رئيس الوزراء البريطاني يشدد على إيجاد طريقة جديدة لاستقرار سوق النفط في العالم

نائب الرئيس الصيني يدعو الدول المنتجة والمستهلكة إلى تعزيز الحوار والتعاون في ما بينها

TT

ناشد رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون في كلمته أثناء اجتماع جدة للطاقة أمس، الدول المجتمعة إلى إيجاد طريقة جديدة لاستقرار سوق النفط في العالم وتأمين الطلب مستقبلا على هذه السلعة المهمة والحيوية، مشيرا إلى أن أوضاع سوق النفط تتسم أحيانا بعدم الاستقرار، لذا لا بد من إيجاد طريقة للتغلب على ذلك، ودعا إلى التعاون بين الدول المصدرة والمستهلكة في عمل مشترك تتضافر فيه الجهود بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة لحل هذه المشكلة بتقليل الطلب ولو جزئيا على هذه السلعة.

وشدد على مسألة ترشيد الطاقة واعتبرها من أهم العوامل التي تؤدي إلى خفض أسعار النفط إلى جانب خفض أسعار نقل النفط من مكان لآخر لتنخفض إلى حوالي 40 في المائة من تكلفتها الحالية في السنوات القليلة المقبلة.

وأكد على ضرورة تكاتف الجهود العالمية وتنويع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على المصادر التقليدية وحدها، مما يعطي للدول المصدرة للبترول الفرصة للحفاظ على احتياطياتها من النفط للأجيال القادمة، وأشار إلى أن بلاده تتبع سياسة مفتوحة تتسم بالشفافية في المعطيات والتعامل مع الاستثمارات في مجال الطاقة، وقال براون «إن كل ما نحتاجه في سوق النفط العالمية هو الاستقرار في أسعار النفط كما يجب أن تفتح الدول المصدرة للنفط المجال أمام الاستثمارات الكبيرة في مجال النفط وإتاحة الفرصة للدول المستهلكة للاستفادة منها».

وأضاف «سنقوم أيضا بدراسة العوامل المالية وأثرها في استقرار سوق النفط، ويجب أن يشارك البنك الدولي بشكل فاعل في تخفيف الحد على الدول النامية والدول غير القادرة على مواكبة الأسعار فهذه مشكلة ذات صفة عالمية لا يجب التعامل معها بصفة فردية عن كل دولة على حدة» وأكد رئيس وزراء بريطانيا أهمية تدخل الزعماء السياسيين في الدول المعنية وتكاتف جهودهم من اجل الخروج بحلول تساعد جميع دول العالم من هذه الأوضاع.

من جانبه ألقى نائب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، كلمة نوه فيها بالجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية للتحضير والترتيب لهذا المؤتمر.

وقال «لقد شهدت الفترات الأخيرة ارتفاعا كبيرا في أسعار النفط وهو ما اثر على الاقتصاد العالمي وأثار اهتماما واسعا، والوضع الحالي يشكل تحديات صعبة للدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء».

وأوضح أن مواجهة هذه التحديات تأتي عن طريق الجهود المشتركة من قبل الدول المنتجة والمستهلكة وتعزيز الحوار والتعاون في ما بينها واتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من هذا الارتفاع في الأسعار.

وأشار المسؤول الصيني إلى أن هذا المؤتمر والذي يأتي انعقاده في الوقت المناسب يتيح للجميع التباحث حول سبل استقرار أسواق النفط العالمية من حيث الإنتاج والإمدادات والاستهلاك، وقال «إن الطاقة من ابسط مقومات الحياة الإنسانية والاستخدام الأمثل للطاقة يكتسب أهمية قصوى بالنسبة للتنمية المستدامة لاقتصاد عالمي ومجتمع إنساني».

وأكد أن قضية الطاقة قضية عالمية وضمان أمنها يعد ضرورة ملحة لجميع الدول بدون استثناء وفي هذا الإطار يجب على المجتمع الدولي تكريس مفهوم امن الطاقة والذي يقوم على المنفعة المتبادلة وتنويع مصادرها والتعاون المشترك في ما بين الدول.

ولفت النظر إلى أن تعزيز التعاون بين الدول المستهلكة والمنتجة يكون من خلال التشاور والتحاور والتنسيق في مجال سياسة الطاقة والإسراع في استخراج النفط والغاز الطبيعي وتطوير التقنيات الحديثة والترشيد في استخدام الطاقة من اجل الحفاظ على أسعار الطاقة العالمية على المستوى المعقول وتلبية احتياجات التنمية الاقتصادية في دول العالم.

وشدد على ضرورة بذل الجهود من اجل ضمان الاستقرار السياسي في الدول المنتجة والحفاظ على النظام الطبيعي لأسواق الطاقة العالمية والحد من المضاربات المفرطة وتأمين ممرات للطاقة الدولية وتشكيل نظام متوازن طويل المدى.

وكان الملك عبد الله قد افتتح أمس أعمال اجتماع جدة للطاقة بمشاركة 36 دولة من الدول المنتجة والمستهلكة للبترول وسبع منظمات دولية وعدد من كبار شركات البترول على مستوى العالم، بحضور الأمير مشعل بن عبد العزيز رئيس هيئة البيعة، والأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.

وكان في استقبال الملك عبد الله لدى وصوله إلى مقر الحفل بفندق هيلتون جدة الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة، والمهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، والأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول رئيس اللجنة التنظيمية لاجتماع جدة للطاقة، والأمير فيصل بن تركي بن عبد العزيز المستشار في وزارة البترول.

وكان المهندس علي النعيمي وزير البترول السعودي، أكد في كلمته أن الجميع معني بأهمية البترول في الحياة المعاصرة والطابع العالمي لأسواق النفط والآثار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بعيدة المدى لارتفاع الأسعار وتقلبات السوق، وشدد على أن أحوال السوق الحالية «لا تصب في مصلحة المنتجين ولا المستهلكين والوضع الراهن لا يرض أحدا».

واضاف «قبل سنة من الآن كانت الأسعار في حدود 65 دولارا للبرميل، أما الآن فهي ضعف ذلك تقريبا»، ولفت الى ان هناك هواجس تتعلق باحتمال نقص المعروض على المدى البعيد يبدو انها تلعب دورا في اسعار العقود الآجلة، مؤكدا أن هذه الهواجس «لا مبرر لها» لأن العالم لديه ما يكفي من الموارد البترولية التقليدية وغير التقليدية القادرة على تلبية الطلب لعقود عديدة قادمة».

وأوضح المهندس النعيمي، أن المطلوب على المدى البعيد ليس النفط الموجود في باطن الأرض بل المزيد من المرافق لاستخراجه ومعالجته وإيصاله إلى الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن المملكة من جانبها توفر هذه المرافق من خلال برنامجها الاستثماري المتكامل في جميع الأعمال البترولية.

وأكد أن بلاده التزمت تاريخيا بدعم استقرار السوق وحرصت على المحافظة على طاقة إنتاجية احتياطية تكلفها الكثير «ولا يخفى على الجميع أن المملكة بادرت إلى توظيف هذه الطاقة الاحتياطية في الماضي عندما تطلب سوق النفط العالمي ذلك»، وأعلن استعداد السعودية لرفع إنتاجها خلال الفترة المتبقية من هذا العام فوق مستوى 9.7 مليون برميل في اليوم، التي سيتم التخطيط لتطبيقها خلال شهر يوليو (تموز) إذا كان هناك طلب على هذه الكمية، وقال «ومع أننا نملك قدرة فعالة على المحافظة في استمرار الزيادة الحالية التي أضفناها إلى مستويات الإنتاج دون عناء لعدة سنوات أخرى فان المملكة ستواصل تنفيذ مجموعة مشاريع جديدة لزيادة طاقتها الإنتاجية من الزيت الخام وهي المشاريع التي من شانها أن تزيد الطاقة الإنتاجية القصوى للملكة إلى 12.5 مليون برميل في اليوم بنهاية العام القادم وسوف يمكننا ذلك من مواصلة الحفاظ على طاقتنا الإنتاجية الاحتياطية لمصلحة استقرار السوق العالمية ولمصلحة الجميع».

وأكد المهندس النعيمي أن المملكة سوف تمضي قدماً في خططها الإستثمارية في قطاع التكرير بإضافة طاقة تكريرية إجمالية على مدى السنوات الخمس القادمة تبلغ نحو مليوني برميل في اليوم من مشاريع في داخل السعودية وخارجها، وأوضح أن السعودية تنفذ تلك الإستثمارات متطلعة إلى أن تقوم الدول والمؤسسات والشركات الأخرى أيضا بدورها في مواجهة التحديات متعددة الجوانب التي يفرضها الوضع الحالي للسوق، وقال «إننا نؤمن بأن الدول المستهلكة تستطيع أن تلعب دورا بالغ الأهمية في مشاركتنا التعامل وبفعالية مع الوضع السائد في السوق ورغم كون القضايا التي نحن بصددها شديدة التعقيد إلا أن هناك عدداً من المبادرات التي يمكن أن تحقق أهدافنا المشتركة فيما يتعلق بتلك القضايا ومن هذه المبادرات ما يلي:

أولا: من خلال تغييرات مدروسة في عدد من السياسات الوطنية والعالمية يمكن خلق بيئة مستقرة ومساعدة تزدهر فيها الإستثمارات والتوسع في جانب العرض من قطاع البترول.

ثانيا: وبناء على الإتفاق الذي أبرم أخيراً بخصوص مد الرقابة التنظيمية لتشمل العقود الآجلة في أوروبا فأنه من المستحسن دراسة إضافة إجراءات تنظيمية ورقابية وأن يتم تحسين تقارير السوق لكبح عمليات المضاربة غير المسؤولة.

ثالثا: يستحسن أن يتم بشكل مناسب تخفيف مواصفات المنتجات البترولية وأنظمة الوقود لزيادة المعروض من المنتجات باستخدام المصافي وأنواع الزيت الخام الموجودة.

رابعا: يجب أن نعمل جميعا لتخفيف حدة التوترات السياسية التي تلعب دوراً في ارتفاع أسعار البترول.

خامسا: لمساعدة المستهلك النهائي يجب أن يدرس تخفيض الضرائب على المنتجات البترولية.

ودعا في ختام كلمته جميع المشاركين في الاجتماع لأن ينهضوا وان يتحركوا وان يكونوا جزءا من الحل وقال «إن التحديات التي تواجهنا تتطلب منا التزاما وتعاونا وشجاعة كما أن القضايا المطروحة أكبر واعقد كثيراً من أن تحلها جهة منفردة أو قطاع واحد في الصناعة البترولية»، وأضاف «يجب أن نلتزم بالعمل معاً وأن تتضافر جهود كل المعنيين لتحقيق أهدافنا المشتركة فمن خلال ذلك سنستطيع تجاوز الصعوبات الراهنة في السوق وندعم نمو الاقتصاد العالمي ونحقق المزيد من الرخاء لدولنا ومستقبلا أكثر إشراقا لكل شعوبنا».

حضر حفل الافتتاح الأمير متعب بن عبد العزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية، والأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، والأمير فيصل بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، والأمير بندر بن خالد بن عبد العزيز، والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير عبد الإله بن عبد العزيز، والأمير سطام بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، والأمير خالد بن فيصل بن سعد، والأمير عبد الله بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، والأمير محمد بن سعد بن عبد العزيز مستشار وزير الداخلية، والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة، والأمراء والوزراء وكبار المسؤولين.