عبد الرحيم نقي : الأسواق الخليجية بعيدة عن الاستثمار المؤسسي

أمين اتحاد غرف الخليج لـ «الشرق الأوسط» : المنافسة الحادة بين شركات الوساطة ستؤدي إلى خروج الصغيرة من السوق

عبد الرحيم حسن نقي
TT

توقع عبد الرحيم حسن نقي، الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي أن تشتد حدة المنافسة مع اكتمال فصل نشاط الاستثمار والوساطة المالية للبنوك السعودية مطلع هذا العام، وتحول هذا القطاع إلى شركات تنضم إلى شركات الوساطة الحالية، لاقتطاع جزء من إيرادات وساطة الأسهم التي تجاوزت ثلاثة مليارات ريال خلال العام الماضي 2007 .

وذكر نقي في حوار لـ «الشرق الاوسط» أن آثار هذه المنافسة بدأت مبكرا وذلك من خلال تقديم شركات الوساطة من خارج البنوك خصومات في عمولات الأسهم، تجاوزت 85 بالمائة، ويتوقع ارتفاع وتيرة المنافسة مع استمرار هيئة السوق في إصدار المزيد من التراخيص لشركات الوساطة، والتي وصل عددها حاليا إلى 90 شركة. وأكد نقي أن شركات الوساطة المالية العاملة في السوق الخليجي تشكل محورا اقتصاديا مهما في التعاملات المالية اليومية داخل الأسواق المختلفة، وبخاصة بعد إقرار السوق الخليجية المشتركة، مضيفا أنه تم فصل نشاطات هذه الشركات في وقت سابق عن المصارف والبنوك المحلية من قبل هيئات السوق المالية الخليجية بعد أن تجاوز عدد الشركات العاملة في السوق مع مطلع العام الحالي 2008 أكثر من 300 شركة. وإلى تفاصيل الحوار:

> ما هو دور شركات الوساطة المالية في إيجاد التحالفات بين الشركات ودمجها داخل السوق مع الشركات العائلية؟ ـ تمثل هذه الشركات حلقة الوصل بين البورصة والمستثمر، وعلى المستوى العملي تقوم هذه الشركات بوضع عروض أسعار في البورصة والتي يرغب بها المستثمرون وتقارن هذه الأسعار مع العروض الأخرى في السوق.‏ وفيما يتعلق بعمل هذه الشركات في إيجاد تحالف بين الشركات ودمجها داخل السوق وعملها مع الشركات العائلية، فقد حددت قوانين البورصات مهام هذه الشركات إذ ستقدم الاستشارات وتحليل ونشر المعلومات المتعلقة بالأوراق المالية لهذه الشركات، ولا سيما الشركات العائلية بغرض تمكينها من مواكبة الأسواق. ويقصد بذلك تقديم النصح والمشورة وكذلك الدراسات والتحاليل ونشر المعلومات المتعلقة بالأوراق المالية، إضافة لترويج وتغطية الاكتتاب في الأوراق المالية التي قد تصدرها هذه الشركات، كما تقوم شركات الوساطة المالية بإدارة الاستثمار في الأوراق المالية وصناديق الاستثمار بالنيابة عن الشركات، بما في ذلك الشركات العائلية.‏ > ما هو حجم الشركات السعودية المرخصة في السوق من حيث حجم الاستثمارات والطلب عليها؟ ـ بلغ عدد شركات الوساطة والاستثمارية حوالي 90 شركة حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، تتراوح رؤوس أموالها ما بين 500 ألف ريال إلى مليار ريال، وهذا بطبيعة الحال يخلق منافسة كبيرة في السوق السعودي لصالح المستثمر والسوق، غير أن البعض يتوقع أن هذا العدد الكبير من الشركات قد يدفع بالكثير من شركات الوساطة إلى الاندماج فيما بينها أو أن يكون مصيرها الإفلاس والانسحاب من السوق، لأن المنافسة تتسم بطابع الشراسة ولا مجال لوجود مبدأ الفرصة الأخرى، خصوصاً مع وجود شركات الوساطة التابعة للبنوك المحلية، والشركات ذات الرساميل الضخمة، إضافة إلى الخبرات الفنية والتقنية العالية التي تستمدها من شركائها غير السعوديين.

> هل دعمت شركات الوساطة المالية فيما يخص الأسهم والسندات السوق ورفعت من وعي المستثمرين أم كانت سلبا عليه؟ ـ نحن بحاجة إلى ثقافة استثمارية عالية في أوساط المتداولين ولكن في الوقت نفسه نحن أيضا بحاجة إلى إيجاد منظومة متكاملة تدعم رفع الثقافة الاستثمارية لقطاع الأوراق المالية ومكوناته التنظيمية العامة، ومن ذلك طرح الشركات المساهمة وتنظيم عمل شركات الوساطة ونشر العدالة والشفافية في التعاملات اليومية للسوق، وقائمة طويلة من الأهداف التي يجب تحقيقها للوصول إلى رفع الثقافة الاستثمارية للمتداولين بحيث يجد المستثمر نفسه أمام نجاحات كثيرة على أرض الواقع تلزمه بأن يرفع ثقافته الاستثمارية. إننا لا نستطيع أن نرفع الثقافة الاستثمارية إذا كان هناك عدد كبير من شركات الوساطة ذات الرساميل الصغيرة، لذلك نحن ننادي بأن يكون التوجه في رفع درجة الوعي الاستثماري متزامناً مع تشجيع دور شركات الوساطة الكبيرة ذات القيمة الاقتصادية وبشكل ينعكس على عمق السوق، إضافة إلى الفوائد الاقتصادية الأخرى. > فيما يخص صناديق المؤشرات المتداولة، ما هي آلية تطبيق وتفعيل هذا النظام؟ ـ صناديق المؤشرات هي صناديق استثمارية مفتوحة تتبع حركة مؤشر معين، ولكن يتم قيد وتداول الوثائق المكونة لهذه الصناديق في سوق الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات، وتقوم هذه الصناديق بالاستثمار في الأوراق المالية التي يشملها أحد المؤشرات شائعة الاستخدام مثل مؤشر ستاندرد آند بورز 500، ومؤشر فاينانشيال تايمز 100، ويسهل متابعة المستثمرين لأداء الصناديق من خلال متابعة أداء المؤشر. كما أن هناك صناديق مؤشرات سندات تستثمر أموالها في السندات، وتتميز صناديق المؤشرات بما تمنحه للمستثمرين من فرص تغطية أسواق كاملة في دول مختلفة أو قطاعات مختلفة، وذلك بتكلفة أقل من وسائل الاستثمار الأخرى. وتتكون صناديق المؤشرات من سلة من الأوراق المالية المتداولة في البورصة، فهي مصممة كصناديق الاستثمار المفتوحة لتوفير تكاليف اقل للدخول في البورصة، ولكن بخلاف صناديق الاستثمار المفتوحة يمكن تداول صناديق المؤشرات في أي وقت خلال جلسة التداول. وقد بدأت صناديق المؤشرات لأول مرة في الظهور في عام 1993 عندما طورت شركة (State Street Global Advisors) بالتعاون مع البورصة الأميركية أول سوق لصناديق المؤشرات، وبنهاية 2007 ارتفع عدد صناديق المؤشرات على المستوى العالمي إلى 1.137 صندوق يدار بواسطة 73 مدير استثمار ويتم تداولها في أكثر من 42 بورصة بأصول مدارة تصل قيمتها إلى 773.2 مليار دولار، كما نشر في تقرير مؤسسة مورغان ستانلي.

> ما هي مميزات الاستثمار في صناديق المؤشرات؟ ـ يتميز الاستثمار في صناديق المؤشرات بأنه أكثر فاعلية واقتصادية، حيث لا توجد تكاليف لبيع صناديق المؤشرات، كما أن تكلفة إدارتها تكون اقل من تكلفة إدارة صناديق الاستثمار العادية، كما انها أكثر شفافية، حيث تتميز صناديق المؤشرات بإمكانية متابعة أسعارها وتداولها لحظياً في أي وقت خلال جلسة التداول اليومية للبورصة. كما أن هذه الصناديق أكثر مرونة كونها تتميز بأنها تتكون من مجموعة متنوعة من الأوراق المالية، ما يتيح للمستثمرين محفظة متنوعة من الأسهم بدلا من التركيز على سهم بعينه، في الوقت الذي يتم تداولها بنفس السهولة التي يتم بها تداول سهم واحد. كما يتم تداول صناديق المؤشرات خلال ساعات التداول للبورصة، ولا بد أن يكون لكل صناديق المؤشرات صانع سوق، حيث يلتزم صانع السوق بالبيع أو الشراء لكل من يرغب في ذلك من المستثمرين، وهو ما يضمن وجود سيولة دائمة لصناديق المؤشرات المتداولة في البورصة، حيث يثق المستثمر دائما بإمكانية قيامه ببيع أو شراء الشهادات في هذه الصناديق. كما أن هذه الصناديق تمكن المستثمرين من البيع على المكشوف، والشراء بالهامش أو وضع أوامر محددة السعر، واستثمار حجم رأس المال الذين يرغبون فيه بدون حد أدنى، وهذه المميزات لا تتوافر في صناديق الاستثمار العادية. > بعد انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية.. ما هي التأثيرات التي تلحظونها كمستثمرين على الشركات المحلية سلبا او إيجابا؟ ـ هناك مزايا عديدة تجنيها الشركات المحلية السعودية، منها تحسين قدرة الصناعات السعودية على التغلغل في الأسواق العالمية، خاصة البتروكيماويات، وكذلك تحسين وضع السياسات المحلية، والتي تشمل الشفافية، مراجعة وتطوير الأنظمة واللوائح بشكل أسرع، تقليل التمييز لصالح بعض القطاعات الفردية. ومن المهم التنويه إلى أن هناك عدة إستراتيجيات لا بد للقطاع الخاص أن يتبعها لمواجهة تحديات السوق المفتوحة أهمها تبني الأساليب الحديثة في الإدارة، والاهتمام بالتخطيط الإستراتيجي والتركيز على نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر، كذلك تحسين كفاءة التشغيل، وهذا يساعد على تحقيق عدة أشياء، منها تخفيض نسبة العادم أو التالف ورفع الإنتاجية، وتحسين الجودة، علاوة على زيادة الاهتمام بالبحوث والتطوير، فهي تمثل عنصراً مهماً من عناصر تطوير المنتج وتطوير العملية الإنتاجية وتطوير استخدامات جديدة وأسواق جديدة للمنتج. > كيف يمكن تعزيز الاستثمار المؤسسي في المنطقة في ظل هيمنة الاستثمار الفردي على أسواق المال الخليجية ودور شركات الوساطة المالية في ذلك؟ ـ الاستثمار الفردي لا يزال هو المهيمن على التداول في أسواق المال، ففي السوق السعودي، على سبيل المثال، هناك فارق كبير بين نسبة الاستثمار الفردي وبين الاستثمار المؤسساتي، وهذا الفارق الكبير اعتقد المستثمرون في وقت مضى أنه تقلص، لكن إحصائيات «تداول» كشفت أن نسبة تداول الأفراد تصل إلى نحو 92 بالمائة من التداولات اليومية. هذه النسبة المرتفعة تمثل تحدياً مهماً أمام أسواق المال الخليجية، وبحاجة لتحرك أكبر من منظمي هذه الأسواق لتشجيع الاستثمار المؤسسي، ومن الواضح أن هذه الأسواق بحاجة إلى عدد أكبر من شركات الوساطة، كبيرة الحجم، والتي تقدم خدمات مالية ذات قيمة مضافة عالية، وتقوم بدور أكبر في إضفاء التوازن والاستقرار في السوق، خاصة أن المستثمرين المؤسسين الرئيسيين، مثل شركات التأمين وصناديق التقاعد وهيئات التأمين وغيرها، يركزون أنشطتهم أكثر على الاستقرار والعائد المستقر وتقليل المخاطر، لأن الأموال التي يستثمرونها تمثل أموال الغير وتمس قطاعات كبيرة من الناس، أما في ظل تقلبات الأسواق، فإن المستثمرين المؤسسيين سوف يبتعدون عن الأسواق.