ارتفاع تكاليف الاقتراض في منطقة الخليج يزيد من الضغوط على الشركات

زادت للمصارف بنسبة 45% وسط انخفاض الإيداعات

الضغوط الإضافية قد تؤثر على النمو الاقتصادي
TT

ارتفعت تكاليف الاقتراض في منطقة الخليج خلال الأسابيع القليلة الماضية الى مستويات مرتفعة، نتيجة انخفاض السيولة وصعوبة الوصول الى مصادر التمويل في الأسواق العالمية.

وقال محللون ان تكاليف الاقتراض للمستهلكين والشركات والبنوك في الإمارات والكويت والسعودية، حيث تتوفر معطيات موثوقة، ارتفعت بصورة درامية في الأسابيع الأربعة الماضية، بسبب انخفاض الإيداعات لدى البنوك أيضا.

وارتفعت أسعار الاقتراض للمصارف بنسبة 45% في الشهر الماضي، الذي انعكس على المستهلكين والشركات على صورة أسعار فائدة أعلى. وقال محللون ان هذه الضغوط الإضافية قد تؤثر على النمو الاقتصادي الذي يعتمد بشدة على الأموال المقترضة.

وقال فابيو ساكتشيافيلاني الاقتصادي في مركز دبي المالي العالمي، انه حينما تصعد اسعار الفائدة، سيكون هناك من تأثير واضح على النشاط الاقتصادي عموما، مشيرا في الوقت ذاته الى ان هذا سيكون ذا تأثير محدود على الاقتصاد الإماراتي، نتيجة حجم التوسع الاقتصادي فيها إذ ان تحركات اسعار الاقتراض هي عبارة عن مؤثرات فائضة من الأوضاع في أسواق المال العالمية.

وشهدت اسعار الاقتراض بين البنوك في الإمارات ارتفاعا بحوالي النصف في اقل من شهر، حيث أصبح القرض بين المصارف لمدة 30 يوما يكلف ما بين 2.6 الى 2.9 في المائة، وفقا لمصادر مصرفية مرتفعا من حوالي 2 في المائة قبل شهر. وارتفع سعر الايبور وهو النقطة المرجعية التي تسعر على أساسها معظم القروض في الإمارات من 2.02% في بداية يونيو (حزيران) الى 2.59% نهاية الأسبوع الماضي بارتفاع 28%. وارتفعت الأسعار في السعودية من 2.1% في مايو (أيار) الى 3.6% نهاية الأسبوع الماضي، بارتفاع حوالي 75%. وارتفعت اسعار الفائدة بين البنوك في الكويت من 1.31% الى 2.31% خلال الفترة نفسها. كما ارتفعت اسعار الفائدة للقروض التجارية القصيرة الأجل التي تستخدمها المؤسسات لتمويل النشاطات اليومية بنسبة 0.5% في الأسابيع الأخيرة، حسب أحد التقديرات. كما قفزت أسعار الفائدة على مجموعة متنوعة من القروض ـ من القروض العقارية وحتى القروض الشخصية غير المضمونة ـ كنتيجة للارتفاع العام لأسعار الفائدة. وحسب مصرفيين يعود جزء من هذا الارتفاع الى تراجع تدفق الأموال الأجنبية المضاربة على خزائن البنوك، بعد ان تراجع الرهان على إمكانية المضاربة على الدرهم الإماراتي لإعادة تقييمه أو فك ارتباطه بالدولار الاميركي حيث أصبح هذا الامر اقل احتمالا. وكان المضاربون قد اشتروا العام الماضي ملايين الدارهم للتربح من الفرق، بعد إعادة تقييم العملة الأمر الذي قاد الى ارتفاع الودائع لدى البنوك المحلية التي استخدمتها في الإقراض.

إلا ان دول الخليج دأبت بعد ذلك الى التأكيد على الالتزام بسياسة الارتباط بالدولار الاميركي، حتى تحقيق الوحدة النقدية. ونتيجة ذلك تراجعت أموال المضاربة ما اجبر البنوك على اقتراض الأموال لتلبية الطلب المتصاعد على القروض، إلا ان الأموال المقترضة أصبحت أكثر تكلفة من الودائع ما اجبر البنوك على فرض اسعار فائدة أعلى.

وقال جون الدريدج مدير المجموعة ومسؤول الخزينة في بنك الإمارات دبي الوطني «بنهاية العام الماضي وبداية العام الحالي، كانت هناك مضاربات كثيرة على إعادة تقييم العملة، وهذا أدى الى دخول أموال كثيرة الى سوق المصارف، وهو أمر لم تكن السوق بحاجة إليه. بعض هذه الأموال خرجت مرة أخرى ما ضغط على ظروف السيولة المحلية قليلا، والى ارتفاع اسعار الفائدة بين البنوك». وقد تبدو السيولة أي حجم الأموال المتاحة فوريا للإقراض عاملا غير مهم، في بلد غارق في الأموال النقدية الآتية من العوائد النفطية إلا ان معظم العوائد النفطية توجه للخارج ما يحافظ على إبقاء الإيداعات بعيدة عن نتائج البنوك المحلية. ومع تواصل نمو القروض متفوقا على نمو الودائع في كل القطاع المصرفي، فإن جمع الأموال للإقراض أصبح أكثر صعوبة مع تدهور الأوضاع في الأسواق العالمية بسبب الازمة الائتمانية.

وقال مايكل تومالين الرئيس التنفيذي لبنك ابوظبي الوطني «اعتقد ان هناك قلق عام بأن السيولة في السوق المصرفي الإماراتي لم تعد عظيمة كما كانت. حجم الأموال الهائل الذي يتدفق على الدولة يتم استثماره في مكان آخر. لذا فبينما هناك طلب متصاعد على القروض أصبح أكثر صعوبة تمويلها وبنهاية اليوم على البنوك ان تقترض أيضا». وقد حققت البنوك أرباحا قياسية في نتائجها الفصلية القليلة الماضية نتيجة تصاعد شهية المؤسسات والأفراد على الاقتراض، إلا ان المصارف قلقة حاليا إذ عليها ان تستقطب مودعين جددا لتمويل نشاطات الإقراض. وفي الربع الأخير شهد بنك ابوظبي الوطني، وهو ثاني اكبر بنك في البلاد نمو قروضه بنسبة 63% الى 106 مليارات درهم (28.8 مليار دولار) فيما ارتفعت الودائع بنسبة 15% فقط الى 89 مليار درهم. وقالت معظم البنوك الأخرى ان نمو القروض فاق نمو الودائع. وفي النصف الأول من هذا العام ارتفعت ودائع القطاع 37%، مقارنة بالعام الماضي فيما ارتفعت القروض 56%.

ويقول ديباك تولاني المحلل في المال كابيتال: «متى سيتم سد هذه الثغرة؟ ان الودائع هي أرخص مصدر لتمويل نشاطك الاقراضي، إلا ان بعض البنوك تعاني من مشاكل نتيجة ارتفاع نشاط القروض بسرعة».

وقال تومالين ان التنافس على الودائع تصاعد بالفعل في الآونة الأخيرة، وخاصة بسبب رفع متطلبات احتياطيات البنوك من قبل المصرف المركزي الإماراتي والذي تبنى مؤخرا قواعد تشترط على البنوك الإبقاء على ودائع تعادل نسبة 12% على الأقل من قيمة محفظة قروضها. وهناك أيضا حرب اسعار قائمة بالفعل لاستقطاب المودعين الكبار والحفاظ عليهم. وقال تومالين ان البنوك الأجنبية دأبت بعد وقوع الازمة الائتمانية العالمية على اجتذاب اكبر المودعين في الإمارات ما جعل التنافس على الودائع أكثر صعوبة هنا. وقالت صوفيا البوري المحللة في «شعاع كابيتال» ان البنوك كانت بحاجة الى البدء بتعزيز قاعدتها من الودائع بسبب نشاط الإقراض القوي ومتطلبات الاحتياطي.

وأضافت «من الأمور الأساسية ان يكون للبنك نقد كاف للوفاء بالتزاماته وتغطيتها، والاحتياطي النقدي انخفض من 19% في 2004 الى 14% في 2007، ويمكننا التوقع بأن هذه النسبة ستنخفض أكثر لذا يجب الترقب».