«الفاو» تضع خطة طارئة لحشد المعونة والاستثمار في الزراعة للدول الفقيرة

بان كي مون: العالم قد يحتاج إلى 20 مليار دولار لمكافحة الجوع سنويا

روبرت زوليك (يمين) وبان كي مون (يسار) يتصافحان أثناء جلسة قمة الغذاء (أ.ف.ب)
TT

بدأ ممثلو قمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) المنعقدة في العاصمة الإيطالية روما خلال ثاني جلسات القمة والتي تختتم فعاليتها اليوم، وضع خطة طارئة للقضاء على الجوع الذي يهدد نحو مليار شخص، وتقليص الحواجز التجارية وحشد المعونة والاستثمار في الزراعة في الدول الفقيرة ومساعده مزارعي العالم الثالث، بغض النظر عن التعارضات التي وردت في الكواليس حول مستقبل الوقود الحيوي. ودعا رئيس البنك الدولي روبرت زوليك خلال الجلسة أمس إلى رفع القيود التجارية المفروضة على الصادرات لأنها «تشجع ارتفاع الأسعار وتطال السكان الأكثر فقرا».

وأضاف زوليك خلال عرضه برنامجا من عشر نقاط «نحتاج إلى دعوة على المستوى الدولي لإلغاء القيود ورفع الحواجز الجمركية أمام الصادرات»، معتبرا ان «هذه المراقبة تشجع ارتفاع الأسعار وتطال السكان الأكثر فقرا في العالم الذين يكافحون من اجل الحصول على غذاء».

وأوضح في مؤتمر صحافي أن هذه الخطة تهدف إلى تحقيق نتيجة مزدوجة هي مكافحة «جوع ملايين الناس» و«تحويل ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى فرصة لتطوير قطاع زراعي عالمي».

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في كلمته الى إجراء مزيد من «الأبحاث والتحليلات» حول الوقود الحيوي، ولا سيما لتحديد تأثيرها على الأزمة الغذائية. وقال «اننا بحاجة ماسة الى إجماع دولي حول الوقود الحيوي، مع تحديد خطوط عمل واجراءات تجارية والقيام بمزيد من الأبحاث»، وأضاف «لا يمكن ان نسمح لأنفسنا بالفشل» في المعركة ضد الأزمة الغذائية، داعيا الدول إلى «التحرك الآن ومعاً».

وأوضح كى مون في تقرير عن الأمم المتحدة أنه ستكون هناك حاجة لنحو 20 مليار دولار لتعزيز إنتاج الغذاء لمكافحة الجوع في العالم سنويا والذي تفاقم بسبب ارتفاع أسعار الوقود والسلع الغذائية. وأضاف في مؤتمر صحافي في أن معظم هذه الأموال ستأتي من الدول المعنية نفسها. ومع هذا، فقد قال إنه ستكون هناك حاجة لمساهمات من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنوك التنموية. وقد تسلم كي مون عريضة وقع عليها أكثر من 300 ألف شخص من كافة أنحاء العالم يطالبون فيها قادة الدول بالتحرك سريعا وإجراء إصلاحات جذرية لإنهاء الأزمة. وقال الأمين العام «يجب أن نجعل نظام التجارة العالمي أكثر فعالية لتوفير المزيد من الطعام بأسعار مناسبة» ولدعم المحاصيل الزراعية خلال العام القادم عن طريق تقديم إمدادات عاجلة من البذور والأسمدة. وقد اختلف مندوبو الدول المشاركين في القمة حول دور الوقود الحيوي في رفع الأسعار إلى الحد الذي أدي لظهور أحداث شغب في بعض الدول. وأشار إلى أن استخدام الذرة والسكر وغيرهما من المواد العضوية في إنتاج الوقود الحيوي، الذي يستهلك الغذاء الذي يمكن أن يتغذى عليه البشر والحيوانات، هو أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، ولكن لم يتم تقييم أثره حتى الآن. وأفاد الأمين العام خلال المؤتمر نفسه «انها معركة لا يمكننا ان نخسر فيها، فالجوع يولد انعدام الاستقرار وعلينا ان نتحرك الآن ومعا». وفي الوقت نفسه وبحسب وكالة «رويترز» استبعد ايد شيفر، وزير الزراعة الأميركي، ان تسفر قمة أزمة الغذاء عن اتفاق بشأن الوقود الحيوي، وتوقع متاعب لدى صياغة الموضوع في البيان النهائي.

وأبلغ الصحافيين عبشكه في أن يكون هناك اتفاق إيجابي بشأن الوقود الحيوي في نهاية القمة، فيما اضطرت الولايات المتحدة والبرازيل الدفاع عن صناعتهما للوقود الحيوي في نهاية القمة. فيما أعلن برنامج الأغذية العالمي عن تخصيص مبلغ إضافي بقيمة 2.1 مليار دولار للمساعدة على مكافحة الأزمة الغذائية. وأوضحت المديرة التنفيذية للبرنامج، جوزيت شيران، خلال مؤتمر صحافي ان الأسواق مليئة بالمواد الغذائية، لكن الناس لا يملكون المال لشرائها، مشيرة الى ان هدف برنامج الغذاء العالمي أصبح تأمين المال للأفراد أكثر من تأمين الأغذية. ويشارك في القمة نحو 44 زعيم دولة وممثلون على مستوى رفيع من اجمالي 151 دولة، وتسعى القمة لبحث سبل مواجهة الآثار المترتبة على ارتفاع أسعار الغذاء. وجاء في مسودة اعلان قمة روما التي بدأت أول من أمس الثلاثاء وتستمر ثلاثة أيام «نلتزم بالقضاء على الجوع وتأمين الغذاء للجميع اليوم وغدا».

وأبان وزير الزراعة النيجيري، سيادي ابا روما، أن أزمة الغذاء العالمية هي نوبة صحيان لأفريقيا لبدء ثورة خضراء تأخرت طويلا»، مضيفا أنه «كل ثانية يموت طفل من الجوع. الآن هو وقت التحرك، كفانا رطانة والى مزيد من العمل». ويقدر البنك الدولي ووكالات المعونة ان ارتفاع أسعار الغذاء قد يرفع عدد من يكابدون الجوع بواقع 100 مليون بالإضافة الى 850 مليون يعانون من الجوع بالفعل.

وتضاعفت أسعار السلع الغذائية الرئيسية خلال العامين الماضيين، وسجل الأرز والذرة والقمح مستويات قياسية. وسجلت بعض الأسعار أعلى مستوياتها في 30 عاما بعد حساب عامل التضخم مما قاد لاحتجاجات وأعمال شغب في بعض الدول النامية حيث ينفق السكان أكثر من نصف دخلهم على الغذاء. وتقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس ان متوسط أسعار الغذاء العالمية سوف تتراجع من مستوياتها القياسية الحالية ولكنها ستظل في العقد المقبل أعلى بنسبة 50 في المائة مما كانت عليه في السنوات العشر الماضية. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن تفاؤله من قبل القمة، وتحقيقها نجاحا فعليا. وأضاف قائلا للصحافيين «هناك بالفعل عزيمة واضحة ومشاركة في الاحساس بالمسؤولية والتزام سياسي بين الدول الأعضاء لأخذ الخيارات الصائبة والاستثمار في الزراعة خلال السنوات المقبلة.

أعلنت رئيسة منظمة الصحة العالمية أن اكثر من 20 دولة تعاني بالفعل من مشكلات خطيرة تتصل بسوء التغذية وعرقلة النمو نتيجة أزمة الغذاء التي أخرت جهود مكافحة الفقر لسنوات. وأوضحت المديرة العامة للمنظمة الدولية، مارغريت تشان، ان ارتفاع أسعار السلع الأولية يهدد حياة المرضى والحوامل والأطفال.وقالت ل«رويترز»: «بدأنا بالفعل نرى مؤشرات تدل عن قرب وصول عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع في العالم الى مليار شخص وأضافت قائلة ان المزيد من الناس سيموتون من «انواع مختلفة من الامراض» اذا تفاقمت المشكلة. وأضافت أن مرضى فيروس «الايدز» وغيره من الامراض التي تدمر الجهاز المناعي يحتاجون لتغذية مناسبة للبقاء في حالة صحية جيدة. ويشارك كوفي عنان، الأمين العام السابق للامم المتحدة، في مؤتمر روما لتوقيع اتفاق مع وكالات الاغاثة التابعة للأمم المتحدة من أجل بدء حملة جديدة لزيادة الانتاج الزراعي في افريقيا.

وقال عنان الذي يرأس تحالف الثورة الخضراء في افريقيا «اجرا»: «نأمل باطلاق ثورة خضراء في افريقيا تحترم التنوع البيئي والمنطاق المميزة للقارة».

وقد زادت أسعار النفط المرتفعة من الاهتمام بالوقود الحيوي الذي ينحي عليه كثيرون باللوم لتنافسه على الحبوب والبذور الزيتية المستخدمة في انتاج الغذاء مما يقود لارتفاع الاسعار. وتوجه الولايات المتحدة نحو ربع انتاجها من الذرة لانتاج الايثانول بحلول عام 2022. ويعتزم الاتحاد الأوروبي توفير 10 في المائة من وقود السيارات من الطاقة الحيوية بحلول عام 2020.