اتحاد الصناعة البريطاني: ربحية الخدمات تسجل انخفاضا حادا

مطالبة الحكومة بخلق آلية مصرفية تسهل على البنوك تقديم القروض العقارية

مبيعات التجزئة البريطانية سجلت ارتفاعا غير متوقع في يوليو الماضي (رويترز)
TT

رغم شبه الاجماع للعديد من الخبراء والمؤسسات الوطنية البريطانية والدولية مثل صندوق النقد، حول حتمية الركود الاقتصادي البريطاني الا ان مؤشرات السوق تجيء بين الفينة والأخرى متناقضة. في الأمس حذر اتحاد الصناعة البريطاني من ان البلاد مشرفة على الكساد لا محالة بعد ان بينت ارقام مسح نشرت أمس الثلاثاء ان الربحية والتفاؤل في قطاع الخدمات المهم في بريطانيا في حالة تدهور. وأظهرت بيانات رسمية توقف النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام وهو أسوأ أداء منذ تراجع الاقتصاد في أوائل التسعينات وشمل الضعف جميع القطاعات.

ومقابل ذلك أظهرت بيانات رسمية نشرت الأسبوع الماضي أن مبيعات التجزئة البريطانية سجلت ارتفاعا غير متوقع في يوليو (تموز) الماضي رغم ارتفاع الاسعار بأسرع وتيرة منذ عشر سنوات، مما يثير تساؤلات حول مدى التباطؤ الاقتصادي وسرعته. وقال مكتب الاحصاءات الوطنية ان حجم المبيعات ارتفع بنسبة 0.8 في المائة الشهر الماضي مخالفا توقعات المحللين الذي توقعوا انخفاضا بنسبة 0.3 في المائة.

وبذلك سجلت المبيعات ارتفاعا سنويا نسبته 2.1 في المائة وهو أدنى مستوى لها منذ فبراير (شباط) عام 2006 مقارنة بما كانت عليه قبل عام. لكن المسح الذي اجراه اتحاد الصناعة البريطاني أمس يشير الى أن قطاع الخدمات سجل تدهورا بشكل حاد خلال الثلاثة اشهر الماضية، حتى بداية اغسطس (اب) الحالي في مؤشر آخر على ان البلاد قد تكون مشرفة على الكساد. وذكر الاتحاد أن ربحية خدمات قطاع الاعمال والخدمات المهنية انخفضت بأسرع وتيرة في ستة أعوام ونصف العام بينما نزلت ربحية خدمات المستهلكين للربع الثالث على التوالي.

وعلى صعيد التفاؤل انخفض المؤشر الذي يقيس ثقة الشركات في خدمات الاعمال والخدمات المهنية الى ناقص 42 في اغسطس من ناقص 18 في مايو (ايار) وهو ثالث انخفاض فصلي. وانخفض المؤشر الخاص بخدمات المستهلكين الى ناقص 61 من ناقص 60. وتضاف الارقام لمجموعة من الادلة تشير الى تراجع اقتصادي حاد ومن المحتمل ان تزيد من التوقعات بأن يخفض بنك انجلترا أسعار الفائدة قبل نهاية العام لتفادي كساد قاس.

وقال ايان كافرتي المستشار الاقتصادي للاتحاد في تقرير لوكالة رويترز «من الواضح أن هناك ضغطا على الربحية في قطاع الخدمات». وتابع «انخفضت ثقة الاعمال في قطاع الخدمات ككل وتنظر الشركات سلبا لخطط الاستثمار والتوسع في العام المقبل». وارتفع الجنيه الاسترليني وانخفضت المعاملات الاجلة على أسعار الفائدة عقب صدور البيانات، اذ قلص المستثمرون توقعاتهم بخفض وشيك في أسعار الفائدة. ويتوقع محللون أن يكون الاتجاه التالي لاسعار الفائدة نزوليا لكن نظرا لارتفاع التضخم لاكثر من مثلي المستوى الذي يستهدفه بنك انجلترا المركزي فان الاغلبية لا تتوقع خفض الفائدة قبل الشتاء.

وعلى صعيد آخر سجلت ارقام البنوك العقارية في الربع الثاني من العام الحالي ازدياد اعداد المستدانين الذين فشلوا في سداد دفعات قروضهم الشهرية على بيوتهم، كما جاء في تقرير «ستاندارد اند بور». خوف البنوك العقارية من عدم قدرة الناس على سداد القروض وأزمة الائتمان التي ما زالت تعصف بالقطاع العقاري قلل من عدد القروض العقارية المتاحة، وهذا بدوره ادى الى تباطؤ السوق وقطاع البناء الموازي له، مما اجبر بعض وكالات البيع العقاري اغلاق بعض مكاتبها. كما ان شركات البناء والشركات الأخرى التي تدور في فلكها قامت هي الأخرى بانهاء عقود العمل للعديد من العاملين. هذا سيخلق جيوشا من العاطلين عن العمل ويفاقم من المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها بريطانيا، كما يعتقد الكثير من المحللين. ويبقى السؤال الصعب امام البنك المركزي هو: هل الأفضل خفض سعر الفائدة من اجل انعاش القطاع العقاري ام ابقائها على مستوى 5 في المائة من اجل السيطرة على نسبة التضخم. وقال فنسينت كيبل الخبير الاقتصادي وعضو مجلس العموم عن حزب الديمقراطيين الأحرار ان الأفضل هو ان تقوم الحكومة بخلق آلية مصرفية تشجع البنوك على توفير القروض للناس وذلك لطمأنة البنوك على قروضها في حالة عدم قدرة المستدين سداد الدفعات الشهرية، ويعتقد كابيل ان هذا سينعش القطاع العقاري ويخفف من التدهور في هذا القطاع بشكل عام. وتراجع الجنيه الاسترليني أمس إلى أدنى مستوى له في عامين مقابل الدولار، بعد قراءة ضعيفة على غير المتوقع لثقة الشركات الألمانية، مما عزز وجهة النظر القائلة بأن أوروبا، وبما في ذلك بريطانيا، بصدد متاعب اقتصادية عميقة. وهبط الاسترليني نحو 1 في المائة أمام العملة الاميركية المنتعشة ليصل الى8331.1 دولار وهو مستوى لم يشهده منذ يوليو (تموز) 2006. وبهذا يصل إجمالي خسائر الاسترليني مقابل الدولار هذا الشهر الى حوالي 7.5 في المائة. ومع أربع جلسات أخرى فحسب قبل نهاية أغسطس (آب) تتجه العملة إلى تسجيل أكبر تراجع شهري لها منذ انهيارها 7.12 في المائة الذي تسبب فيه جورج سوروس عام 1992 بعد خروج بريطانيا مباشرة من آلية ضبط أسعار الصرف الأوروبية.

وأظهر مؤشر ايفو تراجع ثقة الشركات الألمانية إلى أدنى مستوياتها في ثلاثة أعوام. وأظهر تقرير صدر في وقت سابق اليوم ثقة المستهلك الألماني عند أدنى مستوى لها في خمس سنوات، الأمر الذي أبرز حالة الضعف في منطقة اليورو أكبر شريك تجاري وسوق تصدير لبريطانيا. وتراجع الاسترليني أمس 1 في المائة الى 8337.1 دولار قبل أن ينخفض أكثر الى 8331.1 دولار. وهبط اليورو أكثر من واحد في المائة مقابل الدولار مما خفضه قليلا أمام الاسترليني مسجلا 54.79 بنس.