التداعيات الاقتصادية لأزمة جورجيا على روسيا لن تستمر طويلا

TT

موسكو ـ رويترز: ربما تبدو التداعيات السياسية للتوغل الروسي في جورجيا هائلة بالنظر الى علاقات موسكو مع الغرب لكن أثره عليها من الناحية الاقتصادية يبدو قصير الاجل. وقبل نحو عقد مضى غرقت روسيا في أزمة مالية فيما كانت ذكرى الهزيمة العسكرية في أقليم الشيشان الانفصالي ما تزال حديثة العهد ومنذ ذلك الحين تمتعت البلاد بنمو اقتصادي أذكته احتياطياتها الكبيرة من النفط. وفي الشهر الحالي حين أرسلت روسيا دبابات الى جورجيا التي تتطلع الى الانضمام لحلف شمال الاطلسي متجاهلة غضبا دوليا كانت تملك احتياطيات من النقد الاجنبي بلغت 0.6 تريليون دولار أميركي. وقفزت الاسهم الروسية بعد أن اقتربت من أدنى مستوياتها خلال عامين لدى البوادر الاولى على حل للصراع ويوصي محللون أن يقوم مستثمرون بشراء الروبل بعد أن تعزز موقفه. وانجذب كثير من المستثمرين الى روسيا بسبب اسعار النفط المرتفعة والتي أصبحت الان تقارب عشرة أمثالها عام 1998 ولا يتوقع أن تنخفض. وأعطى هذا ايضا لزعماء روسيا أسبابا للاعتقاد بأنهم سيجلسون على كومة من النقد الى الابد. وقد مضوا قدما في القيام بعمل عسكري في جورجيا ومنذ ذلك الحين تجاهلوا احتمالات أن يفقدوا مكانهم في مجموعة الدول الثماني الغنية او منعهم من الانضمام الى منظمة التجارة العالمية. ويقول انديرس اسلوند زميل معهد بيترسون للاقتصاد العالمي والمستشار السابق لاول حكومة اصلاحية شكلت في روسيا في اوائل التسعينيات «هذا جزء من لعنة النفط». ومضى يقول «روسيا تسير في الاتجاه الخاطئ بعيدا عن التكامل مع الغرب». لكن مسؤولين روسا يقولون إن الغرب سيخسر بنفس القدر اذا لم ينضم عاشر اكبر اقتصاد على مستوى العالم لعضوية منظمة مراقبة التجارة العالمية بينما لا تبدو روسيا بالفعل في الصدارة في مجموعة الثماني حين يتعلق الامر بالقرارات الخاصة بالعملة. ويحاول محللون ودبلوماسيون وساسة أن يفهموا الى أي مدى يمكن أن تذهب روسيا في المواجهة وما الذي يعده الغرب للانتقام. غير أنه في ظل تعطش العالم للنفط والمعادن والموارد الطبيعية الروسية الاخرى فان من المرجح أن يكون الاثر الاقتصادي محدودا. ويحسب محللو دويتشه بنك أن السيناريو الاسوأ سيكون أن تفقد روسيا ما يصل الى 40 في المائة من الاستثمار الاجنبي لكن النمو الاقتصادي سيتباطأ بقدر ضئيل يبلغ 0.5 نقطة مئوية. وقال ياروسلاف ليسوفوليك من دويتشه بنك «رغم أن خطر حدوث هذا السيناريو قائم فانه لا يزال بعيدا عن أن يتحول الى واقع. وخلافا لما حدث عام 1998 حين اضطرت الحكومة الى التفاوض من أجل الحصول على قروض دولية جديدة تضع روسيا الان نصف احتياطياتها في الاصول الاميركية بما في ذلك سندات مالية في شركة فاني مي وفريدي ماك للقروض العقارية مما يعطيها قوة اضافية تواجه بها منتقديها. وحددت الحكومة أهدافا طموحة بتحويل موسكو الى مركز مالي عالمي وتنويع الاقتصاد وتحديث البنية التحتية وجعل الروبل عملة عالمية. وربما تكون هذه الاهداف معرضة للخطر اذا أخافت السياسة المستثمرين الدوليين.