«سوسيتيه جنرال» الفرنسي يفصل مساعد «كيرفيل» لسوء سلوكه المهني

انتقادات لرئيسه بسبب تجاهل الأخطار

جيروم كيرفيل أثناء ظهور خاص لممثلي الصحافة في باريس (رويترز)
TT

صب مساهمو بنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي جام غضبهم على رئيسه دانييل بوتون. وجاء ذلك أثناء الاجتماع العام السنوي الذي جاء بعد خمسة أشهر من فضيحة جيروم كيرفل الذي كلف البنك الفرنسي 7.7 مليار دولار نتيجة مضاربات خاسرة غير مصرح بها. ووجه أحد المساهمين الانتقادات لرئيس البنك قائلا «أنت مسؤول عن تحويل البنك إلى صالة مراهنات».

وردا على هذه الانتقادات أوضح بوتون في شرح توضيحي أن أسهم البنك دائمة الحضور بين أفضل قطاعات الأسهم المصرفية خلال السنوات الثماني الماضية.

ولكن محاولات بوتون بث الطمأنينة في نفوس المساهمين الثائرين في صالة الاجتماع المزدحمة منيت بالفشل، وصفق الحاضرون حين طرحت عليه بعض الأسئلة المحرجة، بينما طالب أحد المساهمين باستقالة بوتون. وأثناء الاجتماع، صرخ جين ريتشارد، أحد المساهمين الخصوصيين، والذي أكد أنه ظل عميلاً لنفس فرع «سوسيتيه جنرال» لمدة 36 عاماً، في وجه رئيس المصرف، قائلاً «ماذا تحسبوننا، هل تم تحديد مدى المسؤولية عما حدث على جميع مستويات الإدارة».

وتمسك رئيس البنك بمنصبه على غرار انتقادات الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي، ومع ذلك، تنازل عن دوره كمدير تنفيذي للمصرف لصالح فريدريك أوديا، مدير الشؤون المالية بالمصرف سابقاً. وأشار تقرير صادر عن البنك البى أنه تم فصل توماس موغارد، 23 عاما، وهو مساعد كيرفل المضارب السابق، مشيرا إلى أنه ربما يكون قد ساعد الثاني في تجميع مبلغ 78 مليار دولار لمضاربات غير مصرح بها. وأوضح محاميه أنه أُقيل «لسوء سلوكه المهني»، بينما أبان البنك في تقرير سابق أن 15 في المائة من مضاربات كيرفيل كانت مسجلة باسم مساعده. ولم يقتصر غضب المساهمين في المصرف على مجلس الإدارة، وإنما امتد ليشمل شركتي « إيرنست آند يانغ» و«ديلوات» للمحاسبة اللتين يستعين بهما المصرف. علت أصوات المساهمين الحاضرين في الاجتماع معربة عن غضبهم عندما قال أحد ممثلي فريق المحاسبة أنه راجع الحسابات ولم يجد بها أي «انحرافات». يذكر أن إجمالي عدد الحضور في الاجتماع، الذي انعقد بالقرب من مقر رئاسة مصرف سوسيتيه جنرال» بإحدى ضواحي باريس، بلغ حوالي 1500 شخص.

وبحسب وكالة «رويترز» في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، كشف «سوسيتيه جنرال» عن تعرضه لخسائر بقيمة 4.9 مليار يورو (7.7 مليار دولار) جراء صفقات تجارية غير مصرح بها أجراها كيرفيل. وبلغت خسائر المصرف درجة كبيرة من الضخامة، جعلت الفضائح التجارية الأخرى تتضاءل مقارنة بها، مثل الصفقات الزائفة التي أجراها نيك ليسون ونجم عنها انهيار مصرف «بارينغز» البريطاني الاستثماري عام 1995. وأشار كيرفيل في حديثه لوكالة «رويترز» إلى الأحداث الدرامية التي شهدتها الأيام القليلة الماضية في أعقاب تفجر الفضيحة التي احتلت العناوين الرئيسة بوسائل الإعلام على المستوى العالمي، موضحاً أنه تمكن من الهروب من الصحافيين عن طريق الاختباء داخل سيارة خالية من المقاعد الخلفية.

وعلى مدار عدة أيام اختفى من الساحة العامة عندما ظهرت أنباء الفضيحة، لكنه توجه بعد ذلك إلى قسم الشرطة للإدلاء بأقواله في التحقيق الجاري. وفي مارس (آذار) الماضي، تم إطلاق سراحه بعد تقدمه بالتماس لإعادة النظر في سجنه، لكنه لا يزال خاضعاً لتحقيق رسمي بناءً على اتهامات موجهة إليه بخيانة الثقة والتزوير، مؤكدا أن المصرف لا بد أنه كان مدركاً لنشاطاته التجارية. نشر البنك تقريرين داخليين حول التحقيقات التي يجريها بشأن كيفية تمكن المضارب الخاسر من تجاوز قيود المخاطرة وبناءه مركز مضاربي بقيمة 49 مليار يورو، تزيد على القيمة السوقية للمصرف. وألقى التقرير الثاني الذي نُشر الأسبوع الماضي باللوم على تدني مستوى أنظمة الرقابة والسيطرة في ما يتعلق بالفضيحة، منوها بتعمد المديرين تجاهل المخاطر القائمة. يذكر أن المصرف لم يعلم بشأن التعاملات التجارية الفاسدة حتى 18 يناير، رغم إظهار التقارير الداخلية أن «كيرفيل» أثار القلق عام 2007 لدى بورصة «يوركس» للمشتقات وصدر بشأنه ما يزيد على 70 تحذيراً. وتساءل الساهمون عن السبب وراء استمرار بيير موستيير، رئيس قسم الاستثمار المصرفي، في منصبه، متهمين الإدارة بتجاهل الأخطار، ومطالبين بالحصول على تعويضات، وذلك في إشارة إلى احتمالات تعرض المصرف لدعاوى قضائية ضده داخل كل من نيويورك وباريس. وتوحي الثورة المحدودة التي شهدتها جنبات «سوسيتيه جنرال» أن المساهمين شعروا بالمزيد من الجرأة نتيجة التقرير الذي صدر الأسبوع الماضي وأشار إلى حدوث إخفاقات من قبل الإدارة وتدني مستوى القيود والضوابط الداخلية في المصرف باعتبارهما السببين وراء إفلات جيروم كيرفيل من العقاب بعد قيامه بمراهنات فاسدة، على مدار فترة تجاوزت العامين. وفي الواقع، أسفرت الخسائر التي مُني بها البنك على يد كيرفيل عن تعريض المصرف لإمكانية شرائه من جانب أحد منافسيه، مثل «بي إن بي باريباس»، الأمر الذي دفعه لرفع رأسماله بقيمة 5.5 مليار دولار لدعم موقفه المالي، الذي لحق به الأذى أيضاً جراء خسائر ثانوية. واستبعد بنك «بي إن بي باريباس»، أكبر البنوك الفرنسية المدرجة بالبورصة، إمكانية تقدمه بعرض لشراء البنك المنكوب، على الأقل في الوقت الراهن. يذكر أن «بي إن بي باريباس» سبق أن حاول شراء «سوسيتيه جنرال» بالفعل عام 1999. من ناحية أخرى ومنذ بداية العام الجاري، تراجعت قيمة أسهم «سوسيتيه جنرال» بمقدار 28 في المائة. وأغلقت أسهم المصرف تعاملاتها عند مستوى 66.45 يورو، ليمثل بذلك ثاني أكبر مصرف فرنسي مدرج بالبورصة بقيمة 31 مليار يورو.