عودة جمّاز السحيمي لساحة السوق المالية رئيسا لبنك الخليج الدولي

يواجه تحديا جديدا لإعادة المصرف إلى دائرة الأرباح بعد تأثره بأزمة الائتمان العالمية

مقر بنك الخليج الدولي («الشرق الأوسط»)
TT

عاد إلى الواجهة من جديد اسم جمّاز السحيمي، رئيس هيئة السوق المالية السابق، لكن هذه المرة عبر بوابة بنك خليجي دولي، إذ تم تعيينه كرئيس لمجلس إدارة بنك الخليج الدولي بعد أن غاب عن الواجهة منذ تنحيته من منصبه السابق بأمر ملكي كأول رئيس لهيئة السوق المالية السعودية في 12 مايو (آيار) من العام 2006.

وردد السعوديون اسم السحيمي كثيرا منذ العام 2004 حينما كان رئيسا لهيئة السوق المالية التي نشأت مطلع يونيو (تموز) من ذات العام نتيجة بروز سوق الأسهم السعودية على الساحة الاقتصادية المحلية، كأبرز مكون اقتصادي نموا وأكثرها جذبا للمستثمرين المتعاملين صغارهم وكبارهم حيث اندفع خلالها ملايين السعوديين منكبّين نحو صالات البنوك وافتتاح محافظ مالية تجاوزت وقتها 3.5 مليون محفظة، وباتت تغطي أحاديث السعوديين مغيبة موضوعات الرياضة والشؤون الاجتماعية المحلية.

وارتبط اسم جمّاز بن عبد الله السحيمي، الذي يحمل درجة البكالوريوس في الهندسة، بفترتين مهمتين في تاريخ الاقتصاد السعودي كانت أولاها عند تعيينه على هرم هيئة السوق المالية، الكيان الذي أسسته الحكومة للوقوف والإشراف على تنظيم ومتابعة سوق المال المحلية (أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط من حيث القيمة السوقية) التي عاشت سوق الأسهم فيها طفرة لن ينساها السعوديون على الإطلاق نتيجة لارتفاع أسعار الأسهم وتضاعف مكررات الأرباح بشكل مهول أدى إلى تضاعف ثروات المتداولين لمتوسطات تقدر بـ 3000 في المائة.

وجاءت الثانية مع انهيار سوق الأسهم في فبراير (شباط) من العام 2006 حينما بدأ يتقلص المؤشر العام لسوق الأسهم الذي كان يلامس 21 ألف نقطة إلى أن وصل إلى أقل من 8000 نقطة، انكمشت معها أرباح المتداولين وبدأت رؤوس أموالهم تتآكل محققين بذلك خسائر مالية مهولة، لاسيما أن البعض منهم اتجه إلى بيع ممتلكاته أو إدارة أموال آخرين، بخلاف مئات الآلاف اصطفوا طوابير أمام أبواب البنوك للاقتراض وطلب التسهيلات. لكن المتعاملين في سوق الأسهم السعودية بدأوا يعون أن الظروف كانت أقوى من الرجل لا سيما في ظل زيادة خبراتهم الاستثمارية وأصبحوا حاليا يذكرونه في منتدياتهم بالخير.

وعودة للسحيمي فقد كشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر قريبة أنه تم رسميا تولية جمّاز السحيمي كرئيس مجلس إدارة بنك الخليج الدولي الذي تمتلك أسهمه حكومات دول الخليج ويقع مقره في البحرين، ليكون ذراعا استثماريا ذا قدرات مالية قادرا على الاستثمار واستغلال الفرص المربحة المحلية والدولية.

ويحل السحيمي خلفا للشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة وزير الإسكان البحريني ورئيس مجلس إدارة البنك السابق، إذ ستتصدر أمامه جملة من التحديات تتمثل في إعادة البنك إلى وهجه السابق بعد أن تعرض لموجة خسائر ضخمة أدت إلى تآكل رأسماله متأثرا بوضع الاقتصاد العالمي المتردي لا سيما في الولايات المتحدة نتيجة لأزمة الرهن العقاري وهو البنك الوحيد في المنطقة الذي أعلن تأثره بالأزمة العالمية.

وذكرت المصادر أن السعودية اتجهت إلى الاستحواذ على نصيب الأسد من رأسمال البنك بنسبة تقدّر بنحو 54.1 في المائة على رغم تسجيله خسائر ضخمة خلال العام الماضي في إشارة واضحة إلى أنها تعوّل على قدرة الدولار والاستثمارات في الولايات المتحدة على النهوض مجددا خلال السنوات القليلة المقبلة وبالتالي قدرتها على تعويض المبالغ التي تم ضخها في رأسمال البنك وإعادة قوة ملاءته المالية إلى وضعها السابق وأفضل.

وأعلن بنك الخليج الدولي صراحة خلال العام الماضي عن تلقيه خسائر موجعة بسبب أزمة الائتمان التي شهدتها أسواق المال العالمية خلال النصف الثاني من العام 2007، أدت إلى تكبد البنك خسائر صافية بلغت 757.3 مليون دولار.

واضطر ذلك مجلس إدارة البنك خلال العام 2008 ليعلن عن العزم على رفع رأسماله بمقدار مليار دولار ليصل إلى 2.5 مليار دولار، وسط تأكيدات مسؤوليه على أن المساهمين شددوا على التزامهم المتواصل بدعم البنك وساهموا بزيادة رأس المال بمقدار مليار دولار، مشيرا إلى أن هذه الزيادة تتجاوز خسائر البنك في العام الماضي.

ووفقا لمصادر مطلعة، صاحبت هذا التوجه عدم رغبة بعض دول الخليج ـ المساهمة في تأسيس البنك ـ المشاركة في رفع رأسمال وضخ سيولة جديدة تعين البنك على القيام مجددا مفضلة البقاء على نسبتها السابقة، ما اضطر الحكومة السعودية لرفع حصتها عبر مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) كشريك سابع مع حكومات دول الخليج الست، لتمتلك حصة الأسد بنسبة 37.6 في المائة من رأسمال البنك. وتتوزع حصص رأسمال البنك القائم حاليا (2.5 مليار دولار) على النحو التالي: السعودية بنسبة 16.5 في المائة، والبحرين والإمارات وعمان بنسبة 7.2 في المائة لكل دولة، فيما تستحوذ قطر والكويت على نسبة 12 في المائة. وبرغم هذه الظروف إلا أن التصنيفات الائتمانية المعلنة في العام 2008 لا تزال تدل على قوة مركز البنك واصفة اياها بأنها ممتازة برغم التحديات التي تواجهه مستقبليا، حيث وضعه تصنيف مؤسسة «فيتش» على المرتبة A بينما صنفته مؤسسة «موديز» على A2، أما ستنادرز آند بورز على ـ A في إشارة واضحة إلى تقديراتها بمركز الشركة المالية وقدرتها على تحقيق وإنجاز مشاريعها المستقبلية.