رئيس إداريي شركة «معادن»: السعودية تكتنز 3 مليارات طن من «الفوسفات» يكفي لأكثر من 100 عام و1000 موقع لاستخراج الذهب

الدباغ لـ «الشرق الأوسط»: لن تكون هناك أرباح سنوية تعادل حجم الاستثمارات الموجودة في الوقت الراهن

د. عبد الله الدباغ
TT

أكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد الله بن عيسى الدباغ رئيس وكبير الإداريين في شركة التعدين العربية السعودية «معادن» أن طبيعة عائد الاستثمار في شركات التعدين يحتاج إلى وقت طويل، مؤكدا أن الأرباح السنوية لن تعادل حجم الاستثمارات الموجودة لـ «معادن» خلال المرحلة الحالية. وعاد الدباغ للتأكيد على أن حجم الاستثمارات التي تقوم عليها «معادن« حاليا تفوق 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) مستندة على مشروعات عملاقة وضخمة تبرز من أهمها مشروعي «الفوسفات» و«الألومنيوم»، مشددا في ذات الوقت على أن «معادن» متجهة لحصد عملها طوال السنوات الماضية مع بدء جني العوائد المالية الفعلية مع قرب تصدير وتسويق منتجات المشاريع العملاقة خلال عام 2010. وتتأهب «معادن» مطلع يوليو (حزيران) المقبل لطرح 462.5 مليون سهما للاكتتاب العام تمثل 50 في المائة من أسهمها، حيث سيخصص جزء منها للصناديق الاستثمارية والأشخاص بينما سيتم طرح السهم بسعر 20 ريال تمثل القيمة الاسمية وعلاوة الإصدار. وحول التأهب لطرح «معادن» للاكتتاب العام وتقييم سعر السهم، قال الدباغ إنه تم تقييم سعر سهم «معادن» من قبل بنوك عالمية وشركات استشارية متخصصة وعلى هذا الأساس عرض التقييم على الدولة ـ المالكة للشركة ـ وأصدر هذا القرار من قبل الدولة 100 في المائة، مشيرا إلى أنه مناسب وعادل، مبررا أنه عند النظر لعناصر وأهمية المشروع كأسعار ثنائي الألمونيا والفوسفات عالميا يمكن تصور أن تكون شركة معادن رئيسية وسيجد المستثمر ما يريده في هذه الشركة. وأفاد الدباغ أثناء مؤتمرا صحافيا عقد أمس للإعلان عن الطرح، عن وجود كميات ضخمة من الفوسفات تكنزها الأراضي السعودية تحت أراضيها تقدر 3 مليارات طن يكفي لأكثر من 100 عام مما يزيد من تفعيلها وتسخيرها لصالح البلاد كما هو قائم حاليا بدعم إنشاء سكة الحديد التي تربط شمالي السعودية بسواحل الخليج العربي في رأس الزور، مؤكدا أن العمل سار وسيتم الانتهاء منه في موعده.

وأفصح خلال حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» أن شركة «معادن» متجهة قريبا نحو تأسيس شركة جديدة تنضم إلى الشركات الموجودة حاليا وهي شركة معادن للفوسفات، وشركة معادن للمعادن النادرة، وشركة معادن للذهب، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد إنشاء شركة جديدة في «المعادن الصناعية» في الوقت الذي ستتجه في الشركة لبدء مرحلة استكشاف مكثف لـ «المعادن النادرة».

وشدد رئيس الإداريين في «معادن» بالقول «يجب ألا يتوقع الناس أن يكون هناك أرباح سنوية تعادل حجم الاستثمارات الموجودة. تلك الاستثمارات تعادل 50 مليار ريال، لا تزال مشاريعها تحت الإنشاء والتطوير وهناك عدد من السنوات قبل بدء التدفقات النقدية الإيجابية التي يمكن أن نوزع منها أرباح مناسبة».

وفي جانب متصل، ذكر الدباغ أن الجزء الوحيد الذي يحقق ربحا لشركة معادن حتى الآن هو الذهب، الذي لا يزال حجمه محدودا، مفيدا بأن الإنتاج سيزيد إلى 300 ألف أونصة خلال 3 إلى 4 سنوات مقبلة في وقت لا يزال العائد محدود بالنسبة لحجم الشركة.

وأفصح الدباغ أن أشرس التحديات التي تواجه الاستكشاف عن الذهب هو عدم وجود البنى التحتية لأنها في مناطق نائية ولا تتوفر بها البنى التحتية، مبينا أن كميات النحاس والزنك والفضة محدودة مستطردا عن توقعه بوجود كميات جيدة مع توسع استكشاف مناجم جديدة.

وزاد الدباغ أن «في السعودية 1000 موقع يرشح أن يكون فيها ذهب بالسعودية، ولكن لتقدير كميته في كل موقع، تحتاج إلى عمليات حفر مكثفة وتحليل للعينات حتى نستطيع أن نحدد الكميات الموجودة، حيث تعتبر منتج ثانوي فكمياتها محدودة ليست كبيرة، ولكن الهدف الأساسي هو استخراج الذهب».

إلى ذلك، طمأن رئيس شركة «معادن» على مستقبل الشركة بالتأكيد على أن أسعار المواد التي ستنتجها «معادن» للأسواق العالمية ترتفع ومرشحة للارتفاع بالاستناد إلى توقعات الشركات الاستشارية العالمية التي قدرت أن تستمر أسعارها لمدة طويلة قادمة، وهو ما يؤكد ترقب عائد أعلى.

وأفصح الدباغ أن مشروع الألومنيوم سينتج بين 15 و 17 في المائة من الإنتاج العالمي في مادة «أمونيا الفوسفات» وهذا يكشف عن ضخامته، مفيدا بأن إمكانية مضاعفة طاقة المشروع مرتين أو ثلاث مرات، لما له من إمكانيات للعمل في الصناعات الناتجة عنه من الأحماض والمواد التي يمكن أن تكون صناعات صغيرة تتلاءم وتتواءم مع الصناعات البتروكيماوية القائمة ويمكن أن يستفيد منها القطاع الخاص في مشاريع صغيرة ومتوسطة مما يفتح مجال لتوسيع قاعدة الصناعة السعودية.

ويرى الدباغ أن «معادن» بين مشروع «الفوسفات» الذي سيبدأ الإنتاج فيه خلال العام 2010 و«الألومنيوم» الذي سيبدأ الإنتاج في العام 2012، تضع نفسها كركيزة ثالثة للصناعة الأساسية بعد «أرامكو« و«سابك«، متوقعا أنها ستكون ثاني أكبر تنويع لمصادر الدخل بعد الصناعة البتر وكيماوية.

وفي صدد متصل، قال الدباغ حول مشروع سكة الحديد «نحن نعمل بتعاون جيد مع صندوق الاستثمارات العامة المشرف على إنشاء المشروع، وتم ترسية كل الأجزاء المتعلقة بسكة الحديد التي ستخدم عمليات التعدين، هناك أجزاء أخرى ليس لمعادن علاقة فيها كما هو الحال مشروع الطريق الحديدي بين القصيم والرياض وهذه كما هو معروف لم يرسى كمشروع، وهناك أسباب وجيهة بينها صندوق الاستثمارات العامة، أما الطريق من حزم الجلاميد إلى الزبيرة إلى رأس الزور، فهذه المشاريع ماضية تحت الإنشاء ونحن نراقب باستمرار عمليات التقدم في التنفيذ، ويبدو من المؤشرات أن التنفيذ يسير بحسب المقرر له».

وكشف الدباغ أن أراضي المملكة تكتنز كميات ضخمة من الفوسفات قد تتعدى 3 مليارات طن وهو ما يكفي لأكثر من 100 عام، فالفوسفات سيكون هناك لفترة طويلة، مبينا أن الاستفادة ستكون عالية من مادة الفوسفات مع وجود عوامل مساندة حيث وجود الكبريت والغاز والطاقة مما يقرب من أمامكن التصدير الموجود فيها هذه المادة. ولفت الدباغ إلى أن المنافسين الرئيسيين عالميا في إنتاج الفوسفات يعانون حاليا من ارتفاع التكلفة وعدم وجود كميات وافرة بينما في حالة وجودها هناك نقص في بعض العناصر سواء الكبريت أو الأمونيا، وهو الأمر الذي لا تشتكي منه «معادن» بل لديها وفرة منه وسنكون من الشركات الرائدة والأقل تكلفة تسويق.

ووصف الدباغ شراكة «معادن» مع الشركة العالمية «ريوتنتو ـ آل كان» حيث ذكر بدأنا عمليات البحث عن شريك في كافة أنحاء العالم، وجدنا أن أفضل شريك هو شركة «آل كان» الكندية، والسبب أنه سبق أن اشتروا شركة فيشينر الفرنسية التي تحتوي على أفضل تكنولوجيا موجودة في مجال الصخر، كما وجدنا أنها شركة تشاطرنا في الكثير من التوجهات الأخرى، والذي حدث أن ريو تنتو استحوذت وأصبحت هي الشركة المالية لـ آل كان، ولكنها أعطت الأخيرة تقريبا الإشراف الكامل لمشروع الألمونيوم، وبالمناسبة وجود شركة ريو تنتو، يضيف لطبيعة شركة معادن حيث أن الشركة البريطانية لديها تقنية مهمة في مجال الألومنيوم، فوجود الاثنتين أضاف إلى الشراكة قيمة ميزة. ولم تتغير الاشتراطات، بل نحن ماضون في المشروع حتى نصل إلى اقتصاديات واضح، والشريكين ملتزمين بتنفيذ المشروع الذي يسير على أفضل حال.

وأضاف رئيس «معادن» أن مشروع سكك الحديد سيسهم في نقل 4 مليون طن من خام «البوكسايت» إلى رأس الزور التي ستستقبلها بمصهر لإنتاج الألومنيوم وهو أول وأكبر مشروع متكامل رأسيا من المعدن إلى الحجر يتم في أي تاريخ في العالم.

وأشار الدباغ إلى أن مشروع معادن للفوسفات، سيستفاد منه في المدينة الصناعية برأس الزور، لعمل صناعة الأسمدة الفوسفاتية وهذا أكبر مشروع من نوعه في العالم، منتظم من المواد الخام وحتى الأسمدة الفوسفاتية، حيث يشمل منجم في الشمال ينتج 10 مليون طن من الفوسفات، كما يعمل على تصفية الخام وينتج بين 4 و4.5 مليون طن من الخام ينقل عبر سكة الحديد إلى المجمع التعديني الذي يحوي على أكبر مصنع في العالم لإنتاج الحامض الكبريتي، أكبر مصنع في العالم لإنتاج حامص الفوسفوري، أكبر مصنع في العالم لإنتاج الأمونيا، وأكبر مصنع في العالم أمونيا الفوسفات المادة المطلوبة في الدول التي تعمتد على الزراعة ولديها طلب كبير مثل في الصين والهند، لا سيما أن النقص الغذائي الموجود في العالم تضاعفت أسعار مادة ثنائي أمونيا الفوسفات، وأصبح المشروع سيكون له نتائج مهمة.

وتوقع الدباغ أن يكون للسعودية أهمية استراتيجية إذ ستكون من الدول المهمة جدا في توفير الأسمدة الفوسفاتية في العالم وبالتالي توفير الغذاء لعدد كبير في دول العالم، ويدعم المنتج النفط، ويبين ثقل وأهمية السعودية في الاقتصاد العالمي.