مجموعة الثماني تفشل في تحديد أسباب ارتفاع النفط.. وتكلف صندوق النقد بـ«تقصي» الحقائق

«المضاربات» من أسباب الخلافات والدولار الحاضر الغائب * صعود أسعار المواد الأولية يشكل تهديدا للاقتصاد العالمي

صورة جماعية لوزراء مالية مجموعة الثماني أمس (ا.ف.ب)
TT

لا توجد حلول سريعة لارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية، هذا ما خلصت إليه اجتماعات وزراء مالية مجموعة الثماني في مدينة أوساكا اليابانية، التي اختتمت أعمالها أمس، رغم ان خلافات ظهرت حول دور المضاربين في تفاقم ارتفاع الأسعار. وتحت ضغط من بعض الوزراء، بمن فيهم وزير المالية الإيطالي، وافقت مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى على إجراء دراسة لجنة من صندوق النقد الدولي للنظر في تأثير المضاربات على إمدادات النفط.

أكد وزراء مالية مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى أمس أن ارتفاع أسعار النفط والسلع يشكل تهديدا للاقتصاد العالمي. إلا إنهم فشلوا في تحديد أسباب ارتفاع أسعار النفط، ولكنهم ارجأوا اتخاذ إجراءات محددة إلى أن يجرى مزيد من التحليلات للأسباب التي ساهمت في ارتفاع الأسعار، وكلفوا صندوق النقد الدولي بتقصي أسباب ارتفاع أسعار النفط، خاصة في ما يتعلق بدور المضاربات.

وطلب وزراء مجموعة الثماني من صندوق النقد الدولي والوكالة الدولية للطاقة تحليل «العوامل الفعلية والمالية خلف الارتفاع الأخير في أسعار النفط وتقلباتها»، على ان يسلمهم صندوق النقد الدولي تقريرا بهذا الصدد خلال جمعيته العامة المقبلة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

يذكر أن مجموعة الثماني تتألف من الدول السبع الأكثر ثراء في العالم، الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا وإيطاليا ـ فضلا عن روسيا.

وتأمل الدول الثماني التي تختلف في تشخيص أسباب ارتفاع أسعار النفط، ان يبت الصندوق ما بين الطرح الذي يحمل المضاربين المسؤولية الكبرى عن الوضع الراهن، والطرح الذي يعتبر ارتفاع الأسعار ناتجا عن مستوى غير كاف من الإنتاج.

وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس ـ كان، الذي وافق على إجراء التحقيق «ليس الأمر واضحا إطلاقا. إننا بحاجة الى إجراء دراسة للرد على هذا السؤال». أما وزير المالية الياباني فوكوشيرو نوكاغا فقال في ختام الاجتماع «وردت أراء كثيرة، لكن الإحساس السائد هو ان أحدا لا يعرف حقيقة ما يجري فعليا».

وقال رئيس صندوق النقد الدولي، إن العديد من الدول الأعضاء في مجموعة الثماني تعتقد بأنه من الضروري بحث ما إذا كانت المضاربات هي التي تدفع الأسعار إلى أعلى، بينما كان وزير الخزانة الأميركى هنري بولسون حازما في اعتقاده بعدم وجود تأثير للمضاربات. وأكد بولسون ان من «الخطأ» اعتبار المضاربات السبب الرئيسي لارتفاع أسعار النفط وان الظاهرة ناجمة عن مسألة «العرض والطلب».

ونفى أن يكون تراجع العملة أحد العوامل وراء ارتفاع أسعار الطاقة العالمية. وأوضح بولسون أنه في محادثاته مع وزراء مالية مجموعة الثماني قال عدد منهم ان ارتفاع أسعار السلع الأولية يستغل للتحوط من التضخم. وقال ردا على سؤال بشأن ما إذا كان تراجع العملة الاميركية عاملا رئيسيا وراء صعود أسعار النفط: «لا أعتقد أن لهذا صلة بالدولار».

وعاد الوزير الياباني نوكاجا للقول للصحافيين «هناك أسباب مختلفة»، في حين أشار ستراوس ـ كان بقوله «الارتفاع في أسعار السلع له العديد من الأسباب... الطلب قريب للغاية من العرض في حده الأقصى». وقال وزراء المالية في بيانهم الختامي إن «أسعار السلع المرتفعة، خاصة النفط والغذاء، تشكل تحديا خطيرا لاستقرار النمو في مختلف أنحاء العالم فضلا عن التداعيات الخطيرة على أولئك الأكثر عرضة للخطر وربما يزيد من الضغوط التضخمية العالمية».

وأضاف الوزراء في ختام اجتماع استمر يومين في مدينة أوساكا اليابانية، أن ارتفاع الأسعار قد يعزز أيضا ضغوط التضخم العالمية. وقالوا ان الاقتصاد العالمي لايزال يواجه حالة من عدم اليقين، لكنهم أضافوا أنهم مازالوا متفائلين بشأن المرونة طويلة الأمد للاقتصادات الغنية والصاعدة على حد سواء.

وحث وزراء مالية مجموعة الثماني الدول المنتجة للنفط على زيادة إنتاجها وزيادة الشفافية في سوق النفط من أجل الإبطاء من أسعار النفط الخام الآخذة في التصاعد بسرعة صاروخية.

وقال وزراء المالية إنه يمكن جعل سوق النفط «أكثر كفاءة من خلال التشجيع على مزيد من الشفافية والمصداقية في بيانات السوق، بما في ذلك الأرصدة النفطية»، وفي ما يتعلق بحجم التدفقات النقدية على الأسواق النفطية.

واعتبروا ان السوق النفطية ستكون في وضع أفضل لو ان هناك «مزيدا من الشفافية والصدقية في المعلومات بشأن السوق، لاسيما حول المخزون (..) وحجم التدفق المالي الى السوق»، ما يلتقي مع الرأي الذي يعتبر المضاربة مسؤولة عن ارتفاع الأسعار، وبينها ايطاليا وألمانيا وفرنسا.

وتابع البيان مؤيدا طرح الدول التي ترى السبب في العرض غير الكافي ولا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا «نحض جميع الدول المنتجة على زيادة إنتاجها والاستثمار بهدف زيادة قدرات التكرير».

واقترحت ايطاليا على دول المجموعة الأخرى إقرار زيادة كبيرة في الودائع الإلزامية لقاء الاستثمار في الأسواق النفطية، غير ان هذا الاقتراح قوبل بحذر.

ورأت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد، التي طرحت فكرة تكليف صندوق النقد الدولي إجراء تحقيق وشددت على ان يكون النفط من المواضيع الرئيسية.