هل يخترق الذهب حاجز الألف دولار مرة أخرى؟

مع استمرار الضغوط التضخمية وتقلبات الأسواق وصعود أسعار النفط

TT

أغلقت أسعار الذهب في العقود الآجلة عند أعلى مستويات لها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، حيث ساهم تزايد المخاوف من التباطؤ الاقتصادي العالمي، خصوصا في ظل صعود أسعار النفط، فضلا عن انخفاض إنتاج الذهب في جنوب أفريقيا، في رفع أسعار المعدن الأصفر فوق حاجز الـ900 دولار للاونصة (الأوقية) الواحدة، مع نهاية تعاملات الأسبوع في البورصات العالمية. وبحسب العديد من المحللين فانه في المدى المتوسط، من المرجح صعود كبير في أسعار الذهب خلال الأشهر المقبلة، نتيجة ترافق تنامي الطلب على الذهب كملاذ آمن مع تراجع الانتاج وتناقص المعروض من الذهب من معظم المنتجين الرئيسين، وخاصة في جنوب أفريقيا. وفي هذا السياق لامست عقود الذهب تسليم شهر أغسطس (آب) سعر 910.50 دولار للاوقية في بورصة نيويورك التجارية، قبل أن يغلق عند 904.20 دولار، وفي بورصة لندن عند 907.50 للأوقية. وهذا هو الصعود الأقوى منذ 28 مايو (أيار). وفي المقابل أنهى الخام الأميركي الخفيف لعقود يوليو (تموز) التي انتهى تداولها عند الإغلاق يوم الجمعة جلسة التعاملات في بورصة نايمكس بنيويورك، مرتفعا 2.69 دولار أو 2.04 في المائة إلى 134.62 دولار للبرميل. وفي لندن أغلق خام القياس الأوروبي مزيج برنت مرتفعا 2.86 دولار أو 3.17 في المائة إلى 134.86 دولار للبرميل.

ومع اختراق الذهب حاجز الـ900 دولار للاونصة، وعودة صعود النفط الى نحو 135 دولارا للبرميل، فان نسبة النفط الى الذهب (بقسمة سعر الذهب على النفط (gold/oil ratio، تبلغ حاليا نحو 6.7، ولكن المتوسط على مدى العقود الأربعة الماضية كان يراوح حول 15.

فهل يعني ذلك ان أسعار الذهب تعتبر منخفضة؟ أو ربما أن أسعار النفط مرتفعة أكثر من اللازم وبالتالي فإنها ربما تتراجع بحدة وبسرعة. في الحقيقة فان الضغوط التضخمية والتقلبات المالية في الأسواق ربما تدفع المستثمرين الى البحث عن ملجأ آمن في المعدن الأصفر بوصفه مستودعا للقيمة. وقد جرت العادة تاريخيا على ان تكون قيمة الذهب مرتبطة بحركة الدولار، إلا ان تحولا كبيرا في ضعف العملة الأميركية من شأنه ان يحد من جاذبيته. وهنا قال ريتشارد ديفيس، مدير الثروات في مؤسسة «بلاك روك» في لندن لـ«الشرق الاوسط»: «هناك فرصة جيدة قد يعود الذهب للصعود إلى 1000 دولار في الأجلين القصير والمتوسط».

وقد دفع ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية، مترافقا مع ضعف الدولار والاضطرابات في القطاع المصرفي، التي أشعلتها الضغوط الائتمانية، الذهب الى مستوى قياسي 1030.80 دولار للاوقية في 17 مارس (آذار) الماضي. ومنذ ذلك الحين انخفض الذهب بشكل كبير وبات غير قادر على اختراق حاجز الـ900 دولار رغم ملامسة أسعار النفط العالية لسعر 140 دولارا للبرميل. ولكن في الآونة الأخيرة بعد ان سلط بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) في الولايات المتحدة والمصرف المركزي الأوروبي الضوء على الضغوط التضخمية من شأنه ان ينعش الذهب مجددا، كما يقول المحللون. وهنا عاد ديفيس للقول «نحن نتجه الى أوقات تضخمية والذهب كان دائما من الأصول الآمنة لحماية الثروات ضد التضخم. مع صعود أسعار النفط إلى مستويات قياسية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فان شبح الخوف من تسارع معدلات التضخم يخيم على المستثمرين أكثر من أي وقت مضى».

لكن محللين آخرين يعتقدون ان ضعف الطلب على الذهب وإمكانية تحسن الدولار في المدى الطويل من الأسباب التي قد تجعل الذهب يفقد الزخم المطلوب لرحلة صعود جديدة من اجل اختراق حاجز الألف دولار للاونصة.

وفي هذا الإطار قال ستيفن بريغز محلل المعادن في بنك سوسيتيه جنرال «تشير الأدلة المتوفرة عن نتائج الربع الحالي الى ان الانخفاض في الطلب، خصوصا في السوق الهندية التي تمثل 20 في المائة من الطلب العالمي، ربما يفقد الذهب بريقه».

وتابع بالقول «أنا متأكد ان وصول الذهب الى حاجز الـ 1000 دولار للاونصة أمر ممكن، ولكننا بحاجة الى الدخول الى مناطق جديدة بالنسبة لقيمة الدولار ونحن لم نصل الى تلك النقطة بعد».

وعلى الجهة الأخرى يرى مايكل لويس، رئيس القسم العالمي للسلع الأساسية في «دويتشه بنك» ان استمرار ارتفاع أسعار النفط، يمكن ان يستمر في تقديم الدعم للذهب، عبر تسليط الضوء على أخطار التضخم وممارسة الضغط على الاقتصادات العالمية.