هل تراجع معدل النمو الصيني مؤقت؟

التباطؤ الحاد يقلق الدوائر الرسمية في رابع أكبر اقتصاد في العالم

الكثير من المراقبين يعتقد ان العلاقة غير المتكافئة بين الاقتصاد والسياسة ستؤثر سلبيا على النمو الاقتصادي الصيني (رويترز)
TT

نما الاقتصاد الصيني بمعدل 11.9 بالمائة في عام 2007 متجاوزا مستوى العشرة بالمائة للعام الخامس على التوالي لكن معدل النمو تباطأ الى 10. بالمائة في النصف الاول من هذا العام مع تراجع الطلب على الصادرات الصينية بسبب ازمة الائتمان. وهبط مؤشر مشتريات المديرين الشهري الى 48.4 من 52 نقطة في يونيو (حزيران) الماضي. وهذه هي المرة الاولى التي ينخفض فيها المؤشر عن 50 نقطة وهي الحد الفاصل بين النمو والانكماش منذ طرح المؤشر في عام 2005. ويقول اقتصاديون ان اغلاق مصانع وفرض قيود على المواصلات بهدف تحسين نقاء الهواء في بكين وقت الدورة الاولمبية قد يكون أثر على اتجاهات الاعمال.

وحاول الرئيس الصيني هو جين تاو أمس من تبديد اي مخاوف من حصول تباطؤ اقتصادي في فترة ما بعد الالعاب الاولمبية على غرار ما شهدته معظم الدول التي استضافت دورة الالعاب الاولمبية الصيفية منذ الحرب العالمية الثانية، مضيفا ان الاقتصاد الصيني سيواصل نموه «بسرعة وبوتيرة ثابتة» على الرغم من «الصعوبات» الحالية. وقال في مقابلة مع وسائل اعلام اجنبية، كما جاء في تقريرين لرويترز ووكالة الأنباء الفرنسية من بكين ان «عوامل الغموض والاضطراب تزداد في ظل الوضع الدولي الراهن والاقتصاد الصيني يواجه صعوبات متزايدة وتحديات». لكنه اضاف «سنواصل تسجيل نمو سريع وثابت بالتزامن مع ضبط الارتفاع الكبير في الاسعار».

وقال ان «اقتصاد مدينة بكين هو مجرد جزء صغير من الاقتصاد الوطني. يجب ان لا نبالغ في تقدير الدفع الذي اعطته العاب بكين للاقتصاد بمجمله».

وقال هو ان الصين حققت نموا قويا في النصف الاول من العام على الرغم من العواصف الثلجية الشديدة وزلزال مايو (ايار) الذي أودى بحياة نحو 70 الف شخص. وأشارت دراسة رسمية الى ضعف قطاع الصناعات التحويلية المهم. وقالت مصادر مصرفية لرويترز أمس ان البنك المركزي سمح للبنوك بزيادة اقراضها بنسبة خمسة بالمائة في اشارة على القلق الرسمي من التباطؤ الحاد في رابع أكبر اقتصاد في العالم. وهذه الخطوة من شأنها اتاحة نحو 200 مليار وون (30 مليار دولار) من الائتمان الجديد.

وتحدث هو جين تاو قبل أسبوع من افتتاح دورة الالعاب الاولمبية التي تعتبر على نطاق واسع تتويجا لظهور الصين كقوة اقتصادية كبرى، قائلا «يجب ان نحقق تنمية مستقرة وسريعة نسبيا ونحكم ارتفاعات الاسعار وهذه اولويات ضبط الاقتصاد الكلي».

الا ان الكثير من المراقبين يعتقد ان العلاقة غير المتكافئة بين الاقتصاد والسياسة ستؤثر سلبيا على النمو الاقتصادي الصيني، وهذا الاختلال مثلا لا تعاني منه الهند، ولهذا فإن الاعتقاد السائد عند هؤلاء من ان الهند قد تكون القوة الاقتصادية الأكثر فاعلية على المستوى العالمي على المدى البعيد. وقال الرئيس الصيني في هذا الصدد «وفي الوقت نفسه الى جانب الاستمرار في تعميق الاصلاحات في النظام الاقتصادي وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية قوية وسريعة سنواصل الاصلاح الشامل الذي يشمل اصلاح النظام السياسي». وتعتقد القيادة السياسية الصينية ان تراجع النمو سريع جدا، ولهذا فإن أولويتها هي تحقيق نمو مستقر مع مكافحة التضخم التي حددتها بشكل مطلق عام 2008، لكنها شددت اخيرا خلال سلسلة اجتماعات على دعم النمو.

ويشير المحللون الى ان السلطات تواصل مكافحة التضخم «بهجومية» لكنها عادت تركز ايضا على المحافظة على نمو «ثابت وسريع». وسجل التضخم الذي لا يزال قويا بعض التباطؤ وبلغ ارتفاع مؤشر اسعار المنتوجات الاستهلاكية في يونيو (حزيران) نسبة 1.7 في المائة بعدما وصل في فبراير (شباط) الى 7.8% وكان اعلى مستوى له منذ حوالي 12 عاما.