنة بما هو مخطط اصلا. وتأمل بروكسل ان تقدم في الاسابيع المقبلة مقترحات ملموسة في هذا الموضوع انطلاقا من الفوائض المالية المتوقعة للسنتين 2008 و2009. وقال مصدر اوروبي «نتحدث هنا عن مئات ملايين اليورو». وتبدو غالبية الحكومات الاوروبية متحفظة لانها لا ترغب في حصول سابقة. وقال الالماني هورست شيهوفر «هذا الامر ينبغي ألا يصبح قاعدة». ووجد الاتحاد الاوروبي العام الماضي حلولا لمشاكل تمويل النظام الاوروبي الملاحي المختلف عليه بواسطة القمر الصناعي «غاليليو» منافس نظام «جي بي اس» الاميركي، عبر سحب 1.6 مليار يورو من صناديق لا تستخدمها السياسة الزراعية المشتركة. لكن هذه الخطوة لم تمر بدون التسبب بخلافات. ويمكن ان لا يقدم وجود هذه الفوائض في اطار الارتفاع الجديد للاسعار، ذرائع لمعارضي السياسة الزراعية المشتركة بدءا بالبريطانيين الذين يطالبون باستمرار بخفض الغاء الدعم المالي للقطاع الزراعي الاوروبي بينما تواجه اوروبا ضغوطا في موضوع منظمة التجارة العالمية. ويتذرع منتقدو السياسة الزراعية المشتركة ليس فقط بان الدعم المالي سيستخدم بطريقة افضل في مكان آخر وانما ايضا بانها تمنع الدول الفقيرة من تطوير زراعاتها الخاصة. من جهة أخرى، بدأ المزارعون منتجو الحليب في ألمانيا إضرابا عاما وتوقفوا عن توريد الألبان إلى المصانع حتى تتم زيادة أسعار التوريد التي يحصلون عليها من الشركات.

وقال روموالد شابير رئيس اتحاد مربي الماشية لإنتاج اللبن في ألمانيا بي.دي.إم الذي يضم 30 ألف مرب، إن الاتحاد يتوقع استمرار المقاطعة فترة تتراوح بين 7 و10 أيام.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، أكد شابير أن حوالي 80% من أعضاء الاتحاد في بعض المناطق يشاركون في الإضراب عن توريد الألبان.

من المنتظر أن يتم استخدام الألبان التي لن تورد إلى المصانع في تغذية العجول الصغيرة أو دفنها في مستودعات النفايات الخاصة بالمزارع.

ويعارض المزارعون خطط الاتحاد الأوروبي لزيادة حصص إنتاج منتجات الألبان وخفض أسعار السوق في الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى ضرورة تجاوب القطاع الزراعي في أوروبا للطلب المتزايد على منتجات الألبان في السوق العالمية. ويقول اتحاد مربي الماشية لإنتاج الالبان في ألمانيا، إن سعر البيع من المزرعة يصل إلى 40 سنتا أوروبيا (63 سنتا أميركيا) للتر الواحد وهو سعر غير اقتصادي. وأضاف أن عددا قليلا من الشركات الألمانية الكبرى تسيطر على مصانع الألبان في ألمانيا، وهي تحصل على لتر الحليب من المزرعة بسعر 27 سنتا للتر الواحد في شمال ألمانيا و35 سنتا للتر في الجنوب.