تدهور النمو الاقتصادي يعزز التوقعات بتخفيض الفائدة في أنحاء كثيرة من العالم

ارتفاع التضخم الأميركي لأعلى مستوى في 17 عاما > اليورو يواجه صعوبات مع انكماش الاقتصاد الأوروبي

التضخم هو الاتجاه الغالب في كل أنحاء العالم («الشرق الأوسط»)
TT

أظهر تقرير حكومي صادر امس ان اسعار المستهلكين الاميركيين ارتفعت بمثلي المعدل المتوقع في يوليو (تموز) لتسجل أسرع معدل سنوي لارتفاع الاسعار في 17 عاما ونصف العام مدفوعة بارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء. وقالت وزارة العمل إن مؤشر اسعار المستهلكين، وهو مؤشر رئيسي للتضخم، ارتفع 0.8 بالمائة في يوليو بعد أن قفز 1.1 بالمائة في يونيو (حزيران). وجاء ذلك اعلى بكثير من توقعات الاقتصاديين في استطلاع اجرته «رويترز» بأن يرتفع المؤشر 0.4 بالمائة في يوليو (تموز). وارتفعت الاسعار 5.6 بالمائة بمعدل سنوي وهو أعلى معدل ارتفاع منذ ان بلغ 5.7 بالمائة في يناير (كانون الثاني) عام 1991. وجاء ذلك اعلى ايضا من مستوى 5.1 بالمائة الذي توقعه الاقتصاديون. وارتفعت اسعار الطاقة بنسبة اربعة بالمائة في يوليو بعد ان زادت بنسبة 6.6 بالمائة في يونيو وارتفعت 29.3 بالمائة بمعدل سنوي. وزادت تكاليف الغذاء بمعدل 0.9 بالمائة بعد ارتفاعها بنسبة 0.8 بالمائة في يونيو وصعدت بمعدل سنوي ستة بالمائة.

وانخفضت أعداد العاملين الأميركيين المطالبين بإعانات بطالة لاول مرة بمقدار عشرة آلاف الاسبوع الماضي لكن ظلت اعدادهم كبيرة ما يظهر تعرض سوق العمل لضغوط كبيرة. من ناحية أخرى قالت وزارة العمل الاميركية أمس ان مطالبات اعانات البطالة انخفضت لاول مرة إلى 450 الف مطالبة بعد تعديل البيانات موسميا في الاسبوع المنتهي يوم التاسع من أغسطس (اب) من 460 الف معدلة بالزيادة في الاسبوع السابق. ويظل هذا المستوى اعلى بكثير من 432 الف مطالبة الذي توقعه الاقتصاديون في استطلاع اجرته «رويترز». وكانت أحدث مرة انخفضت فيها مطالبات اعانات البطالة في بداية يوليو. لكن متوسط مطالبات أربعة اسابيع الذي يعطي اتجاها اكثر دقة لسوق العمل ارتفع الى 440500 مطالبة الاسبوع الماضي بالمقارنة مع 421 الفا في الاسبوع السابق، وهذه أعلى قراءة في أكثر من ست سنوات منذ أن بلغ عدد المطالبات 445500 في ابريل (نيسان) عام 2002. من جهة أخرى أعلن البنك المركزي الأوروبي في تقريره لشهر أغسطس الجاري أن معدلات التضخم ستظل مستمرة طوال العام الحالي، مع احتمال تجاوز نسبتها المستوى التي هي عليها الآن، ومع ثبات الأسعار لفترة طويلة الأمد، يبقى هناك ميل للزيادة .

وجاء في التقرير «كان التضخم في شهر يونيو قد بلغ نسبة 4 في المائة، ووصل في يوليو عند نسبة 4.1 حسب تقدير معهد الإحصاء الأوروبي (ايوروستات)، ومستوى التضخم المقلق هذا سيؤدي بالتأكيد إلى نتائج مباشرة وغير مباشرة، تكمن في ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية وعلى مستوى عالمي». وخلص تقرير البنك المركزي الأوروبي إلى القول «في هذه الأثناء، ومع تراجع الإنتاج، هناك إشارات إلى ارتفاع أجور العمل في الأشهر الأخيرة». وبناء على هذا واستنادا إلى الأسعار الحالية للمواد الأولية فإن «من المتوقع أن تبقى نسبة التضخم فوق المستوى لفترة من الزمن لتعود إلى الانخفاض تدريجيا مع بداية العام المقبل فقط».

وبلغ معدل التضخم في بلجيكا 5.91 بالمائة خلال شهر يوليو الماضي مقارنة بـ5.8 خلال يونيو من العام نفسه، وأفاد المكتب الاقتصادي الفيدرالي بأن هذه النسبة، التي تُحسب على أساس سنوي، تعد الأعلى منذ عام 1984. ويؤكد المكتب أن مؤشر أسعار الاستهلاك بلغ الشهر المنصرم 112.87 نقطة، مقارنة بـ 112.28 نقطة الشهر الذي سبقه، أي بارتفاع قدره 0.59 من النقطة.

أما القطاعات التي شهدت ارتفاعاً حاداً في أسعارها فتتنوع بين الخدمات والمواد الغذائية والاستهلاكية وهي على التوالي أماكن التسلية داخل البلاد، الفواكه الطازجة، البطاطا، الغاز الطبيعي، تكاليف السفر للخارج، المحروقات بأنواعها، الضرائب على المواصلات وأسعار بطاقة الطيران وتكاليف التأمين ضد الحريق.

كما أظهرت بيانات نشرها معهد الإحصاء الوطني الإيطالي (إيستات) ارتفاع معدل التضخم في شهر يونيو الماضي حيث بلغ 3.8 في المائة مقارنة بنفس الشهر من العام المنصرم مسجلا بذلك أعلى مستوياته خلال الاثني عشر عاما الأخيرة. وعزا معهد الإحصاء تصاعد معدل التضخم، الذي سجل 3.6 في المائة في شهور سابقة، إلى زيادة أسعار المواد الغذائية والمحروقات حيث ارتفعت أسعار الأخيرة بنسبة 7.2 المائة بينما سجل نمو أسعار الأولى 6.1 في المائة.

يأتي هذا فيما ظهرت بيانات أمس ان أكبر اقتصادين في الاتحاد الاوروبي شهدا انكماشا في الناتج المحلي الاجمالي في الربع الثاني. وأعلنت المانيا أكبر اقتصاد في الاتحاد الاوروبي انخفاض الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 0.5 بالمائة في الفترة من ابريل الى يونيو وهو أفضل من توقعات الاقتصاديين بأن ينكمش اقتصادها بنسبة 0.8 بالمائة. لكن في فرنسا جاء الانكماش بنسبة 0.3 بالمائة، بمعدل فصلي، مفاجئا، إذ توقع الاقتصاديون ان ينمو الناتج المحلي الاجمالي بمعدل 0.2 بالمائة. ويوم الجمعة الماضي اعلنت ايطاليا ثالث اكبر اقتصاد في الاتحاد انكماشا أكبر من المتوقع بنسبة 0.3 بالمائة. ورفضت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاجارد الحديث عن ركود في فرنسا بعد البيانات التي جاءت اسوأ بكثير من المتوقع لكن الاقتصاديين بدوا أقل تفاؤلا. وقال جاريث كلاز الاقتصادي في «رويال بنك اوف اسكوتلاند» هناك احتمال كبير لان تواجه فرنسا ركودا فنيا في الربعين الثاني والثالث من العام».

وقال فالتر اوتريمبا نائب وزير الاقتصاد الالماني لرويترز انه لا يستبعد ان ينكمش الاقتصاد الالماني مرة أخرى في الربع الثالث. وفي اسبانيا رابع أكبر اقتصاد في الاتحاد الاوروبي نما الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 0.1 بالمائة متجاوزا بقليل توقعات بألا يحقق أي نمو لكنه ظل عند أدنى معدلات نموه منذ عام 1993. وقال الاقتصاديون ان احتمال تحقق ركود فني في منطقة اليورو من المؤكد ان يدفع البنك المركزي الاوروبي الى وقف أي خطط جديدة لرفع الفائدة على الرغم من أن التضخم بلغ مستويات قياسية في يوليو مسجلا 4.1 بالمائة بمعدل سنوي.

وعزز التدهور في النمو العالمي توقعات بان البنوك المركزية في مختلف ارجاء العالم ستخفض الفائدة عاجلا أو آجلا ما يخفض ميزات العائد التي تتميز بها بعض العملات مثل اليورو والاسترليني على الدولار في الوقت الراهن.

وقد تعرض اليورو لعمليات بيع كثيفة أمس بعد هذه البيانات، وصعد الدولار لعاشر يوم على التوالي امام سلة من العملات الرئيسية في التعاملات الآسيوية امس (الخميس) مع تقليل المستثمرين حيازاتهم من اليورو والعملات ذات العائد المرتفع بفعل آراء متشائمة بشأن توقعات الاقتصاد العالمي. لكن العملة الاميركية تراجعت امام الين مع اتجاه عدد أكبر من تجار التجزئة اليابانيين الى التخلص من المزيد من مراكزهم بالدولارات الاسترالية والنيوزيلندية بعد أن اكتووا بنار هبوط حاد لتلك العملات على مدى الايام القليلة الماضية. وانخفض الجنيه الاسترلني الى 1.8650 دولار من 1.8703 دولار. وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس اداءه أمام ست عملات رئيسية 0.2 في المائة الى 76.434 قريبا من أعلى مستوى له في ستة اشهر الذي سجله هذا الاسبوع. واستأنفت العقود الآجلة للنفط الخام الاميركي اتجاهها النزولي أمس وتراجعت أكثر من دولار رغم انتعاشها في وقت سابق بسبب انخفاض كبير في مخزونات البنزين وهبوط أكبر من المتوقع في مخزونات الخام.

تراجع سعر الخام تسليم سبتمبر في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) 50 سنتا أي ما يعادل 0.43 في المائة مسجلا 115.50 دولار للبرميل بعد تداوله في نطاق 114.97 الى 117.42 دولار.

وكانت أسعار المعادن النفيسة في أوروبا قد ارتفعت أمس بعد أن أثار صعود أسعار النفط موجة شراء لكن المحللين يتوقعون أن تحد زيادة الدولار من مكاسب سوق المعادن النفيسة.