البورصات العربية تعكس ضعف الارتباط بين أدائها ونتائج أعمال الشركات المدرجة فيها

انخفاضات بقيادة عمانية وارتفاع وحيد في الكويت

تمكنت السوق الكويتية من مواصلة الأداء الايجابي مع نهاية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

لم تستطع بورصات المنطقة من تجاوز السلبيات التي أحاطت تداولاتها اليومية خلال شهر يوليو (تموز)، ولم تستطع أيضا الخروج من دوامة التذبذب اليومي الحاد المسجل لديها، الأمر الذي يجعلنا نتفق مع نظرية ضعف معامل الارتباط بين المتغير المستقل (نتائج الشركات) والمتغير التابع (الأداء اليومي للأسهم) إلى درجة بعيدة، حيث أن من الطبيعي أن ترتفع نسب التحسن أو الضعف تبعا لطبيعة العلاقة بين معاملات السوق، وتبعا للفترة المالية وضمن نطاق الدورات الاقتصادية. ومن الطبيعي أيضا أن يرتفع معامل الارتباط بين حركة أسعار الأسهم ونتائج الشركات، التي تم الإعلان عنها الى ما دون 100% خلال فترة إعلان النتائج، لتتراوح نسب الارتباط الطبيعية ما بين المتغيرين بين 0.65% و0.80% للبورصات الناشئة. وتأتي حتمية الارتباط بين تلك المتغيرات خلال فترات محددة، اعتمادا على أساسيات التحول من الملكيات الخاصة للشركات الى الاكتتاب العام، تماشيا مع ضرورات اقتصادية ومالية تمويلية تحتاجها الشركات بهدف الاستحواذ على الحصص السوقية الأكبر، وتقوية مراكزها المالية تمهيدا لتطوير قدراتها على المنافسة على المستويين المحلي والدولي، لتنعكس في المجمل على تعظيم حصص وعوائد الملاك وحملة أسهمها في حالات الاغلاقات الايجابية لأعمالها الربعية والسنوية.

ويعود الضعف المسجل بين المتغيرات في الدرجة الأولى الى اختلاف قيم الاستثمار بين صغار المستثمرين وكبار اللاعبين في الأسواق، حيث تستطيع الفئة الثانية من التحكم في الأداء اليومي بكل سهولة، فيما يدفع الثمن صغار المستثمرين غالبا، في حين يأتي انشغال إدارات الشركات المدرجة في انجاز المشاريع التي تعمل على تنفيذها لتضعف العلاقة بين الشركة والسوق وحملة الأسهم، من دون الوصول الى مرحلة الانسجام والتكامل بين كافة الاطراف.

في حين تعمل الفرص الاستثمارية، التي توفرها اقتصاديات المنطقة ضمن اتجاهين متعارضين، ايجابي على مستوى الأفراد والمستثمرين، وسلبي على مستوى استقرار البورصات ونمو أدائها.

وجاءت اغلاقات بورصات المنطقة عن شهر يوليو لتعزز ضعف معامل الارتباط بين المتغيرات، حيت أغلقت البورصة السعودية على تراجع ملموس في أدائها وقيم تداولاتها، فيما تذبذب المؤشر العام ضمن 1055 نقطة نزولا لتبتعد كثيرا عن مسارها الطبيعي، الأمر الذي اوجد فجوات كبيرة بين أسعار أسهم شركات صغيرة وبين أسعار أسهم شركات كبرى، حيث ترتفع الأولى وتنخفض الثانية.

وأغلقت بورصة الكويت على انخفاض أيضا وبواقع 500 نقطة نزولا خلال يوليو، نتيجة تعرضها لموجات جني أرباح في الوقت غير المناسب، فيما انسجمت أيضا في الاتجاه البورصة القطرية لتفقد ما يزيد عن 500 نقطة نزولا، نتيجة تركز التداولات اليومية على قطاعات محددة وعمليات جني الأرباح شبه اليومية.

وفقدت البورصة العمانية ما يقارب 700 نقطة نزولا، نتيجة عدم قدرة المؤشر العام للبورصة من بناء نقاط دعم أو نقاط مقاومة تعمل على الحد من نطاق التذبذبات اليومية عند حدوثها. وفي المجمل نجد أن كافة الاتجاهات المسجلة لدى بورصات المنطقة، خلال الشهر الماضي، جاءت متعارضة مع نتائج أعمال الشركات التي تم الإعلان عنها، والتي فاقت التوقعات في غالبها، مما يعني خسارة الشركات المدرجة وحملة أسهمها واقتصاديات المنطقة من قطف ثمار التطور الاقتصادي الهائل المسجل حتى اللحظة، الذي يحول دون الوصول الى مستويات عالية من التكامل بين كافة القطاعات الاقتصادية النشيطة لدول المنطقة.

وبإلقاء نظرة على أداء الأسواق، ففي السعودية، تكبدت السوق خسائر جديدة وسط تداولات متواضعة وغياب التفاعل مع النتائج المالية للشركات المدرجة، وارباحها القياسية، بينما استمرت حالة التردد بالسيطرة على السوق نتيجة العوامل الخارجية والاجواء المشحونة، اضافة الى تقلبات اسعار النفط، بينما خسر مؤشر تداول 340.13 نقطة، متراجعا بنسبة 3.75 في المائة، ليستقر عند مستوى 8740.74 نقطة، وقد شهدت السوق تداول 1.07 مليار سهم بقيمة 38.7 مليار ريال، استحوذ منها قطاع الاستثمار الصناعي على ما نسبته 46% من إجمالي قيمة الأسهم، واحتل من خلالها المرتبة الأولى من حيث القيمة، تلاه قطاع الصناعات البتروكيماوية بنسبة 13 في المائة، ثم قطاع الاتصالات بنسبة 7 في المائة من إجمالي قيمة الأسهم المتداولة.

بينما تمكنت السوق الكويتية من مواصلة الأداء الايجابي مع نهاية الأسبوع الماضي، حيث سجل مؤشرها ارتفاعا جديدا بواقع 89.7 نقطة أو ما نسبته 0.6 في المائة وصولا إلى مستوى 14977.5 نقطة بدفع من قطاع الخدمات المدعوم باسهم شركات الاتصالات، حيث تمكنت السوق من تجاوز عامل انخفاض حجم التداول، الذي تراجع بواقع 21 في المائة، حيث قام المستثمرون بتداول 830.8 مليون سهم بقيمة 416.7 مليون دينار، تم تنفيذها من خلال 23038 صفقة، وشهدت السوق ارتفاع أسعار أسهم 65 شركة مقابل انخفاض أسعار أسهم 72 شركة، بينما استقرت أسعار أسهم 63 شركة. وأنهت السوق العمانية تداولات الأسبوع الماضي على تراجع كبير نال من جميع قطاعات السوق، على الرغم من الارتفاع الملحوظ بأحجام التداولات في دلالة إلى أن التركيز كان على عمليات البيع التي طالت غالبية أسهم السوق، وفي مقدمتها الأسهم القيادية، حيث سجل مؤشر السوق تراجعا بواقع 807 نقطة أو ما نسبته 6.99 في المائة، مستقرا عند مستوى 10737.1 نقطة، وقطاع الصناعة أعلى نسبة انخفاض بواقع 7.5 في المائة، تلاه قطاع البنوك بنسبة 6.6 في المائة، ثم قطاع الخدمات بنسبة 5.9 في المائة. وشهدت السوق تداول 50.3 مليون سهم بقيمة 52.2 مليون ريال، في حين بلغ المعدل اليومي لحجم التداول 13.07 مليون ريال، أي زيادة بنسبة 79 في المائة بالمقارنة مع الأسبوع الذي سبق. كما شهدت السوق ارتفاع أسعار أسهم 4 شركات مقابل انخفاض أسعار أسهم 52 شركة، بينما استقرت أسعار أسهم 15 شركة.

وتأثرت السوق القطرية بنتائج مصرف الريان الاسلامي المالية، التي اظهرت تراجعا قويا بالمقارنة مع ارباح نفس الفترة من العام الماضي، حيث خسر مؤشر سوق الدوحة 149.21 نقطة، متراجعا بنسبة 1.26 في المائة ليستقر عند مستوى 11633.42 نقطة. وقد شهدت السوق تداول 43.7 مليون سهم بقيمة 2.1 مليار ريال تم تنفيذها من خلال 28 ألف صفقة، استحوذ منها قطاع الخدمات على ما نسبته 39.11 في المائة من إجمالي قيمة التداولات ونسبة 45.12 في المائة من إجمالي الكمية، في حين استحوذ قطاع البنوك على نسبة 35.76 في المائة من حيث القيمة ونسبة 41.10 في المائة من حيث الكمية. واستحوذ قطاع الصناعة على 19.45 في المائة و10.49 في المائة على التوالي، فيما استحوذ قطاع التأمين على 5.68 في المائة و3.29 في المائة على التوالي.

وفي مصر قللت ارتفاعات نهاية الاسبوع التي دفعها ارتفاع اسهم البنك الدولي التجاري من تراجع البورصة الاسبوعي، بعد الانخفاض الكبير الذي اصاب مؤشراتها منتصف الاسبوع بقيادة سهم اوراسكوم تيليكوم، ليكتفي مؤشر كيس 30 بخسارة 131.32 نقطة مستقرا عند مستوى 9251.19 نقطة.

وشهدت جلسة نهاية الأسبوع تحقيق سهم البنك التجاري الدولي أكبر مكاسبه لجلسة واحدة في 22 شهرا، مما رفع مؤشر البورصة المصرية مع مراهنة المستثمرين على أن توزيع أسهم مجانية سيحقق مردودا مرتفعا. وصعدت أسهم أكبر البنوك المصرية من حيث القيمة السوقية 5.17 في المائة الى 50.49 جنيه مصري وذلك بعد تراجعها نحو 20 في المائة هذا العام خلال الجلسة السابقة. وصرف البنك سهما مجانيا لكل اثنين في حوزة المستثمرين. وإجمالا ارتفع مؤشر كيس 30 القياسي 1.28 في المائة الى 9251.19 نقطة.

كما دفعت عمليات جني الارباح بالسوق الاردنية نحو تسجيل تراجع متوسط الحدة، وسط ارتفاع طفيف في التداولات بلغت قيمتها اليومية بحدود 100 مليون دينار، ليكتفي مؤشر بورصة عمان بفقدان 81.86 نقطة بنسبة 1.74 في المائة ليستقر عند مستوى 4629.5 نقطة، وعلى الصعيد القطاعي ارتفع الرقم القياسي للقطاع المالي بنسبة 0.68 في المائة، وانخفض الرقم القياسي لقطاع الخدمات بنسبة 4.19 في المائة، وانخفض الرقم القياسي لقطاع الصناعة بنسبة 4.32 في المائة، وقد شهدت السوق تداول 120.2 مليون سهم بقيمة 501 مليون دينار اردني تم تنفيذها من خلال 83661 صفقة، وعلى صعيد المساهمة القطاعية في حجم التداول، فقد احتل القطاع المالي المرتبة الأولى، حيث حقق ما مقداره 258.3 مليون دينار وبنسبة 51.6 في المائة من حجم التداول الإجمالي، وجاء في المرتبـة الثانيـة قطاع الصناعة بحجم مقداره 158.6 مليون دينـار وبنسبـة 31.7 في المائة، وأخيراً قطاع الخدمات بحجم مقداره 84.0 مليون دينار.

* محلل اقتصادي