لوحات الإعلان الرقمية تغزو محطات القطارات الأرضية

مكلفة للمعلن والمنفذ في سوق يشد أحزمته ويقلل من نفقاته الإعلانية

لوحات الاعلان الرقمية كما بدت بعد ادخال التكنولوجيا الحديثة المكلفة في محطة توتنهام كورت رود بوسط لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

اضافة الى صورها الملونة الساطعة والمتحركة، تختلف لوحات الاعلانات الرقمية، التي تشاهدها على جوانب السلالم الكهربائية في محطات القطارات الأرضية في لندن عن الاعلانات التقليدية المطبوعة، في انه يمكن تبديلها بشكل اسرع وباستمرار، بما يتناسب مع متطلبات المعلن، إلا ان هذه التكنولوجيا الجديدة ليست بالرخيصة. وازاحت قبل ايام «سي.بي.اس. أوتدور»، احدى شركات الاعلام الأميركية، عن آخر مرحلة من استثمارها في التكنولوجيا الرقمية الذي وصلت قيمته الى 72 مليون دولار ويغطي أماكن عديدة في شبكة القطارات الارضية اللندنية، مستحدثة بذلك اكبر شبكة للاعلان الرقمي في اوروبا. اذ ادارت مفاتيح التحكم على 830 لوحة اعلان رقمي على جوانب السلالم الكهربائية و181 شاشة «ال.سي.دي»، اضافة الى 23 لوحة رقمية ضخمة تم تركيبها على منصات انتظار القطارات في محطات القطارات الأرضية بوسط لندن، منها محطة توتنهام كورت رود. ويعتقد جيمس ديفيز الذي يعمل مديرا للوحات في شركة الاعلان «ايجيز» التابعة لـ«بوستر سكوب» ان اطلاق شبكة «سي.بي.اس. أوتدور» يعتبر نقلة جديدة في عالم الاعلان الرقمي. وعلى الرغم من وجود لوحات اعلان رقمية منتشرة في اماكن مختلفة من العاصمة، الا ان الكم الهائل لعدد لوحات «سي.بي.اس. أوتدور» سيضعها في موقع الصدارة، وبهذا سيجد المعلنون صعوبة في اهمالها. ان النقلة من الملصقات الاعلانية الى التقنية الرقمية مازالت باهظة الثمن. ولهذا تجد ان بعض شركات الاعلان الخارجي، أي المتخصصة في الشوارع والأماكن العامة، لجأت اخيرا الى اعادة استخدام اللوحات التقليدية وتحويلها الى رقمية. وبشكل عام فإن التحول في سوق الاعلان من الملصقات الورقية الى اللوحات الرقمية ما زال مكلفا جدا. وقال كلايف بانتر المدير التنفيذي في «سي.بي.اس. أوتدور» الدولية ان استثمار شركته في اعلانات محطات القطارات خلال السنتين القادمتين، التي قسمت مناصفة بين الاعلان الرقمي وغير الرقمي المتمثل بالملصقات التقليدية، يساوي ما استثمرته الشركة في الاعلان في الأماكن العامة خلال العشر سنوات الماضية.

وصرفت «جيه.سي.دي. ديكو» 10 ملايين جنيه استرليني اخيرا في المحطة الخامسة في مطار هيثرو، وهي تكلفة نصب 500 لوحة اعلان رقمية و20 لوحة رقمية كبيرة في الشوارع العامة، وهذه العدد يعد جزءا صغيرا من الملصقات التي يصل عددها الى 10 آلاف في بريطانيا، والتي قد تحولها في المستقبل الى ملصقات رقمية، لكن هذا العدد يمثل في نفس الوقت 10 في المائة فقط من حجم السوق الرقمي البريطاني، وهي ضعف معدل نصيب الشركات العاملة في سوق الاعلان الرقمي. وتعتبر وسائل المواصلات العامة المكان المثالي بالنسبة لسوق الاعلان الرقمي، لانها تعطي المسافر اطول فرصة ممكنة للتمعن بالاعلان خصوصا عندما يكون على شكل فيديو. وهذا ما قامت بعمله أخيرا بعض الشركات العاملة في هذا المجال مثل «سي.بي.اس. أوتدور»، و«كلير تشانل» و«جيه.سي.دي. ديكو»، اذ ادخلت التكنولوجيا الرقمية على اللوحات التقليدية في اماكن المواصلات العامة والشوارع حتى ترفع من مداخيلها في سوق الاعلان. الا ان الاستثمار العالي الثمن في هذا المجال من قبل شركات الاعلان سيجبرها على رفع اجورها عند تنفيذ حملات اعلامية تستخدم فيه هذه التكنولوجيا، في وقت يحاول الكثير من زبائنها التقليص في ما يخصصونه في ميزانياتهم لهذا الجانب التسويقي من نشاطاتهم، بسبب ما تعانيه المؤسسات الاعلامية في مداخيلها بعد ان تقلصت مبيعاتها في السوق نتيجة اقبال الناس على مطالعة الصحف على شبكات الانترنت.

ومثالا على ذلك اعلنت قبل ايام دار نشر «جانيت» الصحافية الأكبر في أميركا عن تراجع ارباحها في ظل تحول القراء نحو الانترنت مع تراجع الاعلانات نتيجة تباطؤ الاقتصاد الأميركي. تراجع المبيعات للصحف مربوط بعدد القراء والتوزيع واي انخفاض بهذا يترتب عليه انخفاض في عدد المعلنين الذين قد يتجهون الى وسائل اعلانية اخرى لترويج منتجاتهم. ولهذا فإن الاعلان الرقمي في الأماكن العامة قد يكون الرد على هذه التحول الجديد في سوق الاعلان. ويأمل جيرمي ميل، المدير التنفيذي للسوق البريطاني وشمال اوروبا في شركة تأجير المساحات الاعلانية «جيه.سي.دي. ديكو»، ان يتمكن من بيع لوحات الاعلان الرقمية بأضعاف تصل الى اكثر من سبع مرات مما كان يجنيه من بيع اعلانات الملصقات التقليدية. لكنه يضيف «عندما تأخذ في الحسبان التكلفة الاستثمارية في هذا النوع من الاعلان، فان ما تجنيه هو فقط اكثر قليلا من الاعلان غير الرقمي». طبعا السبب في ذلك، كما يضيف ميل في مقابلة مع صحيفة «الفايناننشال تايمز» البريطانية اليومية، هو ان التكلفة الانتاجية لهذا النوع من الاعلان عالية جدا. السبب في ذلك الفترة القصيرة التي يتم فيها عرض اللوحة الاعلانية من هذه التكنولوجيا الجديدة، وتراجع قيمتها سريعا، والحاجة الى ايجاد خبراء في هذه التقنية يحتاجون الى تزويدهم بشبكات النطاق السريعة اللازمة اللازمة في عملية التحكم وعملهم ايضا.

ويعتقد اريك نينهام المدير التنفيذي العالمي لشركة «كيناتيك» التابعة لمجموعة «دبليو. بي. بي» التسويقية: «بانها مثل بدايات شبكة الانترنت، التي اعادت تشكيل وتحديد وجهة صناعة الاعلان التقليدية، فإن التكنولوجيا الرقمية ما زالت في حالة تكييف مع سوق الاعلان الخارجي»، مضيفا «ان اصحاب المؤسسات الاعلامية مازالوا غير جاهزين لبيع الاعلانات مستخدمين التكنولوجيا الجديدة لان الجانب الفني والتوزيعي لمحتواها لم يتم التعرف عليه بعد». وعلى الرغم من ذلك فإن اريك نينهام يعتقد «بان بريطانيا في موقع الصدارة عالميا في مجال الاعلان الرقمي».