شركات إيطالية تعيد الأرز إلى رومانيا

يرفع سعر الأرض من 200 يورو إلى ألف يورو للهكتار قبل خمسة أعوام

يزرع معظم الانتاج العالمي من الارز في آسيا ويستهلك هناك وينتج الاتحاد الاوروبي حوالي 2.2 مليون طن من الارز سنويا ويستورد حوالي مليون طن آخر (ا.ف.ب)
TT

رومانيا ـ رويترز: كان الزعيم الروماني الشيوعي نيكولاي تشاوشيسكو يحب الارز الايطالي لكنه كان على الارجح سيمقت سيطرة شركات ايطالية وغيرها من الشركات الغربية على مزارع الارز الرومانية.

ومع ارتفاع اسعار الارز العالمية لتتضاعف ثلاث مرات هذا العام ومخاوف من ندرته وفرض منتجين كبار في آسيا قيودا على الصادرات بدأ المزارعون الاوروبيون يتوسعون شرقا. ويشترون بصفة خاصة مزارع الارز الخاصة بتشاشيسكو التي هجر معظمها اثر اعدامه وانهيار الحكم الشيوعي في رومانيا في عام 1989. ويمنح ذلك الدولة الفقيرة صاحبة الاراضي المنخفضة الغنية بالماء والمناخ الحار والتربة الخصبة فرصة لان تصبح اهم منتج للارز في السنوات المقبلة. وقال ايون دراجوسين، 63 عاما، الذي كان مسؤولا عن زراعة الارز في فلاديني ابان حكم تشاشيسكو «تمنح الخبرة الغربية الارز مستقبلا جديدا في رومانيا». ولم يكن الارز ابدا من المواد الغذائية الاساسية في رومانيا بل القمح والشعير. ولكن عرف عن تشاوشيسكو حبه للارز الايطالي. وفي السبعينات على غرار ما حدث في الصين وكوريا الشمالية اجبر تشاوشيسكو الافا من الفلاحين الذين فقدوا ارضهم حديثا ومدانين على العمل في حقول الارز الشاسعة حول قرية فلاديني بجنوب شرقي رومانيا كجزء من خطة ضخمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في رومانيا. والان عادت ايام الارز في رومانيا. ويقول جان بيير برون رئيس اتحاد سماسرة الارز في لندن «ثمة امكانات ضخمة في رومانيا» تحتاج ارضا مستوية ومصدر مياه سهلا وهو نهر الدانوب وجوا دافئا. توافر كل ذلك يتيح لرومانيا ظروفا جيدة لانتاج الارز». وتابع ان هناك امكانية لزراعة الارز في بلغاريا واوكرانيا والمجر ولكن على نطاق اصغر. واحتياطيات المياه في نهر الدانوب توازي عشرين مرة الاحتياطيات في حوض بو الذي يمد حقول الارز الايطالية بالماء ويمنح رومانيا ميزة تنافسية على ايطاليا واسبانيا ثاني اكبر منتج للارز في اوروبا. وتعاني الدولتان من مشاكل خاصة بالماء. وقال انجيلو داريو سكوتي الرئيس التنفيذي لريزو سكوتي الايطالية اكبر منتج للارز في اوروبا وأول شركة غربية تعمل في رومانيا «سننتج بتكلفة أقل». ومنذ عام 2003 استثمرت ريزو سكوتي عشرات الملايين من الدولارات لشراء سبعة الاف هكتار من قطع الارض المتناثرة في رومانيا وبناء مصنع في فلاديني. وقال اوجو بيروكا مسؤول آخر في الشركة «كنا نعلم بوجود قطع ارض مهجورة والطقس ممتاز. سنتوقف عن الشراء عند الوصول لعشرة الاف هكتار بحلول العام المقبل. ستقتنص شركات ايطالية وفرنسية ومستثمرون محليون الباقي. نحن نعمل على اقناع المزارعين بالانتقال الى رومانيا». وبدأت حفنة من المزارعين الايطاليين والاسبان استغلال مساحات اصغر قرب ميناء بريالا على نهر الدانوب بشرق رومانيا وغربها. ويقوم مصنع فلاديني بتجهيز الارز. وارتفعت اسعار الارض الى الف يورو للهكتار من 200 يورو قبل خمسة اعوام ولكنها ما زالت اقل ست مرات منها في ايطاليا. ويزرع معظم الانتاج العالمي من الارز في آسيا ويستهلك هناك وينتج الاتحاد الاوروبي حوالي 2.2 مليون طن من الارز سنويا على مساحة 500 الف هكتار ويستورد حوالي مليون طن آخر. ويقول بيروكا ان رومانيا ستنتج 30 الف طن من الارز هذا العام وقدر مساحة الاراضي المزروعة ارزا في رومانيا بما بين 40 و50 الف هكتار في السنوات الخمس المقبلة. وبفضل خطط مضاعفة طاقة مصنع فلاديني في السنوات الخمس المقبلة يمكن ان تصدر رومانيا اكثر من مائة الف طن هذا العام لتنخفض واردات الاتحاد الاوروبي بنسبة عشرة بالمائة. وقال بيروكا «من الناحية النظرية يمكن التصدير الى اي مكان في العالم ولكن في الوقت الحالي سنبيع في المجر وبلغاريا واليونان وصربيا». وتفيد وزارة الزراعة انه يوجد في رومانيا 15 مليون هكتار من الاراضي الزراعية وان بين ثلاثة وخمسة ملايين هكتار من الاراضي غير مزروعة ويمكن تحويلها لارض خصبة لزراعة الحبوب من بينها الارز. غير ان تكلفة اساليب الزراعة الحديثة وتقسيم الاراضي على عدد كبير من الملاك بعد اعادة تخصيص الاراضي التي كانت مؤممة اثر انهيار الشيوعية يعني ان يستغرق تقبل المزارعين الرومانيين للارز وقتا. وتشجع الوزارة اصحاب المزارع الصغيرة على دمج الانتاج. وقال فروسينا ميو الخبير بالوزارة «ندعم المبادرة الغربية للتوسع في زراعة الارز في رومانيا ولكنها زراعة مكلفة وليست مجدية اقتصاديا لمن يملك اقل من مائة هكتار». كما ان الدعم المقدم من الحكومة الرومانية والاتحاد الاوروبي يصل الى 500 يورو فقط لكل هكتار غير كاف لتحفيز المزارعين الرومانيين. فعلى سبيل المثال انفقت ريزو سكوتي 1500 يورو على كل هكتار لتحسين جودة الارض واعادة بناء شبكة قنوات الري وتوسيعها واصلاح معدات الضخ من الحقبة الشيوعية. ويقول رداجوسين ان اصحاب القطع الصغيرة من الاراضي ذات التربة الطينية التي تبعد ثلاثة كيلومترات عن نهر الدانوب سيجدون صعوبة في ري ارضهم اذا لم تتوافر سيولة وهم يتعجلون البيع.