البطالة الأميركية تقفز لأعلى مستوياتها في 4 سنوات

في ظل نقاش حول كيفية تحفيز أكبر اقتصاد في العالم

TT

أظهر تقرير حكومي أمس أن معدل البطالة في الولايات المتحدة ارتفع الى 5.7 في المائة في يوليو (تموز) الماضي ليسجل أعلى مستوى منذ ما يقرب من أربع سنوات، يزيد من مخاطر تعمق التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة.

كما انخفض عدد الوظائف للشهر السابع على التوالي لكن الانخفاض جاء أقل حدة من المتوقع.

وقالت وزارة العمل الاميركية ان عدد الوظائف انخفض 51 ألفا في الشهر الماضي ليصل إجمالي الانخفاض منذ بداية العام الجاري الى 463 ألفا. وقالت ناريمان بيهرافيش كبيرة الاقتصاديين في غلوبال انسايت في ليكسينتون في ولاية ماساتشوسيتس الاميركية «ان هذه البيانات تقدم مزيدا من الأدلة على ان الاقتصاد الاميركي يعيش مرحلة الركود، ربما يكون من النوع غير العميق، إلا انه سيحبط نزعة الإنفاق الاستهلاكية». وكان آخر مرة قد صعد معدل البطالة في الولايات المتحدة لأعلى مستوياته في عام 2001، عندما كانت أميركا في مرحلة ركود اقتصادي، وهذا الصعود في معدل البطالة والمترافق مع تراجع قيمة العقارات، وتشديد شروط الائتمان، فضلا على الارتفاع القياسي لأسعار الطاقة بكل تأكيد سيجعل من الإنفاق الاستهلاكي في أدنى مستوياته.

وعدلت الوزارة تقديراتها لانخفاض الوظائف في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، وقالت ان الانخفاض في مايو بلغ 47 ألفا فقط بدلا من التقدير السابق البالغ 62 ألفا وانه بلغ في يونيو 51 ألفا بدلا من 62 ألفا طبقا للبيانات التي أوردتها وكالة رويترز للأنباء.

ويؤكد الارتفاع الحاد غير المتوقع لمعدل البطالة مدى تداعيات التدهور المستمر في سوق الإسكان على النمو الاقتصادي، وهذا هو أعلى معدل للبطالة منذ بلغ 5.8 في المائة في مارس (اذار) عام 2004.

وواصل الدولار ارتفاعه مقابل اليورو الأوروبي أمس الجمعة وقلص خسائره أمام الين الياباني بعد أن أظهرت بيانات انخفاضا أقل من المتوقع في الوظائف الاميركية خلال يوليو الماضي. وانخفض اليورو الأوروبي عقب التقرير 0.4 في المائة الى 1.5542 دولار من 1.5580 دولار قبل صدوره. وتراجعت العملة الاميركية 0.2 في المائة الى 107.57 ين بالمقارنة مع 107.46 ين.

وفي المقابل انخفضت أسعار النفط أثناء التعاملات أمس بسبب البيانات المخيبة للآمال حول أداء الاقتصاد الأميركي. وسجل الخام الأميركي الخفيف من نوع غرب تكساس تسليم سبتمبر (أيلول) المقبل 123.52 دولار للبرميل بانخفاض مقداره 57 سنتا عن سعر الإقفال أول من أمس.

في الوقت نفسه سجل مزيج برنت بحر الشمال 123.65 دولار للبرميل بانخفاض مقداره 41 سنتا عن سعر الإقفال أمس، ولم يستبعد الخبراء استمرار تراجع أسعار النفط في الفترة المقبلة بعد أن هبط سعر البرميل منذ منتصف يوليو الماضي بنحو 19 دولارا.

ويطرح ضعف النمو الاقتصادي الاميركي الذي بالكاد وصل الى 1.9% وفق الوتيرة السنوية في الفصل الثاني من السنة، مجددا فكرة اعتماد خطة نهوض اقتصادي ثانية ولا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني). وعمت الأسواق الاميركية خيبة أمل كبيرة حيال أرقام إجمالي الناتج الداخلي الصادرة الخميس وضعف الاستهلاك (+1.5%) في وقت كان الكثيرون يأملون في تسجيل ارتفاع كبير تحت تأثير خطة الإنعاش التي أقرت في مطلع العام وقدرها 168 مليار دولار.

ويبدو ان ما كان يخشاه البعض حصل إذ ابتلعت اسعار البنزين والمواد الغذائية قسما كبيرا من هذه الأموال، وعادت مخاطر حصول تباطؤ حاد في نهاية العام لتحدق بالاقتصاد الأول في العالم.

وعزز هذا الامر بقوة الخميس فكرة إقرار خطة نهوض ثانية بعدما كانت مطروحة منذ عدة أسابيع. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية جوش بيفنز من معهد السياسة الاقتصادية القريب من الديمقراطيين «ان لم يضع الكونغرس خطة نهوض جديدة أكثر فاعلية كما يتوجب عليه بأسرع ما يمكن، عندها سيسجل النمو المزيد من التدهور».

وتحظى فكرة إقرار خطة ثانية بتأييد العديد من الديمقراطيين من بينهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي دعت مجددا الخميس الى إجراءات «مؤقتة ومحددة الأهداف تأتي في الوقت المناسب».

وسبق ان أيد المرشح الديمقراطي للبيت الابيض باراك اوباما اعتماد خطة بقيمة خمسين مليار دولار، أما البيت الابيض، فيبقى متمنعا.

وقال مسؤول شؤون الموازنة في البيت الابيض جيم ناسل الخميس متحدثا لشبكة سي ان بي سي «اعتقد ان الحجة الرئيسية من اجل خطة نهوض ثانية ليست المؤشرات الاقتصادية الأخيرة بل ان ثمة انتخابات بعد ثلاثة اشــهر». ويلزم صندوق النقد الدولي هو أيضا حذرا شديدا حول ما إذا كان اعتماد مثل هذه الخطة مفيدا. وقال مسؤول في الهيئة المالية الأربعاء «ان كان يتحتم إقرار (خطة)، ونحن لا نعتقد ان هذه هي الحالة في الوقت الحاضر، فينبغي ان تتركز على جذور المشكلة» وهي «القطاعان العقاري والمالي» طبقا لما أوردته (ا.ف.ب).

وهذا التمنع ناتج أيضا عن كلفة الخطة على صعيد المالية العامة في وقت أعلن البيت الابيض توقعاته ان العجز في الميزانية سيصل الى مستوى قياسي قدره 482 مليار دولار العام المقبل.

ورأى زاك باندل الخبير الاقتصادي في مؤسسة ليمان براذرز ان كل ما ستفعله خطة النهوض انها ستؤخر المشكلة، وقال «ستكون هذه إجراءات مؤقتة بدون اي تأثير دائم»، معتبرا ان خطة الإنعاش الحالية ستدعم إجمالي الناتج الداخلي في الفصلين الثاني والثالث «لكنها فيما بعد ستؤدي الى تراجع النمو بالقدر ذاته».

وأشار باندل الى ان حل الازمة الحالية يستوجب قبل اي شيء امتصاص المخزون الهائل من المساكن المطروحة للبيع وتسوية المشكلات في الأسواق. كذلك حذر محللون آخرون من ان خطة ثانية قد لا يكون لها تأثير الخطة الأولى. ورأى اليك فيليبس من مؤسسة غولدمان ساكس ان «الرزمة التي ستطرح للمناقشة ستكون بالتأكيد محدودة أكثر بكثير وستقارب حوالي خمسين مليار دولار» على ان يتوزع تأثيرها على عدة اشهر.

ورجح بالفعل ان لا تعتمد اية خطة جديدة فقط على إرسال شيكات الى المستهلكين بل ان تراهن أيضا على زيادة النفقات المرتبطة بالبنى التحتية وتخصيص مساعدة لموازنة الولايات واعتماد إجراءات لدعم القوة الشرائية مثل تمديد المساعدات للعاطلين عن العمل. وكتب فيليبس في مذكرة ان القيود الزمنية تحمل في مطلق الأحوال على عدم توقع تحرك فوري، مرجحا لذلك «عام 2009 على النصف الثاني من عام 2008».