السعودية: معادلة «القوة الشرائية» ترفض تأثير «نسبة التملك» على معاناة سوق الأسهم

محللون لـ«الشرق الأوسط» : أسباب الهبوط عوامل «زمنية».. ولعبة «نفسية»

تشهد سوق الأسهم السعودية في الفترة الأخيرة تراجعات قياسية («الشرق الأوسط»)
TT

استبعد خبراء ومحللون سعوديون أمس سبب ما تتعرض له سوق الأسهم السعودية ـ أكبر سوق مالية من حيث القيمة الاسمية في الشرق الأوسط ـ حاليا من تراجعات متواصلة ضغطت بقوة على قيم أسعار الشركات المدرجة لترجعها إلى مستوياتها في سنوات ماضية، استبعدوا أن تكون ذلك نتيجة لقرار هيئة السوق المالية مؤخرا بالإعلان عن قائمة ملاك الأسهم.

وكانت هيئة السوق المالية أعلنت خلال الأربعاء ما قبل الماضي عن توجهها رسميا خلال السادس عشر من أغسطس (آب) الجاري أي بدءا من السبت المقبل الإعلان عن قائمة جديدة في موقع «تداول» ـ النظام الآلي الرسمي للأسعار وتداول أسهم الشركات المدرجة في سوق الأسهم ـ، تفصح بوضوح عن أسماء ملاك الأسهم الذين يمتلكون 5 في المائة فما فوق.

إلا أن خبراء استشارتهم «الشرق الأوسط» أفصحوا أن هذا الإجراء لا يمكن أن يكون السبب الرئيسي وراء تقهقر مؤشرات السوق ومعدلات الأسعار إلى مستوياتها القائمة حاليا، مبررين ذلك بأن الأسهم القيادية المؤثرة في سوق الأسهم السعودية لا يستطيع أي مستثمر كان، بخلاف ممثلي الدولة من صندوق «الاستثمارات العامة أو المؤسسة العامة للتأمينات أو صندوق التقاعد، أن يسيطر على هذه النسبة العالية في شركات من مثل «سابك» أو «الاتصالات» أو «الكهرباء».

وبرر هؤلاء رؤيتهم حول قدرة التملك هذه إلى استحالة توفر محفظة أو محافظ قادرة ماليا وشرائيا على السيطرة على 5 في المائة في إحدى الشركات المؤثرة التي يمكنها أن تؤثر على السوق إذ لا بد أن يتملكوا على الأقل مئات الملايين من الأسهم وذلك يتطلب قوة شرائية وسيولة عالية جدا للنجاح في ذلك.

ونتيجة لذلك، يرى الخبراء أن مسلسل هبوط سوق الأسهم حاليا لا يمكن أن يعود السبب وراءه بشكل رئيس إقرار الإفصاح عن قائمة أسماء الملاك إلا أنهم لم ينفوا وجود دور معنوي ونفسي وعملية استغلال من قوى السوق المختلفة للاستفادة من خبر كهذا للتأثير على حركة الأسعار والضغط عليها بقوة استنادا إلى أهمية الإجراء الجديد واعتمادا على ما قد تتوقعه شريحة صغار المتعاملين من سيناريوهات سلبية لهذا القرار.

واستبعد يوسف الرحيمي الخبير في القراءات الفنية لمؤشرات الأسهم، أن تكون تراجعات سوق الأسهم السعودية وقعت ضحية نتيجة لخبر إعلان قائمة أسماء الملاك، بل يرى أن خبر تطبيق التسعيرة الجديدة في الأوامر وتصنيفها أكثر تأثيرا على مؤشرات السوق وأسعار الأسهم من الناحية الفنية.

ويضيف الرحيمي لـ«الشرق الأوسط» أن إعلان قوائم أسماء الملاك ستجد من يرغب فيها من شريحة المضاربين وقوى السوق الفاعلة لاسيما المتعاملين مع شركات ذات نتائج مالية وسمعة على صعيد أدائها وقوتها المالية، مشيرا إلى أن هناك أسماء معروفة لدى الكثير من المتعاملين صغارهم وكبارهم، ويدركون أماكن وجودهم وحضور تداولاتهم.

وزاد الرحيمي أن هناك متعاملين لا يرون في إعلان الأسماء حرجا اجتماعيا أو تشهيرا ماليا بل يرون فيها شهرة وسمعة إيجابية خاصة من هم معروفين على صعيد التداول في أسهم شركات ذات قيمة وإضافة ونتائج مالية رابحة، مشددا على أن العكس من ذلك هو الصحيح أي التخوف من إعلان الاسم في الشركات الصغيرة الخاسرة تحديدا.

أمام ذلك، تراجعت معدلات قيم أسعار بعض الأسهم السعودية إلى مستويات متدنية مخترقة بذلك قيعانها الفنية المحققة في سنوات ماضية بعضها وصلت إلى مستويات العام 2006 والآخر عاد إلى 2003 في حين تقهقر «المؤشر العام» إلى دون مستوى 8000 نقطة أكثر من مرة. وهنا، يذهب الرحيمي إلى التأكيد بأن وضع سوق الأسهم حاليا هو نتاج لعوامل متعددة في مقدمتها فترة الركود التي تتزامن مع وقت الصيف وإجازتها لاسيما في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، لافتا في الوقت ذاته أن الإشكالية تكمن في تزامنها مع دخول شهر رمضان المبارك والذي هو الآخر تتجه فيه تعاملات سوق الأسهم إلى الركود والهدوء.

وقال الرحيمي: «تداخل إجازة الصيف ودخولها على شهر رمضان المبارك في رأي أبرز عوامل تراجعات سوق الأسهم خلال الفترة الماضية، حيث أن شريحة واسعة من كبار المتعاملين ومحركو المحافظ يفضلون الاسترخاء والاستمتاع بإجازات للراحة، فمتابعة سوق الأسهم مرهقة ومزعجة بشكل كبير وملموس على صحة الفرد».

وتأكيدا للفرضية الفنية التي تستبعد تطبيق التأثيرات السلبية على حركة سوق الأسهم نتيجة لقرار إعلان أسماء ملاك الأسهم الأسبوع المقبل، قامت «الشرق الأوسط» بتطبيق المعادلة في بعض الأسهم المؤثرة في السوق تبرز في مقدمتها سهم «سابك» التي يبلغ عدد أسهمها 3 مليارات سهم، يمثل 5 في المائة منها 150 مليون سهم حيث ستبلغ القيمة الشرائية لهذه الأسهم بحسب سعر إغلاق أول أمس 17.8 مليار ريال (4.7 مليار دولار)، بينما يتعين على المحفظة شراء 5 في المائة من أسهم شركات الكهرباء السعودية تمثل 208 ملايين سهم حتى إغلاق أول أمس دفع 2.3 مليار ريال (624 مليون دولار)، في حين سيكون قيمة 5 في المائة من أسهم شركة «الاتصالات السعودية» البالغة 100 مليون سهم بواقع 6.1 مليار ريال (1.6 مليار دولار).

وهنا، تبرز مدى الصعوبة على محافظ الشركات والبنوك الاستثمارية وإلى حد الاستحالة على المحافظ الفردية التي قدرت خلال السنتين الماضيتين بأكثر من 3 ملايين محفظة، وجود الملاءة المالية والقوة الشرائية للسيطرة عليها إذ لن تجازف شريحة الأفراد إن كانت لديها هذه المبالغ في ضخها في سهم واحد كما لن تذهب البنوك الاستثمارية إلى وضع ثروات مستثمريها في سلة واحدة.

من جهة أخرى، أوضح لـ«الشرق الأوسط» فضل البو عينين المحلل المالي السعودي أنه لا يمكن تجاهل اللعبة النفسية واستغلال قرار الإعلان عن أسماء الملاك كعامل للتأثير السلبي واستفادة شرائح وقوى التعاملات مضيفا أن قرار الهيئة ليس بجديد ولم يكن مفاجئا لكي يحدث مثل هذا التأثير القوي على السوق.

وأضاف البو عينين أن المستثمرين الاستراتيجيين المؤثرين في السوق يكونون عادة متقدمين على الآخرين في الإحاطة بالمعلومات المؤثرة بالسوق ما يجعلهم بعيدين كل البعد عن عنصر المفاجأة، مضيفا بالقول: «نحن في عصر المعلومة ومن بينها المعلومات المالية والاستثمارية لذلك نجد أنه من السهل أن تكتشف ثروة كبار المستثمرين بدقة متناهية على سبيل المثال أغنى أغنياء العالم أموالهم واستثماراتهم ونوعيتها بل تصل إلى مرحلة معرفة توضيح الاستثمارات التي حققت أرباحا نقلت المستثمر من العادي إلى قائمة مصاف كبار المستثمرين والماليين لذلك لا أعتقد أن هناك حرجا في إعلان حجم استثمارات أي مستثمر في السوق السعودية».

وعن مسببات الحقيقة لتراجع السوق، يذكر البوعينين أنه يجب التدقيق في عمليات البيع المنظم الذي حدث في السوق خلال الأسابيع الماضية وربطها مع متغيرات الظروف كي نصل إلى السبب الحقيقي لهبوط السوق إلى المستويات الحالية في الوقت الذي لا يمتلك المتداولون أي سبب منطقي يبرر الانخفاض الحاد.