الاتحاد الأوروبي يقر خطة الإنقاذ البريطانية ودول الاتحاد تطمئن مواطنيها

فرنسا تستضيف اجتماعا لكبار المسؤولين لوضع استراتيجية لحل الأزمة المالية

TT

أقرت المفوضية الاوروبية أمس الاربعاء خطة الانقاذ المالية على الجانب الشرقي من الاطلنطي والتي تمثلت في عملية تأميم ثانية لأحد البنوك العقارية الكبرى تقوم بها الحكومة البريطانية خلال هذا العام.

وانتهت خطوة الحكومة البريطانية لانقاذ القطاع المالي من التدهور، والتي لم يحالف مثيلتها على الجانب الغربي من الاطلنطي نفس الحظ بعد رفض الكونغرس الموافقة عليها، بتأميم بنك «برادفورد اند بينغلي» المتخصص في قروض الايجار العقارية، ونفذت في اطار سلسلة من الجهود الاوروبية للحد من انتشار عدوى الازمة المالية الاميركية. وأخطرت السلطات البريطانية المفوضية التي تتولى تنظيم المساعدات الحكومية للمؤسسات بأنها اشترت محفظة الرهون العقارية للبنك والتي تبلغ قيمتها 50 مليار جنيه استرليني (89 مليار دولار) وببيع ودائعه وفروعه لبنك «سانتاندر» الاسباني. وقال بيان للمفوضية انها استطاعت أن تقرر خلال 24 ساعة أن التدابير التي اتخذتها الحكومة البريطانية تتفق مع قواعد الاتحاد الاوروبي بشأن انقاذ المؤسسات المتعثرة.

وأضاف البيان «التزمت السلطات البريطانية بتقديم خطة اعادة هيكلة أو تصفية في غضون ستة أشهر وستفحصها المفوضية بموجب قواعد المساعدات لاعادة الهيكلة». ومن ناحية أخرى قررت المفوضية تمديد تحقيقها في خطط اعادة هيكلة بنك «فست ال.بي» الالماني المتعثر لكنها أكدت أنها واثقة من التوصل لاتفاق مع السلطات الالمانية.

واعلن رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو الاربعاء ان دول الاتحاد الاوروبي تدرس امكانية انشاء نظام مشترك لضمان الودائع المصرفية الشخصية في اوروبا، على خلفية الازمة المالية العالمية الكبيرة.

وقال باروزو خلال مؤتمر صحافي، كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية من بروكسل، ان هذا المشروع هو «من المسائل التي نبحثها مع الرئاسة الفرنسية (للاتحاد الاوروبي) ومع جهات اخرى لمحاولة التوصل الى اتفاق حول نظام مشترك، آلية مشتركة او تعاون بين مختلف الانظمة التي اعلنت عنها الدول الاعضاء او تدرسها». وقال باروزو ان نظام الاشراف الحالي، القائم الى حد كبير على الحكومات الوطنية والهيئات التنظيمية، يمكنه التصدي للازمة الحالية لكن الاتحاد الاوروبي يحتاج لمزيد من التنسيق لاستعادة الثقة الكاملة. من ناحية أخرى اقترحت المفوضية الاوروبية تشديد قواعد رأس المال على البنوك لتغطية العمليات التي ترتفع فيها نسبة المخاطر مستقبلا بفرض قيود على حجم الاموال التي يمكن للبنوك اقراضها لطرف واحد.

وقال تشارلي مكريفي مفوض السوق الداخلية بالاتحاد الاوروبي «هذه القواعد الجديدة ستقوي في الاساس الاطار التنظيمي لبنوك الاتحاد الاوروبي والنظام المالي».

وللدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي والبرلمان الاوروبي القول الفاصل في الاصلاحات. وفي هذا السياق وتماشيا مع توجه الاتحاد الأوروبي قالت الحكومة الايرلندية في بيان انها «ستقدم الضمانات للمؤسسات المعنية برسوم وستخضع لشروط محددة كي يتسنى حماية مصالح دافعي الضرائب».

وذكرت حكومة ايرلندا أول من أمس الثلاثاء انها ستضمن جميع ودائع البنوك لمدة عامين للحفاظ على الاستقرار المالي وسط اضطراب في الاسواق العالمية مما أضر كثيرا بأسهم البنوك الايرلندية بشكل خاص.

ويبدأ تنفيذ الخطة على الفور وتنتهي في سبتمبر (ايلول) 2010 وتغطي السندات أيضا. وقالت الحكومة ان الخطة تشمل بنوك «ألايد ايرش» وبنك «أوف ايرلند» و«انغلو ايرش» و«ايرش لايف اند برمننت» و«ايرش نيشنوايد بيلدنج سوسيتي» و«ذا اديوكيشنال بيلدنغ سوسيتي».

وفي 20 سبتمبر (ايلول) بعد اسبوع من تقدم بنك ليمان براذرز بطلب حماية من الدائنين رفعت حكومة ايرلندا حد الضمان الحكومي للودائع الى 100 ألف يورو (143500 دولار) من 20 ألف يورو في السابق.

وحذت الحكومة الايطالية حذو الايرلندية واتخذت اجرءاآت مماثلة، وقال رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني أمس انه لن يسمح لأي طرف بشن «هجمات» على البنوك الايطالية وان الايطاليين لن يفقدوا أي أموال من ودائعهم بالبنوك بسبب الازمة المالية العالمية، مضيفا في بيان مكتوب صدر خلال زيارته لمدينة نابولي «لن أسمح بهجمات للمضاربة على بنوكنا.. ولن أسمح بأن يخسر المواطنون الايطاليون ولو حتى يوروا واحدا فقط من ودائعهم».

وحاولت السلطات الايطالية ومديرو البنوك تهدئة الاسواق من خلال اطلاق تصريحات مفادها أن المخاطر التي تتعرض لها ايطاليا من اضطرابات الاسواق المالية محدودة بفضل ممارسات الاقراض المتحفظة.

لكن أسهم بنك «أوني كريديت» ثاني أكبر بنوك ايطاليا انخفضت 22 في المائة خلال يومين بفعل قلق المستثمرين ازاء تداعيات هذه الاضطرابات.

ورغم هذه التطمينات الا ان الوضع مازال حرجا بالنسبة لمعظم الدول ويخيم عليه شبح الركود الاقتصادي. ورجح رئيس المجموعة الاوروبية ورئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر ان تكون نسبة النمو في منطقة اليورو اقل مما كان متوقعا لسنة 2009 وان تبلغ «نحو 1 في المائة»، وهذا ما قدره صندوق النقد وحذر منه مسبقا.

وصرح يونكر وهو ايضا وزير مالية لوكسمبورغ لاذاعة اوروبا الفرنسية ان «توقعات النمو لسنة 2009 يجب ان تعدل الى الادنى». واضاف رئيس المجموعة الاوروبية التي تضم وزراء مالية منطقة اليورو انه اذا لم «يتعطل» النمو العالمي فانه «سيتعرقل في مساره» متوقعا ان يكون النمو في كبرى دول منطقة اليورو لا سيما فرنسا والمانيا وايطاليا بطيئا جدا. وكان وزير المالية فوتر بوس قد أعلن أمام البرلمان الهولندي في بداية الاسبوع أنه ربما ما كان ليوافق على استحواذ بنك «فورتيس» البلجيكي الهولندي على بنك «إيه بي إن أمرو» الهولندي في عام 2007 لو كان يفهم الموقف المالي لبنك فورتيس بنفس درجة فهمه الآن.

وأدلى بوس بهذه الملاحظات أثناء جلسة طارئة عقدها البرلمان عقب صفقة التأميم التي شملت مجموعة فورتيس والتي أعلنتها حكومات كل من بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ يوم الاحد الماضي.

وأظهر استطلاع للرأي نشر أمس أن عددا متزايدا من المواطنين الهولنديين يخشون مرور بلادهم بأزمة مالية في أعقاب المشاكل المالية الاخيرة في الولايات المتحدة ومجموعة فورتيس العملاقة للاعمال المصرفية والتأمين في دول البينيلوكس. وقالت مؤسسة موريس دي هوند لقياس الرأي إن 72 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أعربوا عن اعتقادهم بأن هذه المشاكل المالية ستؤثر على هولندا. كما قال 38 في المائة إنهم يخشون من احتمال انهيار البورصة الهولندية. وبحسب الاستطلاع لم يطرأ تغيير على عدد الهولنديين الذين يخشون من فقد مدخراتهم المودعة بالبنوك الهولندية حيث ظلت النسبة كما هي 12 في المائة. قال مسؤولون ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيستضيف اجتماعا لكبار المسؤولين من الاتحاد الاوروبي لوضع استراتيجية لحل الازمة المالية التي امتدت من الولايات المتحدة الى القطاع المصرفي الاوروبي. ودعت فرنسا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي زعماء بريطانيا والمانيا وايطاليا فضلا عن رئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه للاجتماع للتحضير لقمة محتملة لمجموعة الثماني في وقت لاحق هذا العام.

وسيعقد زعماء الاتحاد الاوروبي قمة في بروكسل يوم 15 أكتوبر (تشرين الاول) حيث من المتوقع أن يناقشوا تحسين القواعد التنظيمية في ضوء الازمة المالية.