الذهب يتألق من جديد وسط انتعاش الإسترليني

مع تصاعد المخاوف من التضخم وتركيز «الاحتياطي الأميركي» جهوده على محاربته

TT

صعد الذهب أكثر من 3.4 في المائة أمس ليسجل أعلى مستوى منذ شهر وأكبر ارتفاع منذ 16 شهرا مع تراجع الدولار مقابل اليورو بعد أن أدت تعليقات من مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) الى تراجع التوقعات برفع أسعار الفائدة في الوقت الذي انخفضت فيه أسواق الاسهم. وارتفع سعر الذهب الى 912.30 دولار للأوقية (الاونصة) مسجلا أعلى مستوى منذ 27 مايو (ايار).

كما ارتفع الجنيه الإسترليني الى أعلى مستوى منذ شهر مقابل الدولار أمس مع تراجع العملة الاميركية رغم تصريحات من مسؤولين في بنك انجلترا المركزي جاءت أقل تشددا من المتوقع.

وتراجع الدولار أول من أمس بعد أن أشار مجلس الاحتياطي الاتحادي الى أنه لا يتعجل رفع أسعار الفائدة. وارتفع الجنيه الإسترليني الى 1.9845 دولار مسجلا أعلى مستوى منذ أواخر مايو (أيار) الماضي. وأبقى البنك المركزي الاميركي أول أمس نسبة فائدته الرئيسية البالغة 2 في المائة من دون تغيير، معتبرا ان المخاطر على النمو «تراجعت» الى حد ما في حين «ازدادت» المخاطر والتوقعات بشأن التضخم. وهذا الخيار يتطابق مع توقعات المحللين الذين توقعوا الوضع النقدي الراهن وحذروا من التضخم.

وصعد سعر الإسترليني 0.4 في المائة الى 1.9825 دولار. وانخفضت العملة الاميركية 0.3 في المائة الى 73.663 مقابل سلة من العملات الرئيسية لتسجل أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع. وواصل اليورو ارتفاعه أمام الدولار فوصل الى أعلى مستوى منذ أسبوعين عند 1.5726 دولار.

وفي وقت سابق أمس سعى مسؤولون في بنك انجلترا الى تهدئة توقعات السوق برفع أسعار الفائدة قريبا وقالوا إنهم يريدون تحاشي ركود اقتصادي قد يخرج التضخم عن المسار المستهدف.

هذا وتماسك الدولار مقابل اليورو أمس بعد ان دفع بيان لمجلس الاحتياطي الاتحادي المستثمرين إلى تقليص توقعاتهم بزيادة وشيكة في أسعار الفائدة الاميركية. وأثرت بيانات ضعيفة عن ثقة المستهلكين الفرنسيين سلبا على العملة الأوروبية الموحدة.

وحقق اليورو أداء أفضل أمام الين المتراجع بشكل عام بعد أن حذر مسؤولو البنك المركزي الأوروبي أول من أمس (الأربعاء) من التضخم المرتفع، وهو ما عزز التوقعات بان البنك سيرفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل رغم بيانات المعنويات الضعيفة. وأبقى المركزي الاميركي سعر فائدة الأموال الاتحادية القياسي بلا تغيير عند اثنين في المائة أمس لينهي بذلك فعليا واحدة من أقوى جولات خفض أسعار الفائدة من أجل تخفيف الآثار الاقتصادية لأزمة المساكن والائتمان. وأعرب البنك عن قدر أكبر من القلق بشأن التضخم في بيان في أعقاب اجتماع للجنة السياسات استمر يومين، لكنه قال أيضا انه يتوقع ان تخف حدة ضغوط الأسعار هذا العام. وقرر الاحتياطي الفيدرالي الاميركي إزاء تزايد مخاطر التضخم وقف سياسته النقدية المرنة التي بدأها في الخريف لتفادي انكماش بات اليوم يعتبر اقل خطرا.

وبهذا القرار يخالف البنك المركزي التوجه المسجل حتى الان الى تخفيض نسبة الفائدة الرئيسية وقد بلغ التخفيض الإجمالي 3.25 نقطة منذ صيف 2007. وأثناء اجتماعه الأخير في 30 ابريل (نيسان) خفض البنك المركزي أيضا نسبة فائدته بربع نقطة. ولفت الاحتياطي الفدرالي الى ان «النشاط الاقتصادي يواصل نموه، ما يعكس جزئيا تزايدا في الاستهلاك الأسري»، مستبعدا في الوقت نفسه إمكانية حصول انكماش في الاقتصاد الأول في العالم. غير ان تلميحا جديدا الى البطالة خفف من تفاؤل هذا التقييم، إذ لفت الاحتياطي الفدرالي الى ان «أسواق العمل سجلت مزيدا من التراجع». وأوضح ان هشاشة سوق العمالة تضاف الى تلك التي تشهدها الأسواق المالية التي ما زالت «تخضع لتوترات كبيرة» في إشارة مماثلة لما ورد في بيانه السابق.

الى ذلك عدد الاحتياطي الفدرالي المخاطر التي تهدد النمو «خلال كل الفصول المقبلة»، ومن أبرزها «شروط التسليف المشددة واستمرار انكماش سوق السكن وارتفاع أسعار الطاقة». وهي المرة الأولى التي يذكر فيها البنك المركزي هذا العامل الأخير في توقعاته.

وهذا العنصر الجديد، والمشار إليه مرتين، هو المسؤول جزئيا عن «استمرار الشكوك حول آفاق التضخم على هذه الدرجة المرتفعة». لكن البنك المركزي الاميركي يشعر بأنه أكثر قدرة من اجتماعه السابق على إعطاء توقيت أكثر وضوحا لعودة الأسعار الى طبيعتها.

وقال «ان اللجنة تتوقع ان يكون التضخم معتدلا في وقت لاحق من هذا العام والعام المقبل»، ما يبعد على ما يبدو ضرورة اعتماد سياسة نقدية مشددة دعا عاملون عدة في الأسواق الى اعتمادها اعتبارا من اجتماع الاحتياطي الاميركي المقبل في 5 اغسطس (آب).

ورأى الخبير الاقتصادي ايفاريست لوفوفر من مؤسسة ناتيكسيس «ان هذا البيان بالرغم من تشدده الواضح (في مكافحة التضخم) جرت صياغته بحيث لا يفسر على انه تعهد مسبق برفع الفائدة في المستقبل» بحسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.