أزمات سوق الأسهم.. ابحثوا عن المستفيد؟

سـعود الأحمد

TT

يقال عند البحث عن الفاعل «ابحث عن المستفيد». وفي حالة سوق الأسهم السعودي ما زالت حالات التلاعب تتكرر، وإن اختلفت الكيفيات وتناوب الأبطال. وكلما حدثت أزمة، علت الأصوات تنادي مطالبة بمعاقبة المتلاعبين. وها هو التاريخ يعيد نفسه، مع بداية هذا الصيف استفرد صناع السوق بهز تلابيب مؤشر السوق صعوداً ونزولاً كدمية بين ذراعي طفل شقي! حتى أن أسهم الشركات الممولة من محافظ البنوك اهتزت أسعارها في السوق، واضطر صغار المضاربين لبيعها قبل جرس الإغلاق، لإيقاف خسائرهم! ويبقى السوق يتذبذب بين نزول وارتداد.

وسؤالي هنا: من الذي يقف وراء العروض الضخمة؟! ومن المستفيد منه؟ وهل هي عمليات بيع حقيقية، أم أنها مجرد تكتيكات مضاربين كبار؟! وبهذه المناسبة: لدي حدس مؤكد أن «سابك» ستعود للارتفاع، لأن ملاكها لن يستسلموا للخسارة. بل سيعودون لتجميعها من أيدي الصغار المحبطين وبأقل الأسعار. ولكن في وقت يكون فيه الغالبية في حالة ذهول والارتداد غير متوقع. والرابح (بالطبع) هم الكبار الذين يملكون السيولة لطلب الكميات الكبيرة، ويملكون الأسهم للعروض الكبيرة، ولديهم مصادر المعلومة (إذا لم يتمكنوا من صناعتها).. أو قل عنهم إنهم صناع السوق الحقيقيون.. وأرجو ألا يأتي من يُطبّع ما حدث مبرراً النزول بتوقعات ضربة لإيران، فقد سئمنا من (التذاكي ببراءة). ولو كان هذا هو السبب، لارتد السوق مباشرة عندما عُقد اجتماع تفاهمي بين طرفي النزاع! مما يؤكد أن النزول افتعالي، يدفع ثمنه الصغار (حتى لا يعودوا للعب مع الكبار).

وبهذا الصدد.. أتساءل عن مبرر واحد لتوقيت سحب ترخيص «نعيم»؟ في وقت السوق في حالة نزول والقرار كان يمكن تأجيله، كما سبق وأن أجل! وسؤالي الآخر عن استمرار سيل الاكتتابات؟! وأين كانت هذه الشركات المستحقة للاكتتاب يوم كنا نرفع الأصوات لتوسيع قاعدة السوق وطرح أسهم شركات جديدة؟ ولماذا لا تهدأ اليوم ونحن ننادي بالتوقف ليأخذ السوق نفسه، ونخفف من تكرار ضرب المؤشر وهو في حالة إنهاك!؟ وحتى لا ينطبق على هذا التوجه لمنح تصاريح الاكتتابات بهذا الكم والتتابع الزمني، ما شبهه به الكاتب الأستاذ عبد الله الجعيثن (مثل ناقة عريمان، إن ثارت ما نوخت، وإن نوخت ما ثارت!). واليوم ونحن نشاهد هذه الموجة من الهبوط الحاد، يتلوها ارتداد معاكس وبقوة، ثم معاودة الهبوط خلال ساعة زمن.. ولن ننسى الماضي عندما لامس المؤشر ثلاثة عشر ألف نقطة، وقبله في 25 فبراير (شباط) 2006 عندما تخطى المؤشر عشرين ألف نقطة، ونكسة عام 2005.. وغير ذلك من السوابق واللواحق. مما يدفعنا للتساؤل عن: من يقف خلف ضربات مؤشر سوق الأسهم السعودي؟ أو بصيغة أخرى: من المستفيد من كل ذلك؟.. والإجابة بالطبع لدى هيئة سوق الأسهم، لأن من المفترض أن نظام الهيئة يمكن من معرفة حجم تعاملات كل محفظة. وما دام العنوان عن البحث عن المستفيد، وأن للاكتتابات أثرها في امتصاص السيولة من السوق، فبالطبع هناك من استفاد من الاكتتابات الجديدة. وأقصد ملاك شركات العائلات الذين تم تقيم أصولهم على نحو عندما اختبرتها ميكانيكية السوق بالعرض والطلب، وأصبحت تتداول بأسعار دون التي اُكتتبت بها. فإن للمكتتبين سؤالا يوجهونه لوزارة التجارة عن ماهية ما يحدث لعدالة تقييم أصول هذه الشركات؟! وعلى أي أساس تم تحديد علاوة إصدار أسهم الشركات التي تعرض حالياً بأقل من التكلفة!؟

ختاماً.. سبق أن قدمت ورقة بحث علمي تعرضت في أحد أجزائها لنصوص القانون الأميركي لمعاقبة جناة سوق المال، ومن النتائج أنه ومن نصوص القانون الأميركي اعتبار هذه الجرائم من الجرائم العظمى الفيدرالية. ولذلك لا تنظر قضاياها بالمحاكم الجزئية للولايات، بل تحال للمحكمة العليا (Supreme Court). وسؤالي: كيف ننظر نحن (بالمقارنة) لمرتكبي جرائم السوق المالية؟! كاتب ومحلل مالي [email protected]