تأكيداً على أهمية بيانات الشفافية

سعود الأحمد

TT

في مذكراتها بالصحف العالمية (وشاركت في نشرها جريدة «الشرق الوسط») .. تقول رئيسة وزراء بريطانيا السابقة «تاتشر» (البارونة): عندما انتخبت رئيسة لحزب العمل شعرت أنه من نكران الجميل أن أنام أكثر من ثلاث ساعات يومياً، فكنت أنتهي من عملي بمكتبي (بالحزب) في وقت متأخر، لأعود أعمل بمكتبي بالبيت إلى وقت متأخر بالليل وأخلد للنوم في الساعة الثالثة صباحاً. (وتقول) في السادسة أصحو لأتناول وجبة إفطار، التي أحرص أن تكون خالية من الكربوهيدرات حتى لا احتاج للراحة، فكانت وجبتي تتكون من شريحة خبز مشوية وكوب قهوة بلا سكر. وفي خبر صحافي في مايو (ايار) من العام الماضي (2007)، لم يجد وزير الزراعة الياباني توشيكاتسو ماتسوكا، 62 عاماً، سبيلا للتخلص من جلسة مساءلة كان مقرراً عقدها بالبرلمان الياباني، لمساءلته عن ما أشيع من فساد إداري داخل وزارته، حيث لم يجد ماتسوكا سوى شنق نفسه بإحدى غرف البرلمان قبل ساعات من الجلسة. ويذكر أن ماتسوكا قد تعرض إلى انتقادات (آنذاك) بسبب تقديمه فواتير بقيمة 240 ألف دولار خلال خمس سنوات للإنفاق على مكتبه، ما دفع المعارضة إلى المطالبة بتفسير ذلك. وبهذا الصدد أقول: نحن مجتمع مسلم لا نريد أن يشنق أحد نفسه ولا أن يمتنع أحد عن تناول الكربوهيدرات. لكنني أطالب بوضع آلية لتفعيل سياسة الدولة، ومنها قرار مجلس الوزراء في يوم الاثنين 18 ربيع الأول لعام 1424هـ، عندما صدر قرار بترجمة خطاب خادم الحرمين الملك فهد (يرحمهُ الله) في حفل افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الشورى... عندما قال: (لا مكان بيننا لمستفيد من موقع أو مُستغل لنفوذ)، وكان توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بأن يترجم ذلك الخطاب إلى برنامج عمل للحكومة. ولعلي أذكر بقرار مجلس الشورى (آنذاك) بتاريخ 24/3/1424هـ، بوضع برنامج عمل لمضامين الخطاب الملكي الكريم. وحيث يعتبر مجلس الشورى وفق المادة (44) من النظام الأساسي للحكم هو السلطة التنظيمية من بين سلطات الدولة الثلاث، (القضائية والتنفيذية والتنظيمية). ولذلك فإنني أطالب الجهات الحكومية بتطبيق ما تطرقت اليه في مقال سابق نشر بهذه الزاوية في 26/3/2007 بعنوان «آلية ضد استغلال السلطة ومكافحة الفساد»، وفحواه مطالبة المسؤولين ببيانات الشفافية. وعلى المسؤول أن يقوم بتعبئة نموذج (سنوي) يوضح ما يشارك المسؤولين في ملكيته من المنشآت الهادفة للربح. لأنه لا يجوز أن يراقب المسؤول منشآت يملكها، لأن في ذلك تضارب مصالح!.

وتعليقاً على الضجة التي أعقبت مطالبة أحد أعضاء مجلس الشورى لوزير الصحة بالاستقالة، فقبل أن نؤيدها أو نعارضها علينا أن نسأل: هل كانت وزارة الصحة على خير ما يرام قبل أن يستلمها الوزير الحالي أو حتى الذي قبله؟!. وهل الوزارات الأخرى في أحسن أحوالها، ما عدا وزارة الصحة؟!. فواقع الخدمات الصحية (منذ عقود مضت) وعلى الرغم من محدودية الإمكانات، كنا لا نعرف إلا الخدمات الطبية الحكومية. وكان العلاج والدواء والتنويم والخدمات الطبية الأخرى مجاناً. وإذا تعذر العلاج بالداخل، تعد بذلك اللجنة الطبية تقريراً ترفق به توصياتها ليرسل المريض مع مرافقه للعلاج في الخارج على حساب الدولة. ومع الوقت، بدأنا نستغني عن الخدمات الطبية الحكومية. وانتقل العبء إما على الجهات التي تدفع فاتورة التأمين الصحي أو على حساب المواطن لتزيد معاناته المعيشية. ورغم مضاعفة مخصصات الخدمات الصحية، فإن السواد الأعظم من سكان المدن تستنفذ الخدمات الصحية جزءا كبيرا من دخلهم. والأخطاء الطبية في تزايد، والشهادات الطبية العلمية والمهنية المزورة موجودة. وهناك إسراف في استهلاك الدواء، وعدم وجود خطط لترشيد استخدامه. وختاماً ... الذي أراه أن نراعي أن يكون الإصلاح ذا طابع شمولي، ولا أقل من المطالبة بتفعيل قرار مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد الإداري، ليكون له آلية تحقق أهدافه. ولنا أن نتساءل عن الدراسة التي كان من المفترض أنها تزامنت مع ذلك القرار والتي قام بها مجلس الشورى حول (نظام من أين لك هذا): ماذا تم بشأنها.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]