مصر: قطاع الأثاث لا يزال يحتفظ برونقه رغم المنافسة الصينية

الحكومة وضعت استراتيجية لتطويره

TT

الأثاث المصري رغم تقلبات السوق وارتفاع الأسعار لا يزال يحتفظ بمكانته لدى المقبلين على الزواج، والراغبين في تغيير أثاث منازلهم.

عادل رفعت 27 عاما قال بينما كان يشاهد بصحبة خطيبته غرفة نوم في أحد معارض الأثاث بوسط القاهرة «أنا جئت هنا لاشتري أثاثا مصريا، زواجي بعد أسبوعين، والأثاث المصري مشهور بالذوق الرفيع والاصالة رغم ارتفاع سعره مقارنة بالأثاث الصيني».

أما مشيرة العرابي التي تتهيأ لدخول عش الزوجية تؤكد أنه بعد البحث الطويل في سوق الأثاث اكتشفت أن الأثاث المصري هو الأفضل من حيث الجودة والسعر، مقارنة بالأثاث الصيني، أو الأثاث الإسباني والفرنسي الكلاسيكي باهظ الثمن.

وقالت العرابي إن بعض المناطق في القاهرة مثل منطقة «المناصرة» بوسط القاهرة تبيع الأثاث قبل دهانه بأسعار جيدة لا منافس لها، يقبل عليها الشباب الذي يرغب في الزواج بأقل نفقات ممكنة.

ويفضل الشباب المقبل على الزواج القيام بجولات تجريبية تشمل السفر لمحافظة دمياط أقصى شمال مصر، أو التجول في المناطق الصناعية بالمدن الجديدة، ثم العودة مرة أخرى إلى الأسواق الشعبية في قلب القاهرة، في ظل ارتفاع كبير لأسعار الأثاث، فقد وصل متوسط سعر غرفة النوم إلى ما يقارب الخمسة آلاف دولار أميركي، بينما يمكن الحصول على غرفة نوم متوسطة المستوى من أحد الأسواق نظير ألفي دولار. وهنا يعترف أحمد عبد الستار(صاحب معرض أثاث) بارتفاع سعر الأثاث المصري مقارنة بالأثاث الصيني المستورد الذي يمثل تحديا كبيرا أمام المنتج المحلي، وذلك بسبب ارتفاع ثمن الأخشاب المستوردة، فضلا عن ارتفاع ثمن الدهانات والأيدي العاملة في ظل ارتفاع الأسعار عموما، غير أنه يؤكد أن الأثاث المصري خاصة المصنوع في دمياط لا يزال يحظى بإقبال محلي وعالمي في دول العالم المختلفة، لكنه يعود ويقول إن صناعة الأثاث في مصر رغم نجاحاتها لا تزال بحاجة لتطوير يزيد من قدرتها، ويفتح لها آفاقا جديدة عالميا.

ومع ذلك قطاع الأثاث في مصر يشهد زيادة مطردة في حجم الصناعة واستثماراتها، حيث تنامى حجم القطاع مطلع العام الحالي بنسبة 400 في المائة بحسب مصادر في وزارة التجارة والصناعة.

فضلا عن تحقيق الصادرات لزيادة ملحوظة خلال النصف الأول من العام الحالي بلغت نسبتها 27 في المائة بقيمة صادرات بلغت ما يوازي 140 مليون دولار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2007 والتي بلغت قيمة صادراتها ما يوازي 106 ملايين دولار.

كما بلغت استثمارات هذا القطاع 1.5 مليار دولار، غير أن الوزارة تطمح إلى زيادة هذا الرقم إلى 3 مليارات دولار بنهاية هذا العام، في قطاع يصل عدد شركاته ومصانعه العاملة إلى 200 ألف منشأة يعمل بها 600 ألف فني ومهندس في مناطق عديدة من مصر، أهمها محافظة دمياط التي تمثل المعقل الرئيسي لصناعة الأثاث في مصر، إضافة إلى المنطقة الصناعية بمدينة العاشر من رمضان غرب القاهرة.

لكن هشام الزيات (تاجر أثاث) يبدي تشاؤمه حيال الوضع الحالي، مؤكدا أن صناعة الأثاث في مصر تتهددها أخطار كثيرة، من بينها منافسة الأثاث الصيني الأرخص سعرا في ظل أزمة اقتصادية متصاعدة، فضلا عن ارتفاع أسعار الأخشاب المستوردة ومن ثم لجوء البعض إلى استيراد أخشاب أقل جودة مما يؤثر في النهاية على سمعة المنتج المصري المميزة. ويبين الزيات أن التصدير إلى الخارج لا يمر عبر آلية محددة تفهم متطلبات السوق المراد التصدير إليه، الأمر الذي يتسبب في حدوث خسائر كثيرة لكثير من المصدرين. وفي سبيل تطوير قطاع الأثاث المصري تسعى وزارة التجارة لزيادة القدرة التنافسية عبر مجموعة من السياسات حددها الدكتور هاني بركات رئيس قطاع التنمية التكنولوجية بوزارة التجارة والصناعة قائلا «إن استراتيجية تطوير قطاع الأثاث تتضمن ربط صناعات الأثاث والأخشاب المصرية بالسوق العالمية، والاستفادة من الخبرات الدولية والتكنولوجيات الحديثة، والارتقاء بمهارات العاملين بالمصانع وتوفير العمالة المدربة، حيث تم ـ والكلام لبركات ـ توقيع العديد من الاتفاقيات بين مركز تكنولوجيا الأثاث المصري وكل من ايطاليا وإسبانيا وانجلترا وكندا، فضلا عن إنشاء ثلاثة مراكز أخرى في محافظات السادس من أكتوبر وأسيوط والإسكندرية بتكلفة 3 ملايين دولار العام الحالي».

وأشار بركات إلى انه تم رصد مبلغ 5 ملايين دولار لمركزي الأثاث بمدينتي دمياط والعاشر من رمضان، للبدء في تدريب 5000 مهندس وفني بمصانع وورش الأثاث في مختلف المحافظات على أحدث البرامج التصنيعية والتكنولوجية الخاصة بتصميم الأثاث وتنمية المهارات الإدارية والتسويقية وزيادة الإنتاجية ومراقبة الجودة والدهانات والتنجيد وتجفيف وتخزين الأخشاب ويتم تقديم دعم لهذه الدورات يصل إلى 80%، بينما تتحمل الشركات والمصانع 20% فقط من تكلفة هذه الدورات التدريبية.

وأضاف بركات انه سيتم تشغيل أول معمل معتمد دوليا لاختبارات وقياس جودة الأثاث بمركز تكنولوجيا الأثاث بالعاشر من رمضان الشهر القادم، بالتعاون مع انجلترا بتكلفة ما يوازي 2.1 مليون دولار، كما يجرى إنشاء معمل آخر في دمياط والإسكندرية، مشيرا إلى أن هذه المعامل تستهدف إجراء الاختبارات، ومنح شهادات الجودة المعتمدة اللازمة للتصدير إلى السوقين الأوروبية والعالمية، والكشف على جميع أنواع الأخشاب المستوردة، ومنع دخول الأنواع غير المطابقة للمواصفات، ليكون أول المعامل المعتمدة في مجال الأثاث، لمساعدة المصنعين على تصدير منتجاتهم واعتمادها داخل مصر بدلا من الخارج.

وأوضح بركات أنه تم إنشاء وحدتين للتعبئة وتغليف الأثاث بتكلفة 2 مليون دولار، بالتعاون مع اسبانيا لتطبيق أحدث وسائل تعبئة وتغليف الأثاث داخل المصانع بما يتوافق مع طبيعة الأثاث المصري والحفاظ على جودة المنتجات الخشبية المصدرة.