الحل متاح لمعالجة أزمة السكن

TT

بعد صدور الأمر الملكي الكريم بإنشاء الهيئة العامة للإسكان وتنظيمها، ينتظر المجتمع السعودي من الهيئة أن تعلن خططها الإستراتيجية لمعالجة هذه الأزمة، خصوصاً أن الآثار في تراكمٍ، ولا أنباء عن إجراءات علاجية بحجم المشكلة.

وعليه.. فالمشكلة في المدن الرئيسية السعودية تكبر يوماً بعد يوم ككرة ثلج تتدحرج من علو. والمصلحة تدعو لكسب الوقتِ والجهدِ لمعالجتِها. ناهيك من أن وجودها (في الأصل) كان مما يمكن تداركُهُ. واليوم وحتى مع بلوغ الحالة إلى مستوى الأزمة، فإن الآليات لمعالجتها متاحة وميسّرة وفاعلة. ولعلي بهذا الصدد أقترح ثلاثة إجراءات حكومية ينبغي المبادرة بها سريعاً، وهي:

الأول: إيصال الخدمات العامة (الماء والكهرباء والهاتف والإسفلت) إلى جميع المخططات السكنية التي سبق أن اعتمدت لها داخل المدن الرئيسية. فلو نظرنا إلى عدد القطع المملوكة لذوي الدخول المتوسطة والمتدنية بهذه الأحياء، لوجدناها تكفي للتأثير في حجم المعروض بسوق العقار بمدينة الرياض، فيما لو تم إيصال الخدمات لها وسهل على ملاكها السكن فيها. وأقصد بذلك المخططات التي كان (معظمها) معتمد لإيصال الخدمات لها بعام 1413هـ. وسؤالي هو: ما هو المبرر لتبقى هذه المخططات تنتظر دون خدمات؟! وأذكر منها مخطط ضاحية نمار وعريض والأمانة ولبن والمهدية وحي الفواز ومخططات غرب المطار وغيرها.. هذه المخططات نحن نعلم أن مشاريع الخدمات توقفت عنها بسبب شح الموارد المالية (خلال فترة شد الحزام). أما اليوم فإن ميزانية الدولة ففي أحسن أحوالها (والمؤشرات المبشرات المعلنة ولله الحمد تؤكد ذلك). إنني من هذا المنبر أناشد مسؤولي شركة الكهرباء وشركة الاتصالات السعودية والمؤسسة العامة للمياه ووزارة المواصلات وأمانة منطقة الرياض، بإيضاح مسببات تأخر الخدمات في هذه الأحياء.. لما نعلمه من تأثير لهذا التأخير في تفاقم مشكلة السكن وزيادة معاناة المواطنين؟! الثاني: الدعم التمويلي لصندوق التنمية العقارية، خصوصاً لمن أمضوا مدة طويلة، وعمل سقف زمني لمدة انتظار طالبي القروض، على ان لا تزيد مدة الانتظار عن عشرة أعوام مثلاً. والعمل على استحداث وتفعيل مقترحات جديدة للتحفيز على سداد الأقساط المتبقية، ومنح فرص أوسع للاقتراض وابتكار خيارات جديدة ومتعددة المميزات (للمقترضين الجدد والقدامى). وإعطاء تسهيلات أخرى للبنوك وشركات الاستثمار في المجالات العقارية، وأن تشارك المؤسسات العامة كصندوق المؤسسة العامة للتقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية للمشاركة في المعالجة، ليس بمنظور استثماري، ولكن من منطلق تكافلي اجتماعي، خصوصاً أن أموال هذه المؤسسات مصدرها المجتمع.

الثالث: زيادة منح الأراضي السكنية للمواطنين، بما يغطي الحاجة، سيراً على نهج الدولة في توفير الأراضي السكنية لكل مواطن سعودي، حيث لا يعقل أن تستفيد من هذه المميزات الأجيال السابقة، ويبقى جيل اليوم محروما منها، مع بقاء الظروف والمسببات! وختاماً.. أرجو ألا يعتقد البعض من المستشارين والمنظرين أن في مثل هذه المقترحات عاملا مؤثرا لرفع مستوى التضخم في البلاد (ويضعون لنا البصل في العسل). ونجعل المواطن محروما من خيرات بلده! فهؤلاء كمَنْ يمنحك فرصة التفرج على سفرة مليئة بأصناف الأطعمة ويمنعك من الاقتراب منها، خوفاً عليك من التخمة!

* كاتب ومحلل مالي [email protected]