«كريديه سويس»: إيجارات العقارات التجارية لاتزال منخفضة في منطقة الخليج

توقع ارتفاع استهلاك الشرق الأوسط من النفط 3.6% سنويا

إجمالي المساحة التأجيرية في دبي تقدر بحوالي 2.2 مليون متر مربع («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد منطقة الخليج منذ سنوات قليلة فورة في قطاع التسوق يدل عليها نمو المراكز التجارية كالفطر في المدن الرئيسية في المنطقة وخاصة في دبي التي تستحوذ على اكبر نسبة من مساحات التسوق قياسا الى عدد السكان. لاتزال مساحات التجزئة العصرية (أي المراكز التجارية) تشكل ظاهرة حديثة في مجلس التعاون الخليجي، غير أنها تنمو بوتيرة سريعة. وفي تقرير خاص بـ«الشرق الأوسط»، أشار تقرير لبنك كريديه سويس الى ان دبي تستحوذ على أكثر من 70% من مجموع إجمالي المساحة التأجيرية في دولة الإمارات العربية المتحدة وحوالي ربع إجمالي المساحة التأجيرية في مجلس التعاون الخليجي. وقال ان إجمالي المساحة التأجيرية في دبي تقدر بحوالي 2.2 مليون متر مربع، إي بارتفاع حوالي 0.3 مليون متر مربع عن العام 2000. ومن المتوقع أن يتجاوز إجمالي المساحة التأجيرية 3 ملايين متر مربع في العام 2010، اي بزيادة 40% بالمقارنة مع المستويات الحالية. وخلافاً لقطاع المكاتب، فإن إيجارات التجزئة لاتزال منخفضة نسبياً بالمقارنة العالمية، ولكن على غرار أي قطاع ملكية آخر، فقد شهدت مساحات التجزئة في دبي نمواً ملحوظاً في الإيجارات بلغ حوالي 40% من عام لآخر خلال العام 2007 إلا انها بقيت مستقرة نوعاً ما خلال الأشهر الستة الأخيرة.

وقال المحلل اديلهايد ليختنشتاين «في حين اننا لا نتوقع أي ارتفاع قوي في الإيجارات في دبي بسبب النشاط العمراني القوي، إلا اننا نتوقع ان يشكل ارتفاع الطلب القوي دعماً لهذه الإيجارات. إن المحفزات الأساسية في مبيعات التجزئة وبالتالي الطلب على مساحة التجزئة تتمثل في النمو السكاني الكبير ونمو الدخل». فقد ارتفع إنفاق المستهلك بنسبة 17% من عام لآخر في العام 2007، مما يشير الى ان توسع أسواق ائتمان المستهلك يعزز مبيعات التجزئة. وقد ارتفعت القروض الشخصية بهدف الاستهلاك بنسبة تجاوزت 30% سنوياً في الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات السبع الأخيرة. كما تعتبر السياحة مصدراً مهما لمبيعات التجزئة خصوصاً في دبي، حيث يشكل إنفاق السياح أكثر من 50% من المداخيل. وفي الدوحة، يشكل السياح نحو 20% من مداخيل المراكز التجارية. ومع ذلك، نجد أن ثقة المستهلك قد تدنت في الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، قطر والكويت خلال العام المنصرم بسبب ارتفاع نسبة التضخم، وغلاء المعيشة والإيجارات.

وفي حين تظهر الرياض على أنها السوق الأكبر من حيث القيمة المطلقة بحيث احتلت مساحة 2.5 مليون متر مربع من إجمالي المساحة التأجيرية في نهاية العام 2007، إلا أن دبي هي حتى الآن اكبر الأسواق من حيث نصيب الفرد من إجمالي المساحة التأجيرية.

ونظراً لكون إنفاق المستهلك في دبي هو 27 دولارا اميركيا للفرد في اليوم، أي بارتفاع ثمانية أضعاف عن سائر الدول العربية، وفقا للحكومة الإماراتية، فإن ذلك يبرر ارتفاع قيمة إجمالي المساحة التأجيرية للفرد. وفي المقابل، في حال تم تحقيق العرض وفقاً لما هو متوقع بحلول العام 2010، فستستحوذ دبي على أكثر من مترين مربعين لمساحة التجزئة للفرد في العام 2010، متجاوزة بذلك الولايات المتحدة التي تحتل الطليعة بإجمالي مساحة تأجيرية للفرد تقارب مترين مربعين.

وعلى خلفية ديناميات العرض والطلب الحالية، من المتوقع أن تحافظ الإيجارات إلى حد ما، على استقرارها للأشهر الإثني عشر القادمة في دبي، أبوظبي والرياض، في حين من المتوقع أن تشهد الإيجارات مزيداً من النمو في الدوحة. وتناول التقرير من جانب آخر توقعات الانتاج النفطي في المنطقة حيث تناولت المحللة بيتينا سيميوني موضوعا حيويا هو تنامي ما تستهلكه المنطقة من إنتاجها النفطي نتيجة تسارع معدلات النمو الاقتصادي.

فقد أظهرت منطقة الشرق الأوسط، بوصفها المنتج الأكبر للنفط حيث تصل نسبة الإنتاج فيها إلى 30.8%، أن مجموع احتياطيها النفطي بلغ نسبة 61% في نهاية العام 2007. مع ذلك، استفادت دول مجلس التعاون الخليجي عبر السنوات من ارتفاع أسعار الطاقة العالمية. كما تظهر عملية إعادة الاستثمار في اقتصادات تلك الدول الالتزام الكبير لدول المجلس لاستحداث خطط التنويع والتنمية. بالإضافة إلى ذلك، شهدت المنطقة ارتفاعا في استهلاك النفط والتي حتى لو جرى تصحيح أسعار النفط فإن قوى هيكلية قوية في الاقتصاد العالمي من شانها أن تبقي الطلب على النفط مرتفعاً. وقالت سيميوني إن الاتجاه لارتفاع استهلاك النفط قد أصبح ملازماً لمنطقة الشرق الأوسط على الرغم من ارتفاع الأسعار. فمع وجود اقتصاد يرتكز بشكل أساسي على تنمية البنى التحتية، يمثل استخدام النفط في النقل أكثر من نصف كميات النفط المستهلكة النهائية. وبحلول العام 2015، من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط فقط لهذه الغاية، بنسبة 3.6% في العام. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يؤدي التنويع الاقتصادي إلى زيادة إضافية لهذا المعدل باعتبار أن قطاعات من مثل الصناعة، والسياحة والخدمات (مباني المكاتب) هي مستهلك كبير جداً للنفط. فخلال السنوات السبع الأخيرة، التي شملت البداية في المرحلة الجديدة من التنمية الاقتصادية في المنطقة، بلغت نسبة نمو استهلاك النفط في منطقة الشرق الأوسط 44%، في حين ارتفعت نسبة نمو استهلاك النفط في الصين والهند منذ العام 2000 إلى 58% و33% على التوالي. ومن المسلم به، أن الفحم يضطلع بدور يوازي أهمية النفط على الأقل في الصين والهند.

وبفضل الأسواق الناشئة التي تشكل حوالي ثلاثة أرباع النمو الاقتصادي الإجمالي الحالي، يبقى الطلب على الطاقة مرتفعاً وحاسماً للمضي في التنمية الاقتصادية. فبالإضافة إلى التحديات التي يطرحها الطلب العالمي، سيزداد الطلب على النفط أكثر فأكثر خصوصاً من جانب الصناعات المحلية.

ففي المنطقة، تلعب الإعانات النفطية دوراً مهماً بالنسبة لارتفاع أسعار النفط، نظراً لكون النفط والغاز يشكلان المصادر الأساسية لإنتاج الطاقة. وعلى الرغم من توفر الغاز، والطاقة النووية، والمائية وغيرها من المصادر المتجددة، غير أن لا بدائل متوفرة في منطقة الشرق الأوسط. وبالتالي، مع تواصل النمو الاقتصادي في المنطقة، يبدو أن استهلاك النفط في المنطقة سيبقي على ارتفاعه نظراً لازدياد التنوع في الاقتصادات واستمرار النمو السكاني بشكل كبير.