ازدهار الوقود الحيوي يغير عادات صناعة قصب السكر في البرازيل

رياح التغيير بدأت تهب مع اجتذاب القطاع مستثمرين من جميع أنحاء العالم

عمال يجمعون محصول قصب السكر (أ.ف.ب)
TT

سرتاوزينهو (البرازيل) ـ رويترز: في بداية موسم حصاد قصب السكر لهذا العام، تجمع العمال في مصنع الايثانول في ساو فرانسيسكو داعين الله ليحميهم ويمن عليهم بمحصول وفير. وأقيم قداس كاثوليكي تقليدي داخل المبنى الرئيس للمصنع الذي تفوح منه رائحة قصب السكر الذكية في حضور نحو 150 من العاملين وأسرهم. وقال الرئيس التنفيذي للمصنع خايرو مينسيس بالبو «انه تقليد قديم. لصناعتنا جذور عائلية ونحن كاثوليك وكذلك الكثير من موظفينا. نشكر الرب على انتاجنا ونطلب منه مساعدتنا لنبدأ انتاجا جديدا».

وعلى مقربة منه تقبع آلات عملاقة من المقرر ان تعصر كميات اكبر من قصب السكر في الاشهر المقبلة لتلبية الطلب المحلي والعالمي على الايثانول لتزويد السيارات بالوقود. وتتجه البرازيل لتسجيل محصول قياسي من قصب السكر ومن المتوقع أن يرتفع الانتاج الى 580 مليون طن. والبرازيل من الدول المتقدمة في مجال الوقود الحيوي ولديها خبرة ترجع لعشرات السنوات في تصنيع الايثانول من قصب السكر ليستخدم كوقود للسيارات، وهي عملية أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية من الذرة المغذي الرئيس لصناعة الايثانول في الولايات المتحدة. وبدأت البرازيل حملة وطنية لتحفيز استهلاك الايثانول وإنتاجه في السبعينيات ولقيت اكبر دفعة في الآونة الاخيرة في عام 2003 بتدشين سيارة يمكن ان تعمل بالبنزين أو الايثانول أو بخليط من الاثنين. وفي وقت سابق من هذا العام تجاوز استهلاك الايثانول استهلاك البنزين لاول مرة في عقدين. غير ان رياح التغيير تهب مع اجتذاب الصناعة المزدهرة مستثمرين من جميع أنحاء العالم ويخشى البعض ان تتلاشى العادات القديمة وتذهب معها نماذج الادارة التقليدية فيما تتحول الصناعة لعمليات ينتج عنها عدد أقل من الشركات الاكبر حجما والاكثر تكاملا. ويتوقع المحلل خوليو ماريا بورجيس ان يتضاعف انتاج قصب السكر البرازيلي بحلول عام 2015 ولكنه توقع ان تسيطر عليه حوالي 30 مجموعة كبيرة مقارنة بنحو 200 حاليا. وأوضح مثال على هذا الاتجاه مجموعة كوسان، وهي اكبر شركة لانتاج السكر والايثانول في البرازيل وقامت بعصر 36 مليون طن من آخر محصول للقصب. واشترت المجموعة بعضا من اصول اكسون موبيل في البرازيل في ابريل (نيسان) لتصبح أول شركة في العالم في مجال الطاقة المتجددة تمتد عملياتها من الزراعة الى محطات تزويد السيارات بالوقود. كما ان دخول شركة بي.بي العملاقة القطاع والذي اعلن عنه الشهر الماضي مثال آخر للتغيير. واشترت الشركة البريطانية نحو نصف تروبيكال انيرجيا، وهو مشروع مشترك بين مجموعتي سانتليسا فالي وكايدي البرازيليتين. وتدير الشركة الجديدة مصنعين للايثانول. وقال انطونيو دي بادوا رودريجيز المدير الفني في اتحاد صناعة قصب السكر (يونيك) «سينتهي قلق الشركات بشأن بيع منتجاتها من المصنع فقط وستتطلع للوجهة النهائية». وضرب أمثلة باستثمار شركة كريستالسيف البرازيلية وكارجيل الأميركية في مصنع للسكر في سورية ومصانع كويمكس وكريستالسيف لفصل الماء عن الايثانول في الكاريبي ومرفأ كوبرسكر للايثانول في روتردام. وأضاف بادوا «الآن تمتلك جميع الشركات الكبرى شركات.. للتعامل في منتجاتها. ومن المحتمل ان تتجمع الشركات الأصغر لتشكل شركات تجارة ايضا». وفي هذه البيئة يمكن أن تتلاشى عادات قديمة مثل اقامة قداس بمناسبة بدء الموسم.

وتقام مثل هذه الاحتفالات منذ عقود في جميع المصانع في البرازيل تقريبا وعددها 380 ويحمل معظمها اسماء قديسين وما زال يديرها احفاد مؤسسيها. وقال بلينيو ناستاري رئيس داتاجرو أكبر شركة لتحليل بيانات السكر والايثانول «مع حدوث اندماج في الصناعة ووصول شركات اجنبية من المحتمل ان تختفي التقاليد. لن يحافظ صندوق من نيويورك أو لندن على مثل هذه الامور».

وكانت بي.بي أول شركة عملاقة تدخل السوق، ولكن يتوقع وصول آخرين. وفي عام واحد فقط تضاعفت الحصة الأجنبية من كميات قصب السكر التي تعصر في البرازيل الى 12 في المائة حسب بيانات داتاجرو. وذكرت يونيكا أن نحو 85 مصنعا جديدا بدأ بالإنتاج منذ عام 2005 ومن المقرر ان يبدأ 60 مصنعا آخر العمل في عام 2010 باستثمارات تصل لحوالي 40 مليار ريال برازيلي. وزاد التوسع من المخاوف البيئية ليضغط على الصناعة لتغيير ممارسات كانت تطبق منذ ايام العبودية مثل التقطيع اليدوي. ومع توقعات بشراء شركات دولية عددا كبيرا من الشركات المحلية يرى البعض في هذا الازدهار فرصة للتوسع. وقال خايرو بالبو «لن تكون السنوات الثلاث المقبلة سهلة. تأتي الشركات الجديدة بإمكانات استثمار لا نملكها هنا».

ولمواجهة منافسة أشد يجري بالبو مفاوضات مع شركة كبرى لم يكشف اسمها من اجل صفقة تشمل تحويل حصة اقلية في مجموعته التي اسسها جده اتيليو بالبو في عام 1947.

ويبلغ اجمالي الايرادات السنوية للمجموعة حاليا حوالي 350 مليون ريال برازيلي (210 ملايين دولار) وستفتتح قريبا مصنعا ثالثا. وقال خايرو بالبو «ستتغير صناعتنا كثيرا في غضون عشرة اعوام»، مشيرا لحالة سانتليسا فالي ثاني أكبر منتج للسكر والايثانول في البرازيل كمثال ناجح. وتأسست سانتليسا فالي من خلال اندماج مجموعتي سانتا اليسا وفالي دي ريساريو في العام الماضي.

وبعد اشهر قليلة اشترى بنك الاستثمار غولدمان ساكس حصة اقلية في المجموعة وتلاه احد بنوك التنمية في البرازيل. وكانت آخر خطوة مهمة للمجموعة التي تنوي طرح اسهمها في بورصة ساو باولو الصفقة مع بي.بي. وقال لويس بياجي الذي مازالت أسرته تمتلك حصة مسيطرة على المجموعة التي تنوي عصر 20 مليون طن من قصب السكر هذا الموسم «يتراجع الطابع الشخصي للشركات وتبتعد عن الناس. ولكن أعتقد أن بعض العادات ستستمر بشكل دائم».