كريديه سويس: استمرار أسعار النفط المرتفعة يدعم إيرادات منطقة الخليج

توقعات بأن تصل الإيرادات النفطية الخليجية إلى 295 مليار دولار العام الحالي

بنك كريديه سويس يتوقع أن تساعد أسعار النفط المرتفعة دول الخليج على تنويع اقتصادياتها على المدى المنظور («الشرق الأوسط»)
TT

قال بنك كريديه سويس أن أسعار النفط المرتفعة ستساعد دول الخليج على تنويع اقتصادياتها على المدى المنظور في ظل توقعات بأن تظل أسعار النفط عند مستويات فوق المائة دولار للبرميل، متوقعا ان يصل إجمالي ايرادات الخليج النفطية العام الحالي الى 295 مليار دولار. وقال تقرير للبنك خاص بـ«الشرق الأوسط» انه بخلاف دول مجموعة الدول السبع الصناعية، ليس هناك الكثير من الحديث عن مشاكل في الميزانيات الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي. بل على العكس، وفرت بيئة أسعار النفط المرتفعة دخلاً إضافياً للمنطقة والذي نتوقع ان يتم استثماره في المزيد من تنويع الاقتصاد. وذكر توبياس ميراث المحلل في البنك انه بالرغم من توقعاتنا بعودة أسعار النفط إلى مسارها الصحيح من المستويات المبالغ بها، فإننا أيضاً نتوقع أن تعود إلى مسارها في النمو وإلى متوسط فوق 100 دولار أمريكي هذا العام، وربما أكثر في العام المقبل.

وقال ميراث «رغم أن هذا الأمر لا يشكل مفاجأة كبيرة، فالمفاعيل الصافية على إيرادات النفط في مجلس التعاون الخليجي لا تزال ملحوظة». وذكر التقرير ان دول المجلس حققت في عام 2006 حوالي 66 % من إجمالي إنتاج النفط العالمي و8 % تقريبا من إنتاج الغاز الطبيعي العالمي، مشيرا ان الحكومات في منطقة الخليج تستحوذ على غالبية عائدات النفط والغاز الطبيعي. وتابع ميراث قائلا انه بالاستناد الى التطورات التاريخية لسعر النفط، وأيضاً لتطبيق نهج حذر إلى حد ما لمسك الدفاتر، فإن موازنات حكومات المنطقة مقدرة على أنها مبنية على أساس 50 دولارا أمريكيا كسعر لبرميل النفط. وقال ان أي ارتفاع في سعر النفط يتجاوز المستويات أعلاه سيشكل دفعاً للعائدات النفطية التابعة للموازنة من دون أن يرتب عليها أية مصاريف إضافية، مستدركا انه من الصعب تحديد المفاعيل الصافية بالضبط لأن التفاصيل مثل هيكلية التسليم وتكاليف الإنتاج غالباً ما يتم التكتم عنها وينبغي تحديد قيمتها. وأضاف «لذا ارتأينا وضع نظام تحليلي لمعرفة ما يمكن للإيرادات الإضافية النفطية أن تقدمه. تحليلنا يظهر أنه إذا اعتبرنا متوسط سعر برميل النفط 100 دولار أمريكي، فيمكن لدول مجلس التعاون الخليجي ان تحصل على نحو 295 مليار كإجمالي إيرادات». وتوقع التقرير استثمار هذه الموارد الإضافية في المزيد من التنويع في اقتصادات مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي سيعزز من جهة المزيد من فرص النمو لهذه الاقتصادات وسيفتح فرصاً جديدة لمكافحة التضخم نظرا لكونها توسع نطاق الأدوات المتاحة أبعد من الإعانات المالية، وهي أنجع وسيلة لمعالجة هذه المسالة على المدى الطويل حسب التقرير.

والأهم من ذلك، وفقا للتقرير هو أن النمو سيخلق الفرصة لمزيد من تقوية ناحية العرض من الاقتصاد، اذ ينتج معظم ضغط التضخم في أسواق البلدان النامية من بعض النقص في العرض. فاذا ارتفع العرض بشكل أسرع مع جهة الطلب ذو الإرتفاع السريع جداً من الاقتصاد، يمكن أن يقلص هذا من حدة التضخم. وحول اسعار النفط في الاسواق العالمية، اعتبر كريديه سويس إن هذه المرحلة الأخيرة من ارتفاع سعر النفط تظهر مدى إفراط السوق الحالية. فقد بلغ التقلب الضمني مستويات وصلت إلى 60 % وأكثر. بالإضافة إلى ذلك، فإن أسعار النفط تنفصل بشكل متزايد عن التطورات في الاقتصاد الحقيقي. ونظراً للتطورات الجديدة التي طرأت على مؤشر مدراء المشتريات الأمريكي، توقع التقرير أن يتباطأ ارتفاع سعر النفط، غير أنه شهد تسارعاً متزايداً في الفترة الأخيرة. وقال ميراث انه نظراً لمؤشرات الإفراط، فإننا حذرون بشكل متزايد بالنسبة للتوقعات على المدى القصير. فخطر التصحيح على المدى القصير يتصاعد، غير ان ذلك لا يعني نهاية الاتجاه التصاعدي الطويل المدى لأن التوقعات الخاصة بجهة العرض لا تزال غير واضحة فيما يرى المنتجون صعوبة متضاعفة لتوسيع نطاق الإنتاج. وقال التقرير انه رغم ذلك فإن نمو الطلب في الأسواق الناشئة لا يظهر أي علامة على تباطؤ حاد، مما يشير حسب اعتقاد ميراث الى اعتياد المشاركين في السوق على أسعار للنفط من ثلاثة أرقام صحيحة. وحول العملة الخليجية الموحدة كتب المحلل سفن شوبرت في تقرير كريديه سويس ان مسألة تغيير دول خليجية لنظام سعر الصرف الأجنبي لا تزال مرهونة بمحادثات الاتحاد النقدي.

وقال شوبرت «على الرغم من ان بعض البلدان قد تستفيد من تغير نظام العملات الأجنبية، يبدو أنها من غير المحتمل أن تجري قبل الانتهاء من محادثات الإتحاد النقدي». ووفقاً لمسودة اتفاق الاتحاد النقدي، سيتطلب الأمر تأسيس مجلس نقدي في عام 2009 ومن ثم دخول مرحلة العملة الموحدة في نهاية عام 2010.

غير أن شوبيرت يرى انه ما من شيء يضمن هذا الأمر نظراً لأنه من غير المرجح أن يتم الوفاء بمعايير التقارب بنهاية 2010. ومن المتوقع أن تجري المزيد من المناقشات بشأن مسودة الاتفاق في سبتمبر (ايلول) المقبل. وقال شوبيرت في تقريره «نعتقد أن أنظمة العملة الحالية في الشرق الأوسط، لا سيما في قطر والإمارات العربية المتحدة، هي غير ملائمة». وقد استعادت محادثات توحيد العملة دفعها مجدداً، لكن أي تغير في النظام يبدو مستبعداً قبل انتهاء مناقشة مسألة توحيد عملة الخليج، لا سيما أن الدولار الأمريكي يلعب دوراً أساسياً في مشروع توحيد العملة الذي تبنته كافة دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء الكويت. وقد لاحظ صندوق النقد الدولي في مايو (أيار) الماضي، أن الخطر لا يزال قائماً أن ترزح الأرباح السريعة لعملة أكثر قوة ومعدلات فائدة أعلى تحت عبء التضخم الناتج من تسارع تدفق الأموال على القاعدة النقدية في حالة تغير في النظام.