تصريحات سعودية تزيد الضغوط النزولية على النفط

وسط توجه نحو عدم تغيير إنتاج «أوبك»

السعودية قالت ان كل شيء في أسواق النفط متوازن، والمخزونات في وضع قوي (أ.ف.ب)
TT

انخفضت أسعار النفط الخام أمس، وسط تصريحات وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي بأن إمدادات النفط العالمي كافية، فضلا على توجه «أوبك» لإبقاء مستويات الإنتاج الرسمية على حالها بدون تغيير. وقال النعيمي أمس، انه يوجد توازن واضح بين العرض والطلب في أسواق النفط، وان مخزونات الخام عند مستويات جيدة. وصرح النعيمي للصحافيين عقب وصوله الى العاصمة النمساوية لحضور اجتماع «أوبك» يوم أمس «السوق متوازنة الى حد كبير. عملنا بشكل قوي جدا منذ اجتماع يونيو (تموز) للوصول بالأسعار الى المستويات التي عليها الآن. اعتقد اننا نجحنا للغاية».

وتتوجه المنظمة لإبقاء مستويات الانتاج الحالية بلا تغيير، غير أن بعض الوزراء قد يطالبون بخفض غير رسمي من الأعضاء الذين يضخون أكثر من حصصهم المستهدفة.

فقد أبلغ شكيب خليل رئيس منظمة أوبك الصحافيين أمس، أن المنظمة ستبقي على الأرجح إنتاجها مستقرا. وقال قبيل اجتماع المنظمة أمس «ننتج عند مستوى معين وسنبقى على الأرجح عند ذلك المستوى».

وأضاف خليل الذي يشغل أيضا منصب وزير النفط الجزائري أن السوق تقترب من مرحلة تؤدي فيها العوامل الأساسية للعرض والطلب، دورا رئيسيا بعدما شهدت أسعار النفط تراجعا حادا.

وفي أول تعليقات علنية منذ أوائل يوليو حين ألقى باللوم على المضاربين في دفع أسعار الخام الى مستوى قياسي مرتفع فوق 145 دولارا للبرميل، قال النعيمي «أعتقد أن كل شيء متوازن. المخزونات في وضع قوي وصحي».

وتابع «لدينا زبائن وسنلبي الطلب. أيا كان ما يريده الزبائن فإننا سنلبي طلبهم»، مجددا السياسة التي دأبت السعودية على انتهاجها بمجاراة الانتاج للطلب.

وهبطت أسعار النفط الى أدنى مستوى منذ خمسة أشهر أمس، تحت وطأة ارتفاع الدولار الاميركي، وتوقعات بأن منظمة أوبك لن تخفض الانتاج عندما اجتماع وزرائها، ورغم المخاوف من أن يلحق الإعصار «آيك» الضرر بالبنية التحتية لصناعة النفط في خليج المكسيك.

وانخفض الخام الاميركي الخفيف للعقود تسليم أكتوبر (تشرين الأول) 1.57 دولار للبرميل الى 104.77 دولار. وفي وقت سابق اليوم انخفض الخام الاميركي أكثر من دولارين، ليسجل أدنى مستوى منذ خمسة أشهر عند 104.23 دولار.

وهبط مزيج برنت 1.30 دولار الى 102.14 دولار للبرميل ليقترب من مستوى 100 دولار.

وأدى ارتفاع الدولار لأعلى مستوى منذ عام أمام سلة من العملات الرئيسية، الى إبعاد المستثمرين عن السلع الأولية مما أدى لانخفاض عام في أسواقها.

وتراجعت أسعار النفط رغم التهديد الذي يمثله الإعصار ايك، الذي يتوقع أن تشتد قوته في خليج المكسيك الغني بالنفط، وذلك بفعل صعود الدولار بعد تدخل الحكومة الاميركية لإنقاذ عملاقي التمويل العقاري فاني ماي وفريدي ماك.

وانخفض النفط نحو 30 في المائة منذ ارتفع الى مستوى قياسي عند 147.27 دولار للبرميل في 11 يوليو، وذلك بفعل عوامل منها انخفاض الطلب في الولايات المتحدة أكبر دول العالم استهلاكا للطاقة بسبب التباطؤ الاقتصادي.

ويلمح هذا التصريح الى ان السعودية ترغب في ان تحتفظ «أوبك» بإنتاجها الحالي والى احتمال ان تصمد أمام ضغوط بعض الدول الأعضاء في المنظمة مثل إيران التي تسعى بصورة غير رسمية الى خفض العرض.

وقالت فيرا دو لا دوسيت المحللة لدى «سيرا انيردجي كنسالتنسي»، «يتمثل الموقف السعودي بأن الأسعار كانت عالية جدا». وأضافت «أظن ان السقف بالنسبة لهم ليس مائة دولار بل 80 دولارا. إنهم يتابعون ما يحصل والأسعار تراجعت، لكنها لا تزال تزيد بنسبة 12% عما كانت عليه في مطلع السنة».

ويعتقد ان «أوبك» تنتج حاليا حوالي مليون برميل إضافي في اليوم أكثر من السقف المحدد بـ29.67 مليون برميل يوميا، توفر السعودية القسم الأكبر منها.

وتعرضت السعودية اكبر منتج للنفط في العالم لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، عندما ارتفعت اسعار النفط الى مستويات قياسية.

وكانت السعودية تضخ بمستويات قياسية تراوح 9.6 مليون برميل يوميا في يوليو، فيما حصتها تبلغ 8.94 مليون برميل يوميا. وفي الربيع قررت السعودية من جانب واحد زيادة عرضها 500 الف برميل في اليوم، لإعطاء ضمانة حسن نية الى الدول المستهلكة وفي مسعى لكبح الارتفاع الجنوني لأسعار النفط.

من جهته قال رئيس «أوبك» وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل الاثنين، ان المنظمة الذي تؤمن 40% من النفط العالمي، ستناقش خفض الانتاج.

وقال لدى وصوله الى فيينا «الكل موافق على اننا سنواجه مشكلة فائض في العرض، يتراوح بين مليون ومليون ونصف المليون برميل يوميا مع مطلع السنة المقبلة».

والرهان مختلف تماما عما كان عليه خلال الاجتماع الأخير لـ«أوبك» في مارس (آذار) عندما كانت الاسعار قد تجاوزت عتبة المائة دولار للبرميل، وتشهد ارتفاعا صاروخيا متواصلا.

فهذه المرة اسعار النفط في تراجع وتقترب من المائة دولار، وهو مستوى ترغب غالبية الدول في المحافظة عليه.

يضاف الى ذلك ان الدول المنتجة تواجه بعض الغموض بشأن الطلب على النفط مع تباطؤ النمو الاقتصادي واتخاذ المستهلكين عبر العالم إجراءات لخفض استهلاك الطاقة مع ارتفاع تكلفة التدفئة والنقل.

ومع تراجع الاسعار يسلط اجتماع «أوبك» الضوء على السعر الأدنى الذي ترغب فيه دول «أوبك».

وحددت إيران وفنزويلا مستوى مائة دولار للبرميل، في حين اعتبرت الإكوادور ان سعر 110 الى 120 دولارا «معقول»، بينما رأى محللون ان السعودية ودول خليجية أخرى ترتاح لسعر يكون دون المائة دولار.

ودعا وزير النفط الإيراني غلام حسين نوذاري دول «أوبك» أمس إلى الحد من كميات الإنتاج الإضافية والالتزام بالحصص المحددة لكل دولة.

وبلغ متوسط إنتاج دول «أوبك» وعددها 13 دولة في أغسطس (آب) الماضي 32.58 مليون برميل يوميا وفقا لتقديرات الخبراء، وهو ما يزيد بمقدار 800 ألف برميل تقريبا عن المستوى الرسمي المتفق عليه بين دول المنظمة.

وقال محللون إن دولار مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، قد تكون أكثر حذرا في التعامل مع الدعوة إلى تقليص السقف الرسمي لإنتاج «أوبك».

وتخشى هذه الدول من أن ترتفع أسعار النفط مرة أخرى إلى مستويات تقود إلى تراجع الطلب على هذه السلعة الاستراتيجية في ظل تقارير تتحدث عن تراجع متوقع للطلب على الوقود في الولايات المتحدة خلال الربع الثالث من العام الحالي مع ضعف الطلب بالفعل في الأسواق الآسيوية.

من جهته قال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني في مقابلة بثتها قناة العربية التلفزيونية أمس، ان العراق سيوصي منظمة أوبك بالإبقاء على مستويات الانتاج دون تغيير.