«تنبؤات إيجابية» للقطاع المالي الخليجي برغم عدم استبعاد «خيار الحرب» في المنطقة

مصرفيون لـالشرق الأوسط»: بعض دول مجلس التعاون ستبرز كخيار آمن للأموال الإيرانية

TT

استبعد مصرفيون في الخليج العربي أن تلقي الظروف السياسية في المنطقة وتحديدا أزمة الملف الإيراني بسلبياتها على القطاع المالي في دول مجلس التعاون وهي المنطقة المتاخمة لحدود الدولة الفارسية على الضفة المقابلة من بحر الخليج العربي، مشيرين إلى تنبؤات إيجابية محتملة تعكسها الأزمة حتى لو بلغت مداها «الحرب».

وبرر المصرفيون خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» تقديراتهم لموقف القطاع المالي الإيجابي، بجملة من الأسباب تبرز منها توقع أن تكون منطقة الخليج خيارا آمنا للأموال الإيرانية تعززها بعض الظروف، إضافة إلى أن طبيعة التعاملات المالية بين الأطراف التي لا تزال مقتصرة في نشاطات محدودة.

فقد أوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور جون أسفكياناكيس رئيس الدائرة الاقتصادية في البنك السعودي البريطاني «ساب» أن توقع التبوء الإيجابي محتمل بقوة وهو أن تنعكس حالة الذعر في القطاع المالي إلى مصلحة وفائدة إذا تم إدراك أن الإيرانيين ربما يلجئون إلى مكونات القطاع المالي في دول الخليج كخيار آمن يمثل أمامهم ويطمئنون إلى تحويلات أموالهم إليها.

وأضاف أسفكياناكيس بالقول: «إيران، قطعا، لن تتجه إلى وضع أموالها في أحضان القطاع البنكي الأميركي أو حتى في الدول الأوروبية، في حال استصدار موافقة دولية لتعرضها إلى حرب، إذ أن الكتلة الأوروبية والولايات المتحدة هم من سيقومون بتنفيذ القرار، ومن هنا لن يلجأ الإيرانيون إلى وضع أموالهم هناك».

وكان مسؤول إيراني كبير في القطاع المالي أكد نهاية العام المنصرم أن البنوك العاملة في دبي، لن تكون البديل الوحيد لتفادي العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران بسبب أزمة الملف النووي، حيث قلل الدكتور سيد محمد حسين عادلي من تأثير العقوبات على العمليات المالية على بلاده بالإشارة إلى أن لدى إيران شبكة ضخمة من الروابط المالية طورتها عبر العقود الماضية.

وأكد عادلي حينها أن تعامل البنوك في دبي كانت تقليديا أحد البدائل، إلا أنها ليست البديل الوحيد، مشيرا إلى أن دولا ومصارف أغلبها في الشرق لا تزال راغبة في التعاون مع إيران. ورغم ذلك، يرى أسفكياناكيس أن دولة الإمارات ستبرز بقوة مع وجود مسببات مهمة أبرزها حجم الاستثمارات الإيرانية في إمارة دبي وحاليا تتجه إلى أبوظبي بالإضافة إلى وجود عدد من المقيمين الإيرانيين يعملون ولديهم مصالح وأعمال هناك.

وتنشط في الإمارات عدة بنوك إيرانية أهمها بنك صادرات إيران، الذي يتخذ من دبي مقرا رئيسيا له، بينما تزيد الولايات المتحدة مراقبة الحركة التجارية بين الإمارات وإيران عن كثب، بعد أن افتتحت العام الماضي ما يسمى بـ«مكتب الوجود الإقليمي الخاص بإيران» التابع للخارجية الأميركية، في وقت قدمت الحكومة الأميركية للإمارات لائحة بعدد من الشركات الإيرانية التي تعتبرها واشنطن «شركات وهمية» تحاول كسر الحظر الأميركي على طهران.

وتشير الإحصاءات عن وجود حوالي 500 ألف إيراني مقيم في الإمارات، في حين تبلغ حجم الاستثمارات الإيرانية في البلاد إلى قرابة 4 مليارات دولار، فيما يبلغ حجم الاحتياطيات النقدية الأجنبية لإيران 30 مليار دولار، بينما يصل حجم التجارة الخارجية إلى 150 مليار دولار عبر تعاملات تجارية خارجية في أنحاء العالم. ويعود أسفكياناكيس للتأكيد إلى أنه لا بد من عدم إغفال تأثير قد يقع على القطاع المالي لفترة قصيرة في حال وقوع حرب، ولكنها ستتأثر وفقا لدرجة تأثر الاستقرار في البلدان الخليجية بل تتجاوز ذلك إلى درجة وإستراتيجية الحرب ذاتها ومدى فاعليته في هزّ الاستقرار وخلق البلبلة، مشيرا إلى استبعاده ذلك السيناريو خلال المديين المتوسط والطويل.

وهنا، يذهب في حديث لـ«الشرق الأوسط» أحمد الحديد وهو مصرفي خليجي إلى عدم تأزيم الموقف أو تضخيم تأثيراته، إذ يشير إلى أن التعاملات المالية بين إيران ودول الخليج العربي لا تعد ضخمة بل محدودة لاسيما في بعض دول الخليج العربي التي تقتصر فيها معظم التعاملات على قطاعات تجزئة في النشاط التجاري. ولفت الحديد إلى أن البنوك المركزية في المنطقة ستتجه في حال وقوع حرب إلى إبلاغ البنوك التي تقع تحت مسؤوليتها بتطبيق القوانين الدولية في هذا الصدد، مشيرا إلى أن إجراءات من قبيل تجميد التعاملات والأرصدة ربما تكون احد الخيارات.

وتتزامن هذه الأحداث، مع ما تتوقعه دول الخليج العربي حاليا من ميزانيات مهولة جراء ارتفاع أسعار النفط وبقائها فوق حاجز 100 دولار للبرميل، مما يضعها أمام تقديرات لارتفاع السيولة لديها بشكل لافت، توقعتها بعض المؤسسات المالية العالمية أن تصل إلى 295 مليار دولار بنهاية العام الجاري. أمام ذلك، يوضح مصرفي سعودي (فضل عدم الكشف عن اسمه) إلى أن النظام المالي جزء من البلد والتأثيرات السلبية ستنعكس بذات القدر التي تنعكس على القطاعات الأخرى، مشيرا إلى أن أسواق المال وكذلك عملة البلاد إضافة إلى أسعار الفوائد جميعها ستقع تحت مقصلة التأثير السلبي المؤقت. ولفت المصرفي إلى أنه لا بد من توقع أحكام تصدر متعلقة بعملية التمويل والتحويل وخلافه إلا أن تجربة أزمة حرب الخليج الأولى والثانية أثبتت مدى تركيز السلطات المالية والجهات الرقابية على استمرار العمليات المالية بشكل اعتيادي بل ساهمت في توفير الأموال وتسيير التحويلات.