«ايه آي جي» الأميركية تواجه خطر الإفلاس.. وانهيارها سيكون له ارتدادات عالمية

شركة التأمين بحاجة ليوم واحد لجمع 80 مليار دولار لتجنبه > لها استثمارات كبيرة في سوق النفط ويعمل فيها 116 ألف شخص في 130 دولة

شعار شركة «ايه آي جي» الاميركية للتأمين على قميص احد لاعبي نادي مانشيستر يونايتد الانجليزي لكرة القدم، خلف تمثال مات باسبي مدربه الشهير. ومن المنتظر أن لا يتأثر النادي في حال افلاس «ايه آي جي». وكان النادي قد وقع عقدا قياسيا بـ100 مليون دولار لحمل شعار الشركة على قمصان لاعبيه لمدة 4 سنوات (أ.ف.ب)
TT

تواصل الاضطراب في أسواق المال العالمية، واستمر انحدار الدولار، وواصل النفط تراجعه إذ انخفضت أسعار العقود الاجلة للنفط الخام أمس أكثر من أربعة دولارات لتسجل أقل مستوى في سبعة أشهر مواصلة التراجع لليوم الثاني على التوالي بعد أن أثار انهيار بنك ليمان براذرز مخاوف من أن تضر أزمة الائتمان بالاقتصاد وتقوض الطلب على الطاقة. وانخفض سعر الخام الاميركي الخفيف لتسليم اكتوبر (تشرين الاول) بما يصل الى 4.17 دولار الى 91.79 دولار للبرميل. وهوى النفط أكثر من 37 في المائة من المستوى القياسي المرتفع الذي سجله في يوليو (تموز) عند 147.27 دولار. وهوى سعر عقود مزيج برنت الخام للتسليم في نوفمبر (تشرين الثاني) 3.36 دولار الى 90.88 دولار للبرميل بعد أن هبط في وقت سابق ما يصل الى 4.44 دولار مسجلا أدنى مستوى له منذ الثامن من فبراير (شباط). وقال لـ«الشرق الأوسط» الخبير النفطي اكسيل بوش من انرجي انتلجنس «كان هناك عاصفة في خليج المكسيك والآن عاصفة في وول ستريت»، مشيرا الى أنه في ظل اضطراب الأوضاع المالية فان هناك تخوفا من المستثمرين «ولا أحد يريد المغامرة» في سوق النفط. وأكد ان الأزمة المالية العالمية زادت وضع السوق تعقيدا. وتوقع بوش ان تواصل اسعار النفط تراجعها في المدى المنظور، غير أنه شدد على انه من الصعب التنبؤ «بل من المستحيل التنبؤ بسعر معين» رغم انه اشار الى انه من الناحية التقنية بامكان نزول سعر برنت الى 87 دولارا ثم 85 دولارا. وكان طلب بنك ليمان براذرز الاستثماري اشهار افلاسه أول من أمس وموافقة بنك اوف اميركا على شراء مؤسسة ميريل لينش ومشاكل شركة التأمين اميركان انترناشيونال غروب (ايه.اي.جي) التي تواجه خطر الانهيار قد أثارت مخاوف بشأن استقرار القطاع المالي ومستقبل الاقتصاد العالمي. وأكد لـ«الشرق الأوسط» الخبير اكسيل بوش ان لدى (ايه.اي.جي) ثقلها كذلك في سوق النفط لان لديها ذراع استثماري في سوق النفط. وشدد بوش على انه سيكون «متفاجئا جدا اذا ما أعلنت شركة التأمين الاميركية العملاقة افلاسها». وقال انه اذا حصل ذلك فان تأثيره سيكون كبيرا وسيزيد الازمة عمقا. ونقلت رويترز عن لاري غريس محلل الطاقة في كيم انج سيكيورتيز في هونغ كونغ قوله «اذا هوت ايه.اي.جي ستكون سقطة كبيرة. فعلاقة ايه.اي.جي بسعر النفط في الوقت الحالي اكبر». بدورها قالت لورين تان مديرة أبحاث آسيا في وكالة التصنيف الائتماني «لن يقتصر التأثير المحتمل على جانب اعادة التأمين فحسب بل على المؤسسات التي ربما تمتلك سندات لايه.اي.جي». وتابع «سيكون تأثير انهيار «ايه.اي.جي» أكبر بكثير من انهيار بنك مثل ليمان او بير ستيرنز او حتى واتشوفيا او واشنطن ميوتيوال في الولايات المتحدة. فانتشار «ايه.اي.جي» على الساحة العالمية أكبر. حجم قاعدة العملاء ضخم».

وفشلت مجموعة «اميركان انترناشيونال غروب» (ايه آي جي) للتأمين التي تخوض سباقا مع الزمن للحصول على تمويلات، في اقناع وكالات التصنيف بمتانتها المالية ما سيضطرها الى دفع مليارات الدولارات للوفاء بالتزاماتها. وقال حاكم نيويورك ديفيد باترسن أمس ان امام مجموعة «ايه آي جي» للتأمين يوما واحدا لجمع بين 75 و80 مليار دولار تحتاجها لتجنب الافلاس.

واوضح الحاكم «اعتبر ان امامهم يوما واحدا. نحن في مرحلة معرفة ما اذا كان بامكانهم القيام بشيء ما. اظن ان المبلغ يتراوح بين 75 و80 مليار دولار».

وجاءت ردود الوكالات الثلاث الرئيسية («ستاندر اند بورز» و«موديز» و«فيتش») مساء أول من أمس حيث قررت خفض نقاط دين مجموعة التأمين ما يعني اعتبارها اقل قدرة على الوفاء بديونها. وهذا هو السيناريو الذي كانت «ايه آي جي» التي ظلت لفترة طويلة تعتبر اكبر مجموعة تأمين في العالم، تحاول تفاديه بلا جدوى. وهذه الخطوة التي قامت بها الوكالات، ليست مجرد اجراء تقني بل ستكون لها انعكاسات كبيرة جدا على المجموعة وقد تهدد وجودها. وفسرت الوكالات قرارها بتدهور الوضع في السوق العقاري الذي يشكل مصدر خطر كبير على شركة التأمين وبسبب تراجع اسهمها في البورصة. وبعد افلاس بنك الاعمال ليمان براذرز واعادة شراء ميريل لينش من قبل «بنك اوف اميركا»، يتعرض القطاع المالي الاميركي الى صدمة جديدة مدمرة. وكما حدث مع ليمان فان وزارة الخزانة الاميركية رفضت استثمار اي سنت من الاموال العامة في انشطة شركة التأمين. وبحسب القناة الاخبارية المالية «سي ان بي سي» فان السلطات تضغط على مصرفي غولدمان ساشس وجي بي مورغان تشيس، للاشتراك في منحها قرضا قيمته بين سبعين و75 مليار دولار لمجموعة «ايه آي جي». والرهان كبير حيث تشمل انشطة المجموعة 74 مليون زبون في العالم اغلبهم من الاميركيين. وسيجد هؤلاء انفسهم بدون تأمين في حال افلاس الشركة التي يعمل فيها 116 الف شخص في 130 دولة. وحتى الان وحدها ولاية نيويورك، حيث مقر المجموعة، قبلت القيام ببادرة وذلك ازاء مخاوف بشأن الانعكاسات الاجتماعية لافلاسها. وسمحت للمجموعة باقتطاع 20 مليار دولار من صناديق فروعها، لتأمين سير اعمالها. وعلى المدى البعيد تعتزم المجموعة بالخصوص بيع نشاطها في مجال تمويل تأجير الطائرات (انترناشونال ليز فايننس كوربوريشن) التي تضم اسطولا من نحو الف طائرة.

وهوت اسهم ايه.اي.جي. 61 في المائة أول من امس. وقال مسؤول مطلع على الوضع امس ان مجلس الاحتياطي الاتحادي استعان ببنك مورجان ستانلي للنظر في البدائل المتاحة للشركة. وفقدت أسهم ايه.اي.جي. 92 في المائة من قيمتها هذا العام. على صعيد متصل واصلت البورصات الأوروبية تراجعها أمس وافتتحت على انخفاض حاد. ففي فرانكفورت كبرى البورصات الاوروبية في منطقة اليورو، خسر المؤشر داكس 80.1% عند بدء الجلسة بينما خسرت بورصة لندن 1.87% وتراجع المؤشر «كاك ـ 40» في باريس 1.63%. وخسرت بورصة امستردام 1.54% واثينا 3.78% وبروكسل 1.24% وهلسنكي 2.24% ولشبونة 3.01% ومدريد 2.16% وميلانو 1.54% واوسلو 3.50% وسويسرا 1.17%. والى جانب قضية ليمان بارذرز، يشعر المستثمرون بالقلق على مصير شركة التأمين الاميركية «ايه آي جي» التي تواجه صعوبات مالية كبيرة. وقد تضررت خصوصا في هذه الازمة اسهم المصارف وشركات التأمين وتراجعت البورصات الآسيوية، التي كان كثير منها في عطلة أول من أمس، بشدة حيث خسرت بورصتا طوكيو وتايبيه حوالي 5% من قيمتهما في الوقت الذي تراجعت فيه قيمة الدولار أمام العملات الآسيوية كرد فعل للأزمة التي يواجهها القطاع المصرفي الأميركي في أعقاب إشهار إفلاس بنك ليمان براذرز رابع أكبر البنوك الاستثمارية الأميركية.

فقد تراجع مؤشر نيكي القياسي ببورصة طوكيو بمقدار 605.04 نقطة أي بنسبة 4.95% إلى 11609.72 نقطة لينخفض المؤشر إلى أقل من 12 ألف نقطة لأول مرة منذ مارس (آذار) الماضي.

وتراجع مؤشر توبكس للاسهم الممتازة بمقدار 59.63 نقطة أي بنسبة 5.07% إلى 1117.2 نقطة.

من ناحيته قال وزير المالية الياباني بونمي إيبوكي إن التراجع الذي شهدته بورصة طوكيو ليس مؤشرا على عمليات بيع «هيستيري» وأن التراجع ما زال في الحدود المتوقعة.

وبحسب وكالة الانباء الألمانية ضخ البنك المركزي الياباني أمس 2.5 تريليون ين (حوالي 24 مليار دولار) على دفعتين إلى أسواق المال اليابانية لاحتواء تداعيات أزمة الائتمان الأميركية.

وقال محافظ البنك ماساكي شيراكاوا إن البنك سيواصل محاولاته لتحقيق الاستقرار في الأسواق.

وتأثرت البنوك اليابانية بإفلاس البنك الأميركي حيث أن سبعة بنوك يابانية على الأقل أقرضت ليمان براذرز 1.6 مليار دولار.

وقال وزير المالية الياباني إن الأزمة المالية الأميركية لن تؤثر بشدة على النظام المالي الياباني ولكن بلاده مستعدة لمناقشة الإجراءات الرامية إلى احتواء الأزمة مع الدول الأخرى الأعضاء في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى وهي إلى جانب اليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة.

واكد لـ«الشرق الأوسط» كوشي نوغوشي الخبير الاقتصادي الياباني ان اضطراب الأسواق سيكون له تأثير كبير ليس على الاقتصاد الياباني فقط بل على مجمل الاقتصاد العالمي. واشار نوغوشي الى ان معدلات الفائدة المنخفضة في اليابان هي التي تدفع البنوك المحلية الى «المغامرة» بوضع أموالها في البنوك الاجنبية مثلما حصل مع البنك المنهار ليمان برادرز وذلك على أمل تحقيق عوائد أكبر. وفي الصين فقد المؤشر المجمع لبورصة شنغهاي 93.03 نقطة بنسبة 4.47% ليتراجع إلى 1986.64 نقطة. في حين فقد مؤشر بورصة شينتشين 61.46 نقطة بنسبة 0.89% إلى 6873.61 نقطة.

اعلن الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، الوسيط التقليدي بين المصرف المركزي الاميركي والاسواق، انه ضخ 50 مليار دولار في القطاع المصرفي، موضحا انه مستعد لبذل المزيد في حال اقتضى الوضع ذلك.

من ناحيته ضخ البنك المركزي الأوروبي امس 70 مليار يورو (100 مليار دولار) إلى أسواق المال في منطقة اليورو التي تضم 15 دولة بهدف ضمان توافر السيولة النقدية في السوق في ظل تداعيات أزمة القطاع البنكي الأميركي.

كان المركزي الأوروبي قد ضخ أول من أمس 30 مليار يورو بهدف احتواء تداعيات أزمة إشهار إفلاس بنك ليمان براذرز رابع أكبر البنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة.

بدوره أعلن بنك إنجلترا المركزي أمس ضخ 20 مليار جنيه إسترليني (36 مليار دولار) إلى أسواق المال للمحافظة على استقرارها.

وقالت صحيفة «فاينانشال تايمز» في تقرير في موقعها على الانترنت أمس ان بنك باركليز البريطاني توصل لاتفاق لشراء بعض عمليات البنك الاستثماري الاميركي المنهار ليمان براذرز.

وفي ردود الافعال قال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس أمس ان الازمة المالية الدولية الحالية ينبغي الا تؤدي الى حالة من «الذعر»، لكنه حذر مع ذلك من ان هذه الازمة لا سابق لها ولم تنته بعد.