بنك إنجلترا بين سندان التضخم ومطرقة سعر الفائدة

احتمال خفضها يضعف الإسترليني أمام الدولار واليورو

لامس الجنيه الاسترليني أدنى مستوى له في 22 شهرا مقابل الدولار أمس (أ. ب. ا)
TT

هناك علاقة متبادلة، حسب مفاهيم اقتصاد السوق، بين سعر الفائدة والتضخم، خفضها يعطي نتائج سلبية لمستوى التضخم ورفعها يحدث ركودا وتدهورا في السوق العقاري. ولهذا بدأت امس التوقعات حول ما سيقوم به بنك انجلترا، البنك المركزي البريطاني، على المدى البعيد بخصوص خفضها او زيادتها او ابقائها عند مستوى 5 في المائة كما استمرت عليه ولفترة طويلة، منذ بداية أزمة الإئتمان العالمية. ولم يقم البنك البريطاني بخطوات مشابهة لما قام به الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) الأميركي، الذي خفض سعر الفائدة عدة مرات ليوصلها أخيرا الى 2 في المائة في محاولة منه لإنعاش السوق العقاري الأميركي الذي واجه ومنذ عام ضربات قاسية ما زالت تعصف به لحد الآن.

وقال بنك انجلترا المركزي أمس (الاربعاء) ان التضخم البريطاني سينخفض عن المستوى الذي يستهدفه البنك وهو اثنان بالمائة خلال عامين، اذا ظلت اسعار الفائدة عند مستوى خمسة بالمائة، ما دفع الاسواق لاستيعاب احتمال خفض الفائدة بحلول نهاية العام.

وأظهر التقرير الفصلي لبنك انجلترا عن التضخم ان مؤشر اسعار المستهلكين سيرتفع مقتربا من خمسة بالمائة قبل أن يتراجع بشدة مع تراجع آثار ارتفاع أسعار الغذاء والوقود ثم يستقر خلال العام المقبل. وقال ميرفين كينغ محافظ بنك انجلترا في مؤتمر صحافي «العام المقبل سيكون عاما صعبا مع ارتفاع التضخم واستقراره على الارتفاع. لكن مع تركيز السياسة النقدية على كبح التضخم وإعادته الى المستوى المستهدف سنصل الى تحقيق ذلك».

ويشير متوسط توقعات البنك المركزي ان التضخم سيقل قليلا عن مستوى اثنين بالمائة اذا تحركت اسعار الفائدة متمشية مع منحنيات العائد في السوق. ويفترض ان تبقى تكاليف الاقتراض مستقرة خلال العام المقبل.

وتحركت الاسواق على الفور لاستيعاب فرص خفض الفائدة بحلول نهاية العام. وكان اغلب المحللين يتوقعون ان ينتظر بنك انجلترا حتى العام المقبل قبل ان يخفض الفائدة اذ ان التضخم حاليا وصل 4.4 بالمائة أي أكثر من مثلي المستوى المستهدف.

وكان صندوق النقد الدولي قد حذر من ان بريطانيا ستواجه خلال العام الحالي والعام المقبل اوضاعا اقتصادية صعبة، يعكسها تباطؤ نموها الاقتصادي مع ارتفاع في نسبة التضخم، جاء ذلك في تقريره للسنتين المقبلتين. وجاء التحذير بعد ان تلقى القطاع المالي البريطاني ضربات موجعة مع تراجع ارباح العديد من البنوك التجارية وتدهور حالة السوق العقاري. وحسب توقعات صندوق النقد فان نمو الاقتصاد البريطاني سيكون 1.4 في المائة لعام 2008 و1.1 في المائة للعام المقبل 2009، بدلا من 1.8 في المائة و1.7 في المائة للعامين على التوالي حسب تقديرات الحكومة البريطانية والبنك المركزي. وقال الصندوق ان نسبة التضخم التي قدرت بـ 3.8 في المائة كانت اقل من المتوقع، وانها في ازدياد مستمر مع تباطؤ الاقتصاد بشكل عام. ولامس الجنيه الاسترليني أدنى مستوى له في 22 شهرا مقابل الدولار، أي دون 1.87 دولار، أمس (الاربعاء) بعد نشر بنك انجلترا تقريره بشأن التضخم وتوقعات بخفض سعر الفائدة. وبحلول الساعة 1407 بتوقيت جرينتش تراجع الاسترليني 1.5 في المئة الى 1.8671 دولار وهو أدنى مستوى له منذ أكتوبر (تشرين الاول) 2006. وانخفض أيضا 1.12 في المئة أمام اليورو.

وتراجع الاسترليني على أساس سلة الاوزان النسبية لعملات الشركاء التجاريين الرئيسيين الى أدنى مستوى منذ عام 1997 مسجلا 20.91.

ونقلت وكالة رويترز عن موريس بومري كبير المحللين لدى «ايديا جلوبال» قوله: ما نراه بعد تقرير التضخم هو ادراك مديري المال الحقيقيين أنه لا توجد فرصة لرفع الفائدة وأنه، أي التقرير، أثار احتمال خفض الفائدة مما أفضى الى ضعف الاسترليني».