السعودية: 127.7 مليار دولار حجم استثمارات «الصناديق الحكومية» في سوق الأسهم

«تداول» تفاجئ المراقبين بإعلان «تباشير الصباح» وتكشف عن 62 شخصية و130 منشأة مساهمة تتملك أكثر من 5%.. و16 شركة تبرز بدون «كبار ملاّك»

بدء تطبيق الكشف عن (نسب التملك) في سوق الأسهم السعودية و16 شركة مدرجة ليس لديها كبار ملاك («الشرق الأوسط»)
TT

فاجأت شركة السوق المالية «تداول»، النظام الإلكتروني، لسوق الأسهم السعودية أمس، المتابعين والمراقبين بإعلانها فجر أول أمس قائمة الملاك، الذين يملكون أكثر من 5 في المائة من الشركات المدرجة، في وقت كان ينتظر أن تعلن غدا السبت، كما ذكرت سابقا بأنه الموعد الرسمي لبدء عمل الخدمة الجديدة لإعلان أسماء كبار الملاك. وجاءت الخطوة لتؤكد من جديد على ديناميكية وحيوية هيئة السوق المالية، إذ وصفت مصادر هذا التحرك بأنه إيجابي نتيجة لوضع المتعاملين في صورة الأمر الواقع ومن هم المتملكون حاليا في سوق الأسهم السعودية قبل البدء عمليا في إعلان الأسماء وتحديثها.

وكانت هيئة السوق المالية قد أعلنت نهاية يوليو (تموز) المنصرم أنها ستبدأ عرض قوائم كبار الملاك في الشركات المدرجة بالسوق على موقع تداول الإلكتروني، ابتداء من السبت 16 أغسطس (آب) الحالي، حيث ستعرض القائمة أسماء جميع من يمتلك ما نسبته 5 في المائة أو أكثر من أسهم كل شركة حسب سجلات مركز الإيداع لدى شركة تداول، وسيتم تحديث قوائم كبار الملاك في الشركات المدرجة على موقع تداول بنهاية كل يوم.

ووصفت «تداول» هذا التطور الجديد، بأنه يأتي إطلاق هذه الخدمة من قبل شركة تداول بهدف تعزيز مستوى الشفافية والإفصاح في تعاملات السوق، وتعكس أفضل الممارسات في الإفصاح والشفافية، بحيث يحصل المستثمر على معلومات عمن يملكون حصصا كبيرة في الشركات المدرجة، التي بدورها تسهم في تعزيز الثقة لدى المستثمرين لتمكنهم من اتخاذ القرار الاستثماري المناسب.

وكشف عبد الله السويلمي مدير عام شركة السوق المالية السعودية «تداول»، عن أن قائمة كبار الملاك في الشركات المدرجة في سوق الأسهم أعلنت فعلا للمرة الأولى على موقع «تداول» فجر أول أمس في تمام الساعة 12.34 بعد منتصف الليل، التي ضمت أسماء من يمتلكون 5 في المائة فأكثر من أسهم الشركات.

وأفصح في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط» عن أن القائمة ستحدث بشكل يومي قرابة الساعة العاشرة ليلا بعد انتهاء كل جلسة «تداول»، مشيرا إلى أن عملية التحديث تحتاج إلى عامل وقت وجهد إلكتروني عالي المستوى والدقة لحساسية الموقف، لذا ستأخذ عمليات التحديث عددا من الساعات بعد إغلاق جلسة التداولات من كل يوم. من جهة اخرى، كشفت قائمة الملاك في سوق الأسهم السعودي عن أسماء كبار المستثمرين، بينما غابت أسماء من عرفوا بالمضاربين المتحكمين في الشركات سابقا، إلا أن الصناديق الحكومية كانت هي الأبرز بين الأسماء المعلنة.

وتربع صندوق الاستثمارات العامة على قمة الهرم باستثمارات بلغت 376.9 مليار ريال (100.5 مليار دولار) تركزت في 18 شركة توزعت على عدد من القطاعات، في حين جاء صندوق التأمينات الاجتماعية ثانيا باستثمارات بلغت 82.2 مليار ريال (21.9 مليار دولار) توزعت على 25 شركة، 9 منها من نصيب قطاع البنوك و6 شركات في قطاع الاسمنت.

أما صندوق التقاعد فتبلغ استثماراته في سوق الأسهم السعودية 15.7 مليار ريال (4.2 مليار دولار)، إلا أن المفاجأة جاءت بدخول مستثمر جديد في سوق الأسهم، وهو صندوق النقد العربي السعودي، الذي تبلغ حجم استثماراته 3.04 مليار ريال (812.5 مليون دولار)، وجاء أخيرا صندوق البنك الإسلامي للتنمية باستثمارات قيمتها 748 مليون ريال (199 مليون دولار).

وتملكت الحكومة أسهما في شركة الكهرباء تقدر بقيمة إجمالية قوامها 1.4 مليار ريال، في وقت تركزت استثمارات الصناديق في معظمها بالقطاعين البنكي والإسمنتي وبعض شركات قطاع الصناعات البتروكيميائية، إضافة إلى قطاع الاتصالات، في حين نالت باقي الاستثمارات نصيبها في قطاع الاستثمار الصناعي والنقل والتطوير العقاري والطاقة والمرافق الخدمية، كذلك الصناعات الغذائية والفنادق وكان نصيب قطاع التأمين منها بسيطا جدا.

وبلغ عدد المستثمرين الأفراد المتملكين لأكثر من 5 في المائة في سوق الأسهم السعودي 62 اسما، كشفت أسماؤهم صريحة بينما بلغ عدد المنشآت التي تملكت أسهما فوق 5 في المائة بنحو 130 شركة ومؤسسة فردية وبنكا.

ويعتبر القطاع البنكي أحد القطاعات التي توجد بها استثمارات فردية ضخمة جدا، حيث بلغ عدد المستثمرين فيه 10 أفراد يمتلكون أكثر من النسبة 5 في المائة، حيث تقدر حجم استثماراتهم بأكثر من 70 مليار ريال (18.6 مليار دولار)، في حين توجد هناك 17 شركة من بينها مصارف عالمية مساهمة في البنوك السعودية.

وغابت أسماء المستثمرين عن مجموعة من الشركات بلغت 16 شركة كانت 5 منها من نصيب القطاع الزراعي، بينما تفردت «ملاذ» من بين شركات التأمين بغياب المستثمرين عنها و«البابطين» أيضا كانت الوحيدة من بين الشركات العائلية التي غابت عن القائمة، كما غابت استثمارات الصناديق عن بنك «البلاد»، الذي جاء وحيدا بلا صندوق حكومي في قطاع البنوك.

من جانبه، علق طارق الماضي المحلل الاقتصادي في الشأن المالي على إعلان القائمة بقوله: «لم تبرز أي مفاجآت كالتي كان يتوقعها المتداولون، مثل خروج أسماء ملاك كبار في سابك أو زين أو مصرف الإنماء أو أي من قياديات السوق»، مضيفا أن شريحة واسعة من الملاك الذين أعلنت أسماؤهم مستثمرون في الأصل لا يتداولون في سوق الأسهم بشكل دوري، أي أن تلك الأسهم تعتبر سيولة مجمدة غير مؤثرة في السوق بشكل مباشر.

واعتبر الماضي القرار إيجابيا، لكنه يرى أنه سيغير معادلة اللعبة في السوق، مفيدا بأنه ليس مهما أن تظهر القائمة الأهم، ولكن أن تشمل التحديثات إظهار أكبر الصفقات المؤثرة في منحى السوق، التي تتم بشكل دوري في جلسات التداول.

وتوقع الماضي، ألا تظهر أي تغييرات خلال فتره قد تدوم شهورا على القائمة التي أعلنت، حيث لا يتوقع أن يقوم أي من كبار المستثمرين بعملية تبديل مراكز، مستدركا بالقول: يتضح أن المضاربين في الشركات الصغيرة استطاعوا أن يتوافقوا مع الأنظمة المطبقة، حيث لم تظهر أسماء أي منهم في قوائم الشركات، وذلك لأنهم اعتادوا أن يعملوا بشكل تكتلات جماعية توزع السيولة على عدد كبير من المحافظ تصب في نهايتها في وعاء استثماري واحد».

وهنا يذكر راشد الفوزان المحلل الاقتصادي المهتم بأسواق المال أن إعلان كبار الملاك للأسهم لمن يملكون 5 في المائة وأكثر، ليس بالشأن الجديد على السوق المالية السعودي، ملمحا إلى أن ذلك طبق في فترات سابقة تتزامن مع بدء الإعلان عن هيئة السوق المالية في عام 2004. وقال الفوزان إن القوائم التي خرجت لم تضف شيئا جديدا أو قدمت مفاجآت، إذ أن معظم الأسماء التي طرحت تمثل مؤسسين، مستدركا بأن 99 في المائة من الأسماء التي عرضت هي اسماء منشئين لتلك الشركات بكافة قطاعاتها، مشددا على أن الأمر يحتاج إلى مزيد من التطوير.

وذكر الفوزان أن هناك جملة من المقترحات يمكن أن تستفيد منها هيئة السوق المالية في خدمتها الجديدة، من بينها الإعلان عن أسماء كبار الملاك أيا كانت نسبتهم، حيث من شأنه إضفاء مزيد من الشفافية والإفصاح المطلوبين، مشيرا إلى أنه لا بد أن يتم الاعتماد في الحسبة الفنية على الأسهم الحرة، كجرعة شفافية أكثر من الإفصاح عن الأسماء، مقارنة بإجمالي الأسهم حتى غير المتداول منها.

وأوضح الخبير الاقتصادي الفوزان في مقترحاته إلى أهمية أن تذهب هيئة السوق المالية – المشّرع للأنظمة والقوانين في سوق الأسهم السعودي ـ إلى أن تعتبر العائلة الواحدة ذات القرابة من الدرجة الأولى ذات ملكية واحدة، أو أن توضح بشكل تام وتفصيلي الصورة الكاملة حول تلك المحافظ.  واستطرد الفوزان بالتأكيد على أن القرار مبدئيا يعد جيدا إلا أنه لا بد من عدم الوقوف عنده، بل العمل على تطويره باحترافية ليكون خطوة واحده من خطوات أكثر أهمية وتزيد من عمق السوق وانضباطية أدائه العام.