قمة مصرفية في باريس تحذر من خطورة أزمة الغذاء وتركز على مبادرة «تجمع المتوسط»

برعاية الرئيس الفرنسي وبمشاركة نحو 300 مصرفي

TT

موضوعان بارزان طغيا على أعمال القمة المصرفية الدولية التي ينظمها اتحاد المصارف العربية، وبدأت اعمالها امس في باريس تحت عنوان «الحوار العربي ـ الاوروبي» برعاية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وبمشاركة نحو 300 مصرفي عربي وفرنسي؛ يتقدمهم عدد من محافظي البنوك المركزية العربية ورئيس اتحاد البنوك الفرنسية دانيال بوتون.

الطرح الاول تولاه رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، الدكتور جوزف طربيه مركزاً، بصورة اساسية، على ازمة الغذاء العالمية التي تعمق الهوة بين الفقراء والاغنياء، مما يفرض تضمين اي معالجات اقتصادية بعداً انسانياً مع عدم إغفال اهمية الأزمة الطارئة والمتفاعلة حالياً في الاقتصاد الدولي وتؤثر سلباً في ازمة الغذاء. وأهمها ارتفاع اسعار النفط والمواد الاولية وأزمة الائتمان العقاري التي تسببت في خسائر ناهزت 600 مليار دولار. وأكد طربيه في افتتاح القمة اهمية وجود مجتمعات مستقرة وآمنة تمنح هامشاً اوسعَ للتعاون والحوار بين المجموعتين العربية والاوروبية. لكن هذا الاستقرار يواجه تهديداً حقيقياً ويحمل تداعيات سلبية على كل المستويات، بفعل تفاقم ازمة الغذاء العالمية التي تتطور تباعاً في اتجاه زيادة الفقراء فقراً وازدياد الاغنياء غنًى وقناعتنا ثابتة بأن لا استقرار مع الجوع خصوصاً بعدما اتجهت المجتمعات الحديثة لاستخدام المواد الزراعية في انتاج الوقود العضوي ولسنا نبالغ هنا إن قلنا إن تعبئة خزان سيارة واحدة يساوي معيشة انسان لسنة كاملة في المجتمعات الفقيرة والأقل نمواً. ولفت الى ان الاقتصادات العربية بدأت تتحسس رياح هذه الازمات، وخصوصاً ازمة السيولة المصرفية، وطالب بتفعيل نشاط المؤسسات العربية المالية والاتحاد في مواجهة هذه التحديات، خصوصاً الازمة الغذائية وانعكاساتها على الحركة الاقتصادية العربية. وأضاف لا يمكن التغلب على هذه الازمات التي اصبحت ذات ابعاد كونية إلا بتفعيل الشراكات الاقتصادية، وخاصة ما يتعلق منها بالفضاء العربي ـ الاوروبي. واعتبر «أن الاستثمار في موضوع مكافحة الفقر هو استثمار ذو عائد مرتفع لانه استثمار في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي حيث لا امن سياسيا دون أمن اجتماعي»، مؤكداً ان الاغنياء اصبحوا اكثر ثراء والفقراء زادوا فقراً».

اما الطرح الموازي، فتولاه هنري غينو مستشار الرئيس الفرنسي وصاحب فكرة «التجمع من اجل المتوسط» التي تبناها ساركوزي في برنامجه الانتخابي والرئاسي. وبادر من اجل طرحها رسمياً للدعوة الى طاولة حوار باريسية يوم 13 يوليو (تموز) المقبل قبيل احتفالات يوم الاستقلال وسط ترقب مشاركة واسعة، لمح غينو الى امكانية جمع على طاولة واحدة خلال الحوار بين رؤساء سورية ولبنان وفلسطين ورؤساء عرب آخرين من جهة، وبين رئيس الوزراء الاسرائيلي من جهة مقابلة.

وشدد على اهمية تحقيق هذا التجمع والاجماع المتوسطي عليه، موضحاً «انه اذا كانت هناك بعض الجهات التي لا تريد التعاون فيما يخص هذا المشروع فلها حرية القرار»، متمنياً «ان تساهم كل الدول في انجاح هذا المشروع».

ولفت غينو ان عالم الاعمال والاتحاد الاوروبي والدول العربية تعطي دفعاً قوياً لإنجاح المشاريع المتوسطية المشتركة، وان فرنسا تعي تماماً اهمية هذه الشراكة مع العالم العربي، مؤكداً قدرتها على التعاون لإيمانها الكبير بأن هناك الكثيرَ من القضايا المشتركة بينها وبين العالم العربي.

وأضاف: «نحن نسعى دائماً وبكل جدية وصدق بأن يعم السلام في المنطقة وتتعزز الاتحادات، ويتعزز الانفتاح بين المصارف العربية والمصارف الاوروبية»، مؤكداً «ان تلاقي المصالح سيؤدي الى النجاح». كما تحدث دانيال بوتون رئيس سوسيتيه جنرال ورئيس اتحاد المصارف الفرنسية، فشدد على اهمية الاستقرار المالي والتنافسية وفرص توسع المصارف الاسلامية، وايجاد حلول لارتفاع اسعار الطاقة ومواجهة الازمة الغذائية العالمية. وقال: «إننا عالمان مختلفان ولكننا قريبون بعضنا من بعض، ولفت الى ان القطاع المصرفي الفرنسي هو اول قطاع في منطقة اليورو، ويوظف نحو نصف مليون شخص، والبنوك الفرنسية منتشرة في 84 بلداً من العالم، وان ثلث مدخول اكبر واشهر ثلاثة بنوك فرنسية يأتي من الخارج، في اشارة الى الانفتاح الكبير الذي تشهده المصارف الفرنسية. وركز بوتون على اهمية ايجاد وسائل التعاون العربي ـ الاوروبي، وعلى ايجاد الرغبة والارادة لتعزيز هذا التعاون ضمن فضاء مشترك. وتطرق الى الازمة المالية العالمية فأشار الى انها ليست وراءنا ونخشى ان يكون الآتي اعظمَ، مؤكداً العمل على مواجهة هذه الازمات الواحدة تلو الاخرى.

وأوضح عدنان يوسف، رئيس اتحاد المصارف العربية، ان هذه القمة التي تحتضنها العاصمة الفرنسية اليوم جاءت في ظروف حالكة تشهدها الاسواق العالمية نتيجة ازمة مصرفية حادة طالت عدداً كبيراً من المصارف العملاقة في العالم لتصل الخسائر الى نحو 600 مليار دولار. واشار الى معدلات النمو الاقتصادي الايجابية التي تعدت 10% خلال السنوات الماضية. وتحدث عن الازمة المالية العالمية الراهنة وخطورة ظاهرة معدلات التضخم المرتفعة في أغلب الدول، وما ينتج عن هاتين الظاهرتين من تداعيات سلبية على الاسواق والمؤسسات في مجمل الاقتصادات في العالم او بالاخص الاقتصادات النامية او الناشئة، وبروز بوادر ازمة مواد غذائية عالمية وارتفاع اسعار هذه المواد بنسب راوحت بين 50 و70% منذ نهاية عام 2007.

وفي ختام حفل الافتتاح؛ تم تكريم عثمان بنجلون رئيس مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية بإعلانه «الشخصية المصرفية العربية للعام 2007»، وذلك لجهوده الكبيرة في تنمية وتطوير القطاع المصرفي العربي بشكل عام والقطاع المصرفي الغربي بشكل خاص.