النقد الدولي: الدولار لن يفقد دوره المسيطر.. رغم هبوطه المتواصل

طالب الصين مجددا بإعادة تقييم عملتها واعتبر قيمة اليورو مبالغا فيها > خبير لـ «الشرق الأوسط»: العملة الأوروبية ستخترق حاجز 1.60 للدولار مرة أخرى

تراجع الدولار بشكل منظم أمر رحب به صندوق النقد الدولي (شاتر ستوك)
TT

أكد صندوق النقد الدولي أن الدولار سوف يحافظ على دوره المركزي في النظام النقدي العالمي، رغم ان عملات أخرى قد تشاركه الحلبة تدريجيا، محذرا في الوقت ذاته من ان سعر اليورو مبالغ فيه.

وقال جون ليبسكي النائب الأول لمدير صندوق النقد الدولي: «في رأينا ان سعر اليورو حاليا مرتفع نسبة الى أساسيات الاجل المتوسط، في حين ان العملات للبلدان التي تحقق فوائض مالية في حساباتها الجارية، بما فيها الصين، لا تزال أقل من قيمتها الحقيقية.. نحن نقيم ان العملة الاميركية اليوم هي الأقرب الى التوازن».

ويعتبر صندوق النقد الدولي ان الانخفاض في الدولار على مدى السنوات الست الماضية، وعلى وجه الخصوص خلال العام الماضي من أزمة الائتمان، وصل الى مرحلة متقدمة، لكنه أكد انه لا يعتقد بان هناك احتمالا كبيرا بأن يفقد الدولار دوره، بوصفه العملة الاحتياطية في العالم في السنوات المقبلة، حتى إذا تعزز دور اليورو.

وقال ديفيد وو رئيس قسم العملات في «باركليز كابيتال» في لندن لـ«الشرق الأوسط»، «إن زيادة قدرها 10 في المائة في اسعار النفط يؤدي الى 1 في المائة صعودا لليورو مقابل الدولار». وتابع (وو) بالقول «الارتباط الذي تم التوصل إليه هو الأعلى خلال العقد الحالي. أتوقع صعود اليورو الى حدود 1.63 دولار خلال الأسابيع أو الاشهر القليلة المقبلة». وهنا شدد ليبسكي «على الرغم من المطالبات الدراماتيكية من قبل البعض، ليس هناك شك في ان الدولار سوف يحافظ على دوره المركزي في النظام النقدي العالمي، رغم ان عملات أخرى قد تشاركه الحلبة تدريجيا».

وعلى الرغم من ان الرجل الثاني في صندوق النقد الدولي قد رحب بالهبوط لقيمة الدولار حتى الان، مبينا ان ذلك من شأنه ان يسهم إسهاما ايجابيا في تخفيف حدة الاختلالات الاقتصادية العالمية، إلا انه حذر في الوقت ذاته من أن هذا الامر لوحده، لن يكون كافيا لجعل الاقتصاد العالمي يتجه نحو التوازن بشكل أفضل.

وكان الدولار الاميركي قد صعد في ختام تداولات الأسبوع، يوم أول من أمس، بعد أن أثارت مجموعة من البيانات الاقتصادية المشجعة مشاعر تفاؤل بشأن صحة الاقتصاد الاميركي وإمكانية تعافيه.

وتابع لبيسكي في محاضرة ألقاها أخيرا في معهد بروكينغز أخيرا، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها: «في حين ان انخفاض سعر الدولار قد يساعد على تخفيض العجز في الحساب الجاري للولايات المتحدة، فانه لن يكون كافيا لتخفيف حدة الاختلالات والمخاطر». مطالبا الاقتصادات التي تتمتع بفوائض كبيرة في الحساب الجاري لإعادة تقييم عملاتها، بما في ذلك الرينمنبي في الصين، الذي يعتبره صندوق النقد الدولي مقيما بأقل من قيمته الحقيقية.

وقال صندوق النقد ان السعر الفعلي للدولار الاميركي قد انخفض بنسبة 25 في المائة منذ أوائل 2002، في أطول فترة ينخفض فيها سعر الدولار في مرحلة ما بعد بريتون وودز. وكانت أطول فترة سابقة، عندما انخفض السعر الفعلي للدولار بأكثر من 30 في المائة، بين عامي 1985 و1991، على أثر العجز الكبير في الحساب الجاري الاميركي. وفي كلتا الحالتين، كانت سرعة الانخفاض تدريجية نسبيا، مع تغير يومي يقل عن 2 و3 في المائة في السعر الاسمي. وفي كلتا الحالتين، تحركت العملة الاميركية في تشابه مع تحولات تفاوت أسعار الفائدة. وقد شهد العقد الماضي ليس فقط انهيار قيمة الدولار، ولكن أيضا الظهور الناجح لليورو، وظهور اقتصادات ناشئة. وفي مرحلة هبوط سعر الدولار من 1985-1991، لم يكن هناك بديل ممكن للدولار كعملة احتياطية. وكانت اقتصادات اليابان وألمانيا وبريطانيا أصغر بكثير من اقتصاد الولايات المتحدة، وكذلك كانت أسواقها المالية أقل تطورا وأقل سيولة.

اليوم، يبلغ اقتصاد منطقة اليورو نفس حجم اقتصاد الولايات المتحدة (كلاهما يبلغ 4/1 إجمالي الناتج المحلي، وفقا لأسعار الصرف في السوق)، وأسواقه المالية عميقة وبها سيولة (على الرغم من أنها ليست مكافئة للولايات المتحدة في هذا الشأن)، وتملك حصة كبيرة في التجارة العالمية. ولهذا، فبينما لا يمكن استبدال الدولار كعملة دولية سائدة، إلا أنه من المرجح أن يشترك معه في هذا الموقع اليورو.

هناك عملات أخرى تلعب دورا ثانويا على الساحة الدولية. على سبيل المثال، قد تزيد أهمية الرنمينبي كعملة دولية، حيث يزداد حجم الاقتصاد الصيني، ولكن سيتطلب هذا قابلية كبيرة لتحويل النقود، وفتح حساب رأس المال، وأسواق مالية أكثر تقدما، ومعدل تضخم منخفض وثابت، وكل هذه الأشياء متوقعة في الوقت الحالي.

وحتى الآن، يحتفظ الدولار بدوره السائد في الصفقات الدولية وكعملة احتياطية، حيث يمثل حوالي ثلثي أرصدة الاحتياطي العالمي في البنك المركزي في الربع الأول من عام 2008.

وتحمل الاقتصادات الناشئة، وهي مجموعة من الدول ذات المصالح الكبرى بفضل زيادة أرصدتها الاحتياطية، حصة من الدولار يبلغ متوسطها 60 في المائة، وهي نسبة لم تتغير تقريبا منذ عام 2004. وعلى المدى البعيد، يعتمد الطلب على أرصدة الدولار واحتياطي الدولار على التطورات الدولية. وبصورة عامة، فإن التحرك في اتجاه أنظمة تعويم سعر الصرف في العالم يوحي بأن تنوع عملة الاحتياطي هو المتوقع مع مرور الوقت، ولكن سيستمر الدولار يلعب دورا محوريا في الاحتياطي العالمي على مدى المستقبل القريب طبقا لما خلص إليه صندوق النقد الدولي.