الأسواق التركية تنتعش بقوة وسط ترحيب الأوساط الاقتصادية

بعد قرار عدم إغلاق الحزب الحاكم

جانب من تداولات البورصة التركية (أ.ف.ب)
TT

حققت السندات التركية أكبر مكاسب لها في غضون عامين، في حين انتعشت الأسهم والليرة بقوة في أعقاب «نجاة» حزب العدالة والتنمية، الذي يقوده رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان من الحظر، بعد قرار المحكمة الدستورية برفض دعوى إغلاق حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وتنفست الأوساط الاقتصادية التركية الصعداء، بعد قرار المحكمة الدستورية، عدم حظر الحزب الحاكم، الذي كان متهما بنشاطات مناهضة للعلمانية، ما جنب البلاد فترة عدم استقرار طويلة على ما يرى محللون.

واعتبر العديد من المراقبين الاقتصاديين ان قرار المحكمة الدستورية في التركية، علامة بارزة ومن المتوقع ان يساعد ذلك الحكم على توفير الاستقرار السياسي في تركيا، وهو أمر مهم جدا للأسواق.

وفي هذا السياق قال تولغا اديز الاقتصادي في «ليمان بروذرز» في لندن «القرار سيساهم في إنعاش الأسواق ويخفف من التقلبات الكبيرة في أسعار الأصول التركية، لأنه سيمنح استقرار سياسيا مطلوبا في البلاد».

كما رفعت مجموعة «سيتي غروب» تصنيف الأسهم التركية الى «محايدة» بعد صدور الحكم، معتبرة انه قد أزاح «أحد أوجه عدم اليقين الرئيسية التي تشوش التوقعات». من ناحيته حث مفوض توسيع الاتحاد الأوروبي أولي رين تركيا على «استئناف مسيرة الإصلاح لتحديث البلاد بكامل طاقتها».

وهنا قال هاكان كاكان المحلل في مؤسسة «اوتونومي كابيتال» في لندن انه «لا يزال هناك مجال لمواصلة هذا الزخم، وفي الشهرين أو الثلاثة المقبلة فإنه من المنطقي ان يتفوق أداء السوق التركي على العديد من الأسواق الناشئة الأخرى».

وقبيل إعلان قرار المحكمة استبقت بورصة اسطنبول قرارا بعدم حظر حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء طيب رجب اردوغان، مغلقة على ارتفاع. وتأكد تحسن الأسواق أمس مع صعود جديد في بداية التعاملات وقال لوكالة الصحافة الفرنسية خلوق بورمشيكجي رئيس قسم التحليلات في مصرف «فورتيس»، «كان المستثمرون يراهنون منذ أسبوع او أسبوعين على قرار بهذا المنحى لا يؤثر على الأسواق». وأوضح أن «التحسن سيكون محدودا، لأن بعد أيام قليلة سيتفاعل المستثمرون مجددا أكثر مع الظروف الدولية غير المؤاتية». ويؤيد رفعت حساتجيكاوغلو رئيس اتحاد غرف التجارة والبورصات في تركيا هذا الرأي، داعيا الى «التركيز على الاقتصاد من دون تضييع الوقت، خصوصا أن الأسواق العالمية غير مستقرة، ولا تعرف الى أين تتجه».

وقال في بيان «حان الوقت الآن للعودة الى العمل. ففي إطار الأزمة المالية العالمية التي تتعمق (..) وفي إطار المنافسة الدولية التي تتسارع، كل يوم تأخير في الإجراءات التي ستضمن مستقبلنا، هو خسارة».

ورحبت منظمة أصحاب العمل النافذة هي أيضا بارتياح، بقرار القضاة الاكتفاء بتوجيه تحذير الى حزب العدالة والتنمية، مع إلغاء جزء من تمويله الرسمي. وقالت هذه المنظمة «الديمقراطية التركية نجحت في اختبار مهم» طبقا لما نقلته (ا.ف.ب).

وأضافت «منذ اليوم الأول من هذه المحاكمة، شددنا على ان حظر الأحزاب ليس حلا في الأنظمة الديمقراطية، وأنها ستضر بالثقافة الديمقراطية عبر التسبب بأزمة وغموض سياسي».

وهذا الغموض كان سينتج عنه عواقب ضارة بالاقتصاد على ما قال سيف الدين غورسيل، الخبير الاقتصادي في جامعة غلاطة سراي في اسطنبول لوكالة فرانس برس. وأضاف غورسيل «لو حلت المحكمة العليا حزب العدالة والتنمية، لأحدث ذلك صدمة على صعيد سعر الصرف وارتفاعا في التضخم، وردة فعل من المصرف المركزي لرفع نسب الفائدة في حين ان النمو بطيء أساسا».

وبعدما مرت تركيا عام 2001 بأخطر أزمة اقتصادية في تاريخها، عرفت في عهد حزب العدالة والتنمية مرحلة من النمو القوي (9.9% في 2004 و7.6% في 2005 و6% في 2006) خف تدريجا ليصل الى 4.5% في 2007، وهو دون الهدف الرسمي المحدد بنحو 5 في المائة.

وأضاف الأستاذ الجامعي «على المدى الطويل كانت البطالة سترتفع، وسيحصل تشديد أكثر في الاقتصاد، من دون ان نتمكن من الحديث عن أزمة رئيسية، إذ ان حزب العدالة والتنمية كان سيبقى في السلطة بطريقة او بأخرى».

وقفزت الأسواق التركية أمس، بعد أن أثار قرار المحكمة الدستورية برفض دعوى إغلاق حزب العدالة والتنمية الحاكم آمال المستثمرين بأن يؤدي الاستقرار السياسي الى تعزيز الاقتصاد.

وارتفعت الأسهم خمسة في المائة، وزادت الليرة اثنين في المائة، بينما هبط العائد على السندات القياسية نقطة مئوية واحدة، لتواصل السوق موجة صعود بدأتها أول من أمس الأربعاء، وسط تكهنات بحكم في صالح الحزب الحاكم.

وقالت لرويترز عائشة جولاك مديرة الأبحاث في تيرا ستوك بروكر «هذه أفضل نتيجة ممكنة بالنسبة للأسواق. فأولا نعتقد أن الانتخابات المبكرة أصبحت أمرا غير وارد. وثانيا زال خطر تعليق مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الأوروبي». وأضافت «اعتقد أن الأسواق ستواصل رد الفعل الايجابي لهذه النتيجة مع انحسار عامل قلق رئيسي». وفتح المؤشر الرئيسي بورصة اسطنبول مرتفعا خمسة في المائة، حيث بلغ المؤشر 42871 نقطة بارتفاع 3.7 في المائة. وقد صعد المؤشر 22 في المائة منذ نهاية الشهر الماضي، ولكنه لا يزال أقل بنسبة 23 في المائة عن مستواه في نهاية عام 2007.

وبلغ سعر صرف الليرة 1.1640 ليرة للدولار في سوق المعاملات بين البنوك، بارتفاع 2.3 في المائة عن سعر الإغلاق الرسمي أمس الأربعاء على 1.1905 ليرة.

وبلغ العائد على السندات القياسية التي تستحق في 14 ابريل (نيسان) عام 2010 نحو 18.82 في المائة، ارتفاعا من 18.69 في المائة في بداية معاملات أمس، ولكنه لا يزال أقل بكثير من إغلاق أول من أمس على 19.74 في المائة.