لندن.. العاصمة العالمية للمصرفية الإسلامية

لم يعد يمر شهر من دون أن يعلن فيها عن منتج مالي جديد متوافق مع الشريعة

احد فروع البنك الاسلامي البريطاني في لندن، الذي يعتبر أول مصرف إسلامي أُجيز في المملكة المتحدة («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعد يمر شهر تقريبا، من دون أن يعلن في لندن عن منتج مالي جديد متوافق مع الشريعة الاسلامية، في ما يشبه تأكيدا للمساعي المعلنة والحثيثة لصناع القرار في بريطانيا، من سياسيين ونخبة اقتصادية نافذة، على تثبيت عاصمتها لندن عاصمة عالمية لصناعة المال الاسلامية.

آخر المنتجات المالية الاسلامية المعلنة في لندن؛ اطلاق مؤسسة «البراق» المالية مؤخرا، لما اعتبرته «منتجا ادخاريا فريدا من نوعه لزبائنها البريطانيين (...) وهو البديل الحلال لسندات الاسهم المضمونة، وسيمسح للزبائن بالتعرض لتقلبات سوق الاسهم، بتوافق تام مع المبادئ الأخلاقية الاسلامية». واشارت «البراق» الى ان الزبائن بإمكانهم الاستثمار ابتداء من 500 جنيه استرليني (930 دولارا أميركيا) وستربط استثماراتهم بسوق الاسهم عبر 20 سهما مختارة من مؤشر داو جونز الاسلامي. ويحق للمدخرين الحصول على 100% من الرأسمال المحقق من الادخار، فيما يحافظون على اطمئنان بالهم بأن ايداعاتهم الاولية محمية وأن استثماراتهم متوافقة مع الشريعة. وفي بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، علق كيث ليش رئيس «البراق» قائلا: «اننا متحمسون جدا لاطلاق هذا المنتج... لدينا في البراق تقليد رائد في سوق القروض العقارية الاسلامية في المملكة المتحدة. اننا الآن نبدأ العمل في سوق الادخار، باطلاق أول بديل حلال لسندات الاسهم المضمونة».

واضاف ليش: «ابحاثنا اظهرت انه فيما تعطي الجالية المسلمة قيمة كبيرة للعقار كوسيلة لتحقيق الثراء، فان هناك ايضا رغبة في خيارات استثمارية أخرى. ومنتجنا الادخاري الفريد خُلق للاستجابة لهذه الحاجة». وبحسب مؤسسة «البراق» فان منتجها الادخاري يستثمر ايداعات المودعين لفترة 5 سنوات الى غاية 26 سبتمبر (ايلول) 2013. وبإمكان الزبائن الاستثمار من 500 جنيه استرليني الى غاية مليون جنيه استرليني (1.86 مليون دولار أميركي). وعائد الاستثمار المعروض على الزبائن سيكون مربوطا بسلة من 20 سهما من مؤشر 100 لداو جونز الاسلامي.

واشارت البراق الى أن المنتج مطروح لفترة محددة تنتهي في 5 سبتمبر المقبل. وانها تعرضه بالتعاون مع بنك ايرلندا. وكانت شركة «البراق»، التي تقدم خدمات مالية عقارية متوافقة مع الشريعة الاسلامية أطلقت في بريطانيا عام 2004 من قبل المؤسسة العربية المصرفية إحدى أكبر المؤسسات المالية في العالم العربي، وذلك من خلال المؤسسة التابعة لها وهي المؤسسة العربية المصرفية ـ انترناشنال بنك. وكانت بريطانيا التي فيها جالية مسلمة يصل عددها الى نحو مليوني نسمة، شهدت في اقل من اسبوعين اعلان منتجين اسلاميين، كان الاول في 28 يوليو (تموز) الماضي، حيث بدأت «سلام حلال»، أول شركة تأمين في بريطانيا تعتمد احكام الشريعة الاسلامية، اعمالها في مجال عقود تأمين السيارات. وأشارت ايسلينغ وارد، الناطقة باسم الشركة لـ«الشرق الأوسط»: ان «سلام حلال جمعت رأسمالها الذي يفوق 60 مليون جنيه استرليني (120 مليون دولار أميركي) من أكثر من 50 فردا ومؤسسة استثمارية في دول الخليج».

وفي 11 اغسطس (آب) الحالي اُطلقت أول بطاقة «ماستر كارد» مسبقة الدفع متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية سُميت «قرطبة»، وتقف وراء البطاقة مجموعة من المستثمرين في بريطانيا، بتمويل محلي في بريطانيا وليس وراءه أي رأسمال أجنبي. ومنذ اجازة السلطات البريطانية انشاء أول مصرف اسلامي 100% في المملكة المتحدة عام 2004، هو البنك الاسلامي في بريطانيا، برزت لندن كوجهة عالمية للمصرفية الاسلامية، حيث اصدرت الحكومة البريطانية مجموعة من التسهيلات لم تقدمها أي حكومة غربية اخرى لتشجيع القطاع، من بينها خفض الضريبة على الصكوك في ترجمة لتعهد رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون عندما كان وزيرا للخزانة بجعل لندن وجهة عالمية للمصرفية الاسلامية. وللعديد من البنوك البريطانية التقليدية الكبرى مثل «اش. اس. بي. سي» و«لويدز تي.اس.بي» نوافذ تقدم خدمات مالية مطابقة للشريعة الاسلامية.

وعرف القطاع تزايد الاهتمام به من المسلمين وغير المسلمين، وفي هذا السياق كان محمد شفيق من معهد المصرفية الاسلامية في لندن، قد أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن المعهد يتلقى يوميا نحو مائة استفسار حول التكوين والتدريب في المعهد من المسلمين وغير المسلمين، مشيرا الى نحو 30% من المتخرجين من المعهد هم من غير المسلمين.