العالم يترقب مفعول خطة الإنقاذ على الأزمة المالية

خبير: أميركا تسير على أحسن تقدير نحو ركود اقتصادي حاد * البورصات الأميركية لم تتأثر وأغلقت خاسرة

TT

مضى أسبوع مليء بالتوتر والترقب لقرار قد يغير مجرى الأحداث الجارية في أسواق المال العالمية بإقرار مجلس النواب الأميركي لخطة إنقاذ ضخمة بقيمة 700 مليار دولار. وأبدت العديد من الحكومات والمؤسسات المالية بتوقعاتها إزاء الخطة الجديدة وتأثيرها على الوضع السلبي في اقتصاداتها خاصة بعد أن صرح الرئيس الاميركي جورج بوش أمس ان فوائد خطة الإنقاذ المالي، وأنها سوف تستغرق بعض الوقت للظهور في الاقتصاد الاميركي. ورحب الاستراليون أمس بموافقة الكونجرس الاميركي على خطة إنقاذ المؤسسات المالية ولكنهم أعربوا عن شكوكهم في أنها سوف تضع نهاية للاضطرابات في الأسواق العالمية. وقال رئيس الوزراء الاسترالي كيفين رود «إنها خطوة إيجابية للأمام على طريق استعادة الاستقرار للنظام المصرفي العالمي»، مضيفا «ولكن لايزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به»، فيما أوضح زعيم الحزب الليبرالي المعارض مالكولم تيرنبول ان التراجع الذي شهدته أسواق المال الاميركية بعد إقرار مشروع القانون يعد دليلا على أن الأزمة مازالت ماثلة».

واعرب الخبير الاقتصادي السابق عن أمله في تحسن الوضع في وول ستريت، بعد أن انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية في بورصة نيويورك للأوراق المالية بعد إقرار الخطة مباشرة، متأثرة بالمخاوف من أن خطة وزير الخزانة التي دعمها الرئيس بوش في وقت سابق لن تكون كافية لإعادة الهدوء إلى أسواق الائتمان ولن تمنع حدوث كساد. وكان مجلس النواب الأميركي قد صوت قبل أيام بأغلبية 263 صوتا مقابل 171 صوتا لصالح النسخة المعدلة من خطة الإنقاذ المالي الأميركية الطارئة عقب رفض النسخة الأولى يوم الاثنين الماضي عندما صوت ضدها 228 صوتا بينما صوت لصالحها 205 أصوات.

وكان مجلس الشيوخ قد أقر الخطة ذاتها الأسبوع الماضي. ووقع على مشروع القانون الرئيس الاميركي جورج بوش الذي كان قد حث مجلس النواب على إعادة النظر في الخطة أو مواجهة ركود اقتصادي طويل ومؤلم. وهبط مؤشر داو جونز القياسي 157.47 نقطة أي بنسبة 1.5 في المائة ليصل إلى 38ر10325 نقطة.كما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا 05ر15 نقطة أي بنسبة 1.35 بالمائة ليصل إلى 23ر1099 نقطة.

وقال محللون ان سوق الأوراق المالية الاسترالية ربما يفتح بانخفاض بنسبة 1 في المائة غدا الاثنين بسبب الموقف المتدهور في وول ستريت. الجميع تقريبا يتوقعون على الاقل خفض سعر الفائدة بنسبة 0.25 في المائة عندما يجتمع مجلس ادارة بنك الاحتياط الاسترالي الثلاثاء المقبل.

وكان قد مارسَ بوش ضغوطا طوال الأسبوع على الكونجرس لكي يوافق على القانون الذي تلقى صفعة يوم الاثنين عندما رفضه مجلس النواب. ونالت نسخة معدلة رفعت سقف الودائع المصرفية المؤمن عليها الموافقة النهائية للكونغرس. وحذر سايمون جونسون كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقا من حدوث ركود عالمي جراء الأزمة المالية المدمرة التي ضربت الولايات المتحدة وأوروبا.

وأشار جونسون في حديث عبر الهاتف لوكالة الأنباء الألمانية إلى إن خطة الإنقاذ التي مررها الكونغرس الأميركي ووقع عليها الرئيس جورج بوش لا تعدو كونها «إجراء طارئا» لن يحول دون انكماش خطير لأكبر اقتصاد في العالم. وأضاف جونسون، الذي ترك صندوق النقد الدولي في وقت سابق من العام الجاري ويعمل حاليا في منصب رفيع في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي ومقره واشنطن: «من الواضح أن الولايات المتحدة تسير، على أحسن تقدير، نحو ركود اقتصادي حاد».

وقال جونسون إنه يتوقع «ركودا وليس كسادا» على المستوى العالمي، مضيفا أن التحرك الدولي «في غاية الأهمية» لاستعادة الثقة في أسواق الائتمان. لقد توقفت البنوك عن إقراض بعضها البعض وعملائها خوفا على مراكزها الرأسمالية. وتابع «في هذه اللحظة، إنها بالتأكيد أزمة ثقة. ولكن الخبر الجيد هو أنه من الممكن وضع حد لأزمة الثقة سريعا».

وتوقعت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتماني ارتفاع مجموع ديون الحكومة الاميركية الى مستويات لم تشهدها منذ الخمسينات، الا انها اكدت ان الولايات المتحدة قادرة على الاحتفاظ بتصنيف «أأأ» الائتماني. وذكرت المؤسسة في بيان «اذا تحققت كافة الالتزامات المالية المعلنة حتى الان واكتملت بنهاية 2009، فان العجز العام في الميزانية (اي العجز الفدرالي والاقليمي والمحلي وعجز الولايات) سيرتفع الى 10 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي للعام 2009، وسيتجاوز صافي الدين العام للحكومة نسبة 70 بالمائة لاول مرة منذ الخمسينات».

وصرح براين كولتون المدير الإداري للتصنيفات السيادية في مؤسسة «فيتش» انه «من المرجح ان تفوق ديون الولايات المتحدة ديون كل من فرنسا والمانيا لتصبح اكبر دولة مدانة ذات تصنيف سيادي «أأأ» العام المقبل».

إلا انه قال «ان الولايات المتحدة لايزال لديها مجال لتتحمل تدهورا ماليا كبيرا على المدى القصير والناتج عن الاجراءات التي اتخذتها للمساهمة في استقرار النظام المالي ومنع حدوث ركود عميق وطويل الأمد». وأكد أن الدعم الذي قدمته الحكومة الاميركية للقطاع المالي ـ بما في ذلك صفقة الـ700 مليار دولار لشراء الاسهم المتعثرة، لم يغير بشكل جذري وضع الولايات المتحدة الحالي بالنسبة لتصنيفها بالنسبة للديون السيادية، وهو تصنيف «أأأ».