السعودية تبدأ ترشيد استهلاك الحديد وتوجه لاستخدام بدائل تقنية البناء الحديثة

«الأمانات والبلديات» أعلنت عن وضع ضوابط لإيجاد حلول طويلة المدى وتوصي بـ«الحوائط الحاملة»

السعودية تتجه رسميا لفرض ضوابط لتقليص استخدام الحديد في البناء وتوصي بالتوجه إلى الخرسانة الجاهزة («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت السعودية رسميا أمس عن ترشيد استهلاك الحديد والتوجه لاستخدام بدائل تقنية البناء الحديثة، كما أفصحت عنه وزارة الشؤون البلدية والقروية ـ الجهة المعنية بإعطاء رخص البناء، متزامنا ذلك مع موجة ارتفاع أسعار الحديد بشكل لافت في الأسواق المحلية.

وأفصحت الوزارة أمس عن توجيه الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية لجميع فروع الوزارة من الأمانات والبلديات إلى التقيد بما جاء في الأمر السامي القاضي بوضع ضوابط جديدة تتعلق بترشيد استهلاك الحديد في أعمال البناء، من خلال إيجاد حلول طويلة المدى.

وأشارت الوزارة إلى أهمية الاستفادة من تقنية البناء بدون الاعتماد على استخدام حديد التسليح أو مواد البناء التقليدية، وذلك من خلال بناء الحوائط الحاملة، وهي جدران إسمنتية خفيفة مسبقة الصنع.

وأكد تعميم صادر عن الوزارة أمس حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، على ضرورة قيام الجهات المختصة بالوزارة والأمانات والبلديات بالأنشطة التوعوية الهادفة إلى عدم الإسراف باستخدام الحديد، وكذلك أهمية حّث المكاتب الهندسية على استخدام الكميات التي يحددها «كود البناء السعودي». وهنا، شدّد التعميم الصادر عن مكتب الوزير أن تكون الحملة للترشيد موجهة للجهات الفنية من أجل أن تتوفر الكميات المناسبة من الحديد والإسمنت في الأسواق السعودية خدمة للمواطنين.

أمام ذلك، أفاد صالح بن خفير آل مسعد، الذي يدير شركة ريمكس للخرسانة الجاهزة، بأن استخدام الحوائط الحاملة ممكن للمنازل ذات الدورين بينما تصعب العملية للمجمعات أو البنايات ذات الأدوار الكثيرة، مضيفا أن توجه البلديات من شأنه تعزيز نشاط صناعة الخرسانة الجاهزة في السعودية.

وقال آل مسعد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك تقنيات بناء جديدة على مستوى العالم، منها استخدام البلاستيك أو ما بدأ يطلق عليه مؤخرا بـ«حديد البلاستيك» المستخدم في تطويره تقنية النانو، ويمتلك صلابة مشابهة لصلابة الحديد، مطالبا بضرورة التوجه نحو التقنيات الجديدة واستقطابها إلى السوق المحلية لفتح أبواب جديدة. ولفت آل مسعد الى أن نشاط صناعة الخرسانة الجاهزة موعود بقفزة طيبة على صعيد أعماله، شريطة أن يتم تفعيل تعميم وزارة البلديات بتقليص كمية الحديد والتوجه نحو الحوائط الحاملة، مفيدا بأن الأزمة تكمن في ثقافة القناعة المترسخة بضرورة البناء المسلح المزود بكميات كبيرة من الحديد، على الرغم من عدم وجود دواع طبوغرافية تستدعي ذلك.

وأوضح آل مسعد أن الكميات المستخدمة في المنازل السعودية تفوق الحاجة بنحو 30 في المائة تقريبا، في وقت يمكن لمصانع الخرسانة الجاهزة رفع سعتها التشغيلية من 10 منازل في الأسبوع إلى أكثر من 15 منزلا، مبينا أن استخدامات الحوائط الحاملة محدودة كطلبات بناء ومقتصرة في الوقت الحالي على بعض المجمعات السكنية (كومباوند) وتحويش الأراضي البيضاء.

وبين آل مسعد أن الحوائط الحاملة يدخل فيها استخدام الحديد ولكن بكميات ضئيلة وفق معايير ومقاسات محددة، نتيجة اختلاف الأبعاد والمقاسات التي تتطلب إدخال الحديد، الا أن ذلك لا يشكل نسبة كبيرة في الحائط.

وفي جانب متصل، أكد المهندس عدنان الصحاف نائب أمين عام الهيئة السعودية للمهندسين لـ«الشرق الأوسط» هذا الأسبوع، أن المكاتب الهندسية بدأت عمليا بدراسات لتخفيض التكلفة وتقليل المواد، مركزة على تحديد احتياجات المباني الضرورية وتوفير مواد بديلة تغني عن الكميات الهائلة من المواد الخام التي طالتها موجات ارتفاع الأسعار.

وبين الصحاف أن الحاجة المتزايدة للخدمات التي تقدمها تلك المكاتب الهندسية أبرزت حلولا للتخفيف من انعكاس ارتفاع الحديد ومواد البناء على حركة الإنشاءات عموما، حيث تمّ اللجوء إلى مراجعة حسابات التسليح والتخلي عن مبدأ الأمان الإضافي، الذي يؤدي إلى استهلاك كميات كبيرة من الحديد ومواد البناء، حيث أنه يمكن خفض معدل تلك الكميات باستبعاد أي مكونات لا تأثير حقيقيا لها سوى زيادة التكاليف.

في هذه الأثناء، أفصح معهد الملك عبد الله للبحوث التابع لجامعة الملك سعود، مختص بإجراء الدراسات الاستشارية، عن تعاون يستمر حاليا مع أمانة منطقة الرياض لتنفيذ بعض أنشطة تأكيد الجودة لبرنامج مراقبة جودة الإنتاج بمصانع الخرسانة الجاهزة.

وينص اتفاق الأمانة مع المعهد على قيام خبراء المعهد بزيارات ميدانية لمصانع الخرسانة الجاهزة، وأخذ عينات عشوائية لإجراء 3 اختبارات عليها، تشمل قياس درجة الحرارة، مقدار الهبوط، وتجهيز مكعبات اختبار الضغط، إضافة إلى 6 جولات في العام الواحد لمراقبة كفاءة اختيار مقاومة الضغط على عدة مختبرات منها مختبر خرسانة أمانة الرياض ومختبر قسم الهندسة المدنية بجامعة الملك سعود.