النفط يتذبذب عند حاجز المائة دولار منتظرا خطة الإنقاذ وبيان الإمدادات الأميركية

محللون: روسيا تعزز نفوذ أوبك في سوق النفط

روسيا قد تدرس تنسيق الإنتاج إذا أدت الأزمة المالية العالمية والتباطؤ الاقتصادي إلى خفض الطلب بدرجة كبيرة (أ.ف.ب)
TT

انخفض سعر الخــام الأميركي الخفيف دولارين في المعاملات الآجلة أمس بفضل ارتفاع الدولار مقابل اليورو وقبل صدور تقرير رسمي يتوقع أن يظهر ارتفاع إمدادات النفط الخام.

وفي تعاملات وسط اليوم انخفض السعر 76.1 دولار أي 75.1 في المائة إلى 88.98 دولار للبرميل. وبلغ أعلى سعر للخام الأميركي 84.102 دولار وأدنى سعر 62.98 دولار للبرميل.

وواصلت اسعار العقود الاجلة انتعاشها وارتفعت اكثر من دولار لتحوم حول 102 دولار للبرميل، بعد ان لاقت دعما من الامال ان تجد واشنطن سبيلا لاقرار خطة انقاذ مالي لتفادي الوقوع في براثن كساد حاد في الولايات المتحدة والعالم.

وأرجع المتعاملون هذا الانتعاش في أسعار النفط إلى الامال بإمكانية أن يوافق مجلس النواب الاميركي في تصويت ثان على الخطة التي أعدتها واشنطن لانقاذ النظام المصرفي في أميركا.

وكان مجلس النواب قد رفض هذه الخطة يوم الاثنين بشكل مفاجئ مما تسبب في نشر حالة من الاضطراب في أسواق المال. وتراجع السعر قليلا اذ بلغ 77.102 دولار بارتفاع 13.2 دولار للبرميل في التعاملات الصباحية. وواصلت أسعار النفط ارتفاعها لليوم الثاني على التوالي في اطار ارتفاع عام للاسواق العالمية.

وقال معاون في مجلس الشيوخ الاميركي أول من أمس ان المجلس وافق على التصويت على خطة انقاذ مالي تتكلف 700 مليار دولار، وانها تتضمن زيادة مقدار الودائع المصرفية التي يتم التأمين عليها.

وبلغ سعر عقود الخام الاميركي الخفيف لتسليم نوفمبر (تشرين الثاني) 45.101 دولار للبرميل مرتفعا 81 سنتا في تعاملات وسط اليوم بعد ان ارتفع ما يصل الى 60.1 دولار في بداية التعاملات الالكترونية. وسجل العقد عند التسوية في بورصة نايمكس 64.100 دولار للبرميل مرتفعا 27.4 دولار. وارتفع سعر عقود مزيج النفط الخام الاوروبي برنت 84 سنتا الى 01.99 دولار للبرميل.

وجاء انتعاش النفط بعد هبوطه الحاد يوم الاثنين حينما انخفض 52.10 دولار ثاني اكبر هبوط له منذ 23 من ابريل (نيسان) عام 2003.

وسجل سعر البرميل ( 159 لترا) من خام غرب تكساس الخفيف تسليم نوفمبر المقبل 87.101 دولار بارتفاع مقداره 23.1 دولار عن سعر الاغلاق أول من أمس الثلاثاء.

في الوقت نفسه ارتفع سعر برميل مزيج برنت تسليم نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بمقدار دولار واحد ليسجل 17.99 دولار. وكانت أسعار النفط قد بدأت في الارتفاع خلال تعاملات الثلاثاء بعد تراجعها الشديد في الايام السابقة.

انخفضت أسعار النفط دون 100 دولار ثانية قبل صدور بيانات المخزونات الاسبوعية الامريكية التي يتوقع أن تظهر ارتفاعا في امدادات النفط الخام. وتوقع محللون في استطلاع أجرته رويترز ارتفاع مخزون النفط الخام وانخفاض مخزون المشتقات النفطية. وكان قد سجل سعر النفط انخفاضا حادا من مستواه القياسي عند 27.147 دولار للبرميل الذي في يوليو (تموز) نتيجة دلائل على أن أسعار النفط المرتفعة والازمة المالية سيقلصان الطلب على الخام في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية.

وتحاول منظمة الدول المصدرة للنفط المحافظة على مستوى الانتاج والتزام الأعضاء بنظام الحصص. وهذا ما عبرت عنه روسيا من خارج منظمة اوبك.

وكانت روسيا ثاني أكبر دول العالم تصديرا للنفط أرسلت وفدا رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء، ايغور سيشين، وهو من الحلفاء الرئيسيين لرئيس الوزراء، فلاديمير بوتين، لحضور الاجتماع الذي عقدته منظمة «أوبك» في فيينا هذا الشهر ووعدت بارسال وفد رفيع للاجتماع في ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الجزائر. وبالرغم من ان روسيا ليست عضوا في المنظمة الا ان سياساتها جاءت داعمة لسياسة دول «اوبك». ويقول محللون إن التعاون الأوثق بين أوبك وروسيا اللتين تنتجان معا نصف النفط العالمي قد يؤدي الى رفع علاوة المخاطر السياسية على السعر ويزيد من قوة سياسات الانتاج الخاصة بأوبك. ورغبة روسيا في تعاون اكبر مع أوبك تأتي في وقت تتراجع فيه علاقاتها بالغرب بسبب قضايا مثل الصراع في جورجيا. وعززت موسكو بالفعل علاقاتها مع العضوين المتشددين المناهضين للولايات المتحدة في أوبك وهما فنزويلا وإيران.

وأكبر أثر محتمل على الاسعار قد يأتي اذا انضمت روسيا الى أي تحرك من جانب المنظمة لخفض الامدادات وهي خطوة مستبعدة في حين يجري تداول النفط بسعر يتراوح حول مئة دولار للبرميل. وقال وزير الطاقة سيرجي شماتكو في تصريحات اثارت احتمال ان تتحكم روسيا بنشاط في الامدادات ان موسكو تريد التأثير على الاسعار بنشر توقعات للانتاج وتأجيل تطوير حقول.

وقال جوليان لي المحلل في مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن «ان هذا بالتأكيد ليس ما يريد المستهلكون سماعه من منتج كبير». ورغم ذلك قال بعض المحللين ان روسيا قد تدرس تنسيق الانتاج اذا أدت الازمة المالية العالمية والتباطؤ الاقتصادي الى خفض الطلب بدرجة كبيرة. وقال ديفيد كيرش المستشار في بي.اف.سي انرجي في واشنطن، في تقرير لوكالة رويترز من واشنطن، «اذا حدث ذلك يمكن أن نشهد قدرا من التعاون من جانب روسيا ومنتجين اخرين للابقاء على سعر النفط عند مستوى 80 دولارا للبرميل». واضاف «لكن هذه ستكون حالة استثنائية والارجح الا يزيد الامر عن تعاون محدود للغاية ما لم تغير روسيا سياستها النفطية».

ونظرا لعدم وجود طاقة انتاجية غير مستغلة وتوقعات بأن يظل الانتاج مستقرا على مدى سنوات لن تتمكن روسيا من فعل شيء يذكر لدعم أي قرارات مستقبلية لاوبك بزيادة الانتاج.

وتعهدت روسيا وعدد محدود من الدول المنتجة من خارج أوبك بخفض الإنتاج عندما خفضت أوبك امداداتها بعد التداعيات الاقتصادية لهجمات 11 سبتمبر (ايلول) عام 2001 التي دفعت سعر النفط الى ما دون 20 دولارا للبرميل.

ورأى الكثيرون في ذلك الوقت ان اثر التغيير في إنتاج روسيا كان ضئيلا على السوق.

وقال كيرش ان تعزيز العلاقات بين روسيا وأوبك قد يجعل لتقلبات العلاقات الروسية الأميركية أثرا أكبر على أسعار النفط. وأضاف «مع تقارب روسيا مع اوبك اعتقد ان التوترات بين موسكو وواشنطن في مجالات مثل شرق اوروبا قد تنعكس بدرجة أكبر على أسعار النفط بالمقارنة بما كان في السابق».

وكانت روسيا قد عمقت مخاوف الدول المستهلكة بشأن أمن امدادات الطاقة مما اضاف بعدا اخر للمخاطر السياسية المتركزة في الشرق الأوسط ونيجيريا. وتعهدت روسيا بعلاقات أوثق مع فنزويلا عضو اوبك والمناهضة للولايات المتحدة في اعقاب انتقادات أميركية لغزو روسيا لجورجيا.

وأشار شماتكو الأسبوع الماضي إلى أن روسيا تحرص على الاستفادة من ثروتها من الطاقة في تعزيز نفوذها السياسي. وقال «نحن نعتقد انه بما اننا نتمتع بهذه المكانة المميزة في عالم النفط فانه يتعين ان يكون للعنصر الروسي دوره».

وقال دينيس بريسوف في شركة سوليد للسمسرة في موسكو «السبيل الأكثر واقعية ومنطقية للتعاون بين روسيا وأوبك هو توسيع علاقات روسيا بدرجة أكبر مع دول أوبك للحصول على حرية دخول لبعض المشروعات مثلما فعلت مع فنزويلا».