البنك المركزي الياباني يضخ مزيدا من الأموال في السوق

فيما تتربص مؤسسات البلد المالية بالسوق المالي العالمي وتشتري الحصص بأقل التكاليف

التوجه المحافظ في التقديرات المالية وضع البنوك اليابانية في مكانة تجعلها قادرة على انتهاز الفرص (رويترز)
TT

ضخ البنك المركزي الياباني أمس الأربعاء، ولليوم الحادي عشر على التوالي، أموالا إضافية في أسواق المال في البلاد، وصلت الى 800 مليار ين (5.7 مليار دولار) في أسواق المال في محاولة لتخفيف الضغوط الواقعة على النظام المالي جراء الأزمة المالية الحالية في الولايات المتحدة. إلا ان تقارير أخرى تشير إلى أن القطاع المالي الياباني ضمد جراحه السابقة بعد الأزمات التي مر بها قبل عقدين من الزمن. ويرى بعض المحللين أنه خلال نفس الفترة التي كانت فيها ديون وقروض القطاع المالي في الولايات المتحدة الأميركية واوروبا تتراكم كانت البنوك اليابانية تشق طريقها على الجانب البطيء من الطريق السريع بعناية ودراية، وذلك من خلال القروض المحكمة والمحسوبة والمتماشية مع قدراتها المالية. وقال صادق سعيد الذي يعمل مستشارا لمجموعة نمورا، اكبر مجموعة استثمارية يابانية، لصحيفة الاوبزيرفر الأسبوعية البريطانية: «خلال العشرين عاما الماضية قامت نمورا وبدرجات مختلفة من النجاح بالبحث عن فرص استثمارية خارج السوق الياباني، وبينا ان السرعة هي من الخصائص التي تميزنا في المجموعة عن غيرنا، وان التغيير شيء لا يخيفنا». التوجه المحافظ في التقديرات المالية وضع البنوك اليابانية في مكانة تجعلها قادرة على انتهاز الفرص، خصوصا في الوقت الحالي مع معاناة البنوك العالمية من أزمة الائتمان.

ولهذا فقد تمكنت مجموعة نومورا من شراء عمليات ليمان براذرز في آسيا وأوروبا بأقل من ثلث التكاليف، ولو تمت الصفقة قبل اندلاع الأزمة لكانت التكلفة اكبر بكثير مما دفعته، كما انها تمكنت من الفوز بها قبل بنك باركليز البريطاني الذي كان متخوفا من حالة سوقه المحلي. كما تمكنت مجموعة ميتسوبيشي من الحصول على 20 في المائة من مورغان ستانلي الاستثماري بمبلغ 8.5 مليار دولار. وتمكنت «ميتسوي» من الاستثمار في غولدمان ساكس بمبلغ مليارين من الدولارات. ويعتقد سايمون سامرفيل مدير جيوبتر (صندوق اليابان للدخل) انه سيكون هناك صفقات مماثلة أخرى للقطاع المالي الياباني خلال الأزمة، مضيفا ان حساباتها في حالة صحية جيدة جدا بسبب التوجه المحافظ في معاملاتها وهذا ما انتقدت عليه في السابق، الا انها اصبحت قادرة على الفوز بصفقات مالية مربحة بسبب الوضع الحالي». تحسن وضع القطاع المالي الياباني حديثا بعد ان عانى الأمرين خلال فترة ما بين 1990 و2004 والغى ديونا وصلت الى اكثر من 500 مليار دولار، كما ذكرت كريستين ليات التي تعمل في كيه بي سي الاستثمارية اليابانية. إلا أن تقريرا فصليا لبنك اليابان (المركزي) اظهر تراجع تفاؤل الشركات الصناعية بآفاق النمو الاقتصادي في البلاد إلى أدنى مستوى له منذ خمس سنوات. وفي تقريره للفترة ما بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، أعطى مؤشر «تانكان»، الذي تعتمد نتائجه على مسح يشمل ألف شركة، قراءة سالبة وذلك للمرة الأولى منذ عام 2003. وتراجع المؤشر من موجب 5 في الربع الثاني من العام إلى سالب 3 في الربع الثالث، وهو ما يشير إلى أن التشاؤم باتت له اليد العليا في ظل التهديد الذي يشكله التراجع الاقتصادي العالمي للأسواق التي تتجه لها الصادرات اليابانية وكذلك اقتراب الاقتصاد الياباني من حافة الكساد.

ويعتمد المؤشر، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية للأنباء من طوكيو، على مقارنة نسبة الشركات التي تنظر بتفاؤل للأوضاع الاقتصادية في اليابان بنظيرتها المتشائمة. ومن المحتمل أن تكون ثقة الشركات اليابانية في الأوضاع الاقتصادية قد تراجعت بشكل أكبر مما يظهره المؤشر، حيث ان المسح الذي اعتمدت عليه نتائجه أجري على الكثير من الشركات قبل تفاقم الأزمة في أسواق المال العالمية في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي مع إفلاس بنك ليمان براذرز الأميركي.

وقالت الشركات التي شملها المسح إن إنفاقها الرأسمالي سينمو بنسبة 7.1 في المائة خلال العام المالي الحالي الذي سينتهي في مارس (آذار) المقبل مقارنة بـ9.4 في المائة خلال العام المالي السابق وأقل من متوسط معدل النمو المتوقع للسوق وهو 5.2 في المائة.