ضحكت كثيرا حينما قرأت في صحيفة «الوطن» السعودية 4 سبتمبر (أيلول) الماضي خبرا عن اعتزال مواطن سعودي سوق الأسهم السعودية نتيجة الخسائر، واحتفاله بتورتة حمراء إشارة للون الذي يغشى السوق عند الهبوط. كمتخصص قرأت قصة الرجل الذي يسكن المدينة المنورة باهتمام أتدرون ما فعل؟ دخل قبل ست سنوات لسوق الأسهم ومعناها أنه أدرك السنوات الجيدة والرابحة ومع ذلك لم يربح بل خسر.
إضافة إلى ذلك تحمل ديونا كثيرة ولمدة سبع سنوات، من بينها قرض حسن لذلك لم يتبق من راتبه سوى الربع لمعيشته ومعيشة أسرته. أتدرون ما هو أجمل ما في هذه القصة المحزنة؟ انه خروج هذا المواطن من السوق وبقرار شجاع منه. أتعرفون ماذا يحصل للبعض بعد الخسائر القوية، أنهم يكابرون ويرجعون الخسائر لأسباب خارجية، تصرفاتهم وسوء تدبيرهم ليسا منها بكل تأكيد، فيعاودون العمل من جديد في السوق فيخسرون، ثم يدبرون سيولة أخرى ويأتون للسوق برغبة الانتقام منه وتعويض الخسارة، فتزداد خسارتهم لأنهم كانوا يستعجلون في القرارات. دعوني أحكي لكم قصة صغيرة، في عام 2004 طلب مني احد الزملاء أن ألتقيه على انفراد، رتبنا موعدا وتقابلنا وكنت اعرف انه يعمل في سوق الأسهم السعودية. حينما التقينا قال زميلي: يا أخي علي لا أعرف من أين أبدأ القصة ولكني سأتحدث وبشكل مباشر عن موضوعي وأريد رأيك. قلت تفضل قال: تعرف انني اعمل في سوق الأسهم السعودية منذ مدة طويلة، قلت: نعم ولعلك أثريت ثراء فاحشا لذلك حق لي أن أعد نفسي مع ثلة من الزملاء لرحلة سياحية نزور فيها آثار إسبانية وعلى حسابك، ضحك حتى استلقى على ظهره وقال: لا تطمح بمثل هذا فانا لم أحقق سوى الخسائر.
ظهرت علامات الدهشة على محياي وتغير صوتي كما تغيرت جلستي وقلت فورا: إن كنت صادقا فاخرج من السوق وأعمل في العقار.
التفت إلي زميلي وقال لماذا التسرع في الجواب؟ أنا أريد منك حلا وأنت تقول لي وببساطة أخرج من السوق.
أجبت أنت تعمل في أحلى سنوات السوق منذ عام 2000 حتى 2004 ومع ذلك لم تربح، مع أن من لا يعرفون ربحوا، إذا هناك خلل في تعاملك مع السوق، وبشكل أدق خلل في طريقة اتخاذك للقرار، لذلك أنت لا تنفع لسوق الأسهم السعودية والعمل بها، وبحكم أن خلفيتك عقارية نصحتك بالاتجار في العقار.
الرجل لم يسمع نصيحتي وكابر وربح، وبعد هزة السوق 2006 خسر خسائر فادحة طالت رأسماله ومع ذلك لم يخرج. ألم أقل لكم إن أجمل ما في قصة صاحب التورتة المحزنة هو قرار اعتزاله سوق الاسهم.