«المضاربون» تحت مجهر اجتماع جدة للطاقة

وسط جدل حول دورهم في رفع أسعار النفط

TT

يبدو أن صناديق الاستثمار والمضاربين من التجار العالميين بالعقود الآجلة في أسواق البترول، سيسلط الضوء عليهم باعتبارهم أحد «المتهمين» الأساسيين في صعود أسعار النفط العالمية إلى مستويات تاريخية.

وبينما يشار الى الطلب المضطرد والنقص في قدرات التكرير على أنهما سببان رئيسيان لارتفاع الأسعار، تلقي بعض الدول باللوم على الصناديق الاستثمارية التي تقوم بتكهنات ومضاربات حول مستقبل أسعار النفط، وحول وضع السوق، فيما لامس سعر برميل النفط في الأيام الماضية، عتبة 140 دولارا.

وتدعو وثيقة عمل مطروحة أمام اجتماع جدة حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها، الى «تعزيز شفافية وتنظيمات الأسواق المالية». وتشير الوثيقة بشكل خاص الى ضرورة اتخاذ تدابير لجمع المزيد من المعلومات حول عمل مؤشرات الصناديق الاستثمارية.

وقال مسؤول دولي رفيع في مجال الطاقة، يشارك في اجتماعات جدة لوكالة فرانس برس، ان هذا الجزء من الوثيقة المطروحة «مثير للجدل لدرجة كبيرة» لأن دول مستهلكة كبيرة مثل الولايات المتحدة لا تعتقد ان المضاربين يتحملون المسؤولية الأكبر.

وتعتبر الوثيقة ان الصناديق الاستثمارية التي تصدر مؤشرات، إضافة الى المستثمرين الآخرين، تجري «تقييما غير واقعي» لمستقبل قيمة النفط.

وذكر المسؤول الرفيع ان هذه الإشارة القوية الى الصناديق الاستثمارية قد يتم تلطيفها في البيان الختامي لاجتماع جدة حول الطاقة، بسبب معارضة الولايات المتحدة وبعض الدول الصناعية الكبرى الأخرى. وقال وزير الطاقة الاميركي صامويل بودمان أمس، عشية اجتماع الدول المنتجة والمستهلكة للنفط في جدة (السعودية)، انه لا يوجد دليل على ان المضاربات هي السبب في ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية.

وقال بودمان في مؤتمر صحافي في جدة «لا يوجد دليل على ان المضاربين هم من يقود الأسعار» على عكس ما تؤكده باستمرار الدول المصدرة للنفط. واضاف بعد أن لامس سعر برميل النفط عتبة 140 دولارا خلال الايام الماضية «ان هذا المال يتبع التطورات في الأسواق ولا يقودها».

من جهته، قال إبراهيم المهنا مستشار في وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية، في مؤتمر صحافي الجمعة في جدة «ان بروز لاعبين جدد قد جعل من الإشارة الى سبب محدد (للازمة) أمرا أكثر صعوبة». وجدد المهنا التأكيد، ان المضاربة هي السبب الرئيسي الكامن خلف ظاهرة ارتفاع أسعار النفط. وتدعو الوثيقة المطروحة أمام الاجتماع الى تحسين عمليات جمع المعلومات من قبل هيئات مثل «أوبك» ووكالة الطاقة الدولية والمنتدى الدولي للطاقة، وذلك بهدف «تعزيز الشفافية» وإجراء تقييم أفضل لـ«تأثير أسواق المال على مستوى وأسعار النفط وتذبذبها، وهو أمر يمكن الاستفادة منه لتعزيز فهم وضع السوق».

وقال المسؤول الدولي في مجال الطاقة لوكالة فرانس برس، ان التقديرات المختلفة والمتعددة للإنتاج ولحاجات المستهلكين من قبل مجموعات مختلفة «تبعث بمؤشرات متناقضة للسوق» ما يعزز المخاوف حول الإمدادات.

وتدعو الوثيقة الى تحرك دولي لـ«الحد من المخاوف» والى اتخاذ «التدابير اللازمة لضمان استقرار واستدامة نظام الطاقة».

وتشدد الوثيقة أيضا على ضرورة رفع القدرة في مجال التكرير فيما تؤثر عوامل مثل ارتفاع التكلفة وتشديد القوانين والمعايير البيئية على الاستثمارات المخصصة لرفع القدرة التكريرية.

كما تعتبر الوثيقة ان «القدرة الإنتاجية الاحتياطية على امتداد شبكة الإمدادات مهمة لضمان استقرار أسواق النفط العالمية، ولذلك فإن رفع الاستثمارات في عمليتي الانتاج والتكرير، ضروري لضمان تزويد الأسواق بطريقة مناسبة وضمن مهلة زمنية ملائمة». ومن المتوقع ان يدعو البيان الختامي للاجتماع الى مساعدة اكبر من قبل الحكومات والمؤسسات والمجموعات الإقليمية، لـ«التخفيف من تداعيات أسعار النفط المرتفعة على الدول الأقل نموا». وخلص المسؤول الدولي في مجال الطاقة الى القول «نريد ان نهدئ الأسواق. السعودية مهتمة جدا بالموضوع. ان السعوديين يريدون فعلا إرساء الاستقرار (في أسواق النفط) لأنه إذا دخل الاقتصاد العالمي في مرحلة انكماش، فإن ذلك سيؤثر كثيرا على الطلب».

من جهته دعا وزير الاقتصاد الألماني مايكل غلوس، في مقال تنشره صحيفة «بيلد ام سونتاغ» الى «الإسراع» في ضخ المزيد من النفط في السوق. وكتب الوزير الألماني المحافظ «إننا بحاجة سريعة الى المزيد من النفط في السوق العالمية، بهدف وقف حلقة ارتفاع الأسعار في محطات البنزين» التي تتجاوز «كل حدود المحتمل».

وبالنظر الى ارتفاع أسعار النفط التي تهدد الاقتصاد العالمي، لفت الوزير الى «وجوب تحسين الشفافية في الأسواق النفطية الدولية، إنها الطريقة الوحيدة للخروج من مستنقع المضاربات هذا».