الآن جاء دور ألمانيا.. ثاني اكبر بنك للعقار التجاري فيها يترنح

فشل مفاوضات خطة إنقاذه من قبل تكتل مالي وبدعم من الحكومة

المقر الرئيسي لـ «هايبو العقاري» للقروض التجارية في ميونيخ (رويترز)
TT

يواجه ثاني اكبر بنك ألماني للقروض العقارية مشاكل مالية قد تؤدي الى انهياره بعد ان فشلت خطة انقاذه من خلال ضخ 35 مليون يورو (50 مليار دولار)، وجاء ذلك بعد يوم واحد من قمة الإنقاذ المالي الأوروبية المصغرة التي استضافها الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، وحضرها رئيس وزراء البريطاني غوردون براون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني. وقال بنك «هايبو العقاري» للقروض التجارية ان تكتلا مصرفيا سحب دعمه للصفقة التي كادت ان تنقذ البنك. ويقول العديد من المحللين ان انهيار البنك ستكون له عواقب وخيمة ليس فقط على الاقتصاد الألماني وانما على مصارف اوروبية ترتبط مع البنك بعلاقات مالية، خصوصا في بريطانيا.

واجتمع مسؤولون من الحكومة الألمانية والبنك المركزي وهيئة للتنظيم المالي أمس لبحث سبل انقاذ «بنك هايبو» بعد انهيار اتفاق توسطت فيه برلين لإنقاذ البنك المتعثر.

وجاءت هذه الأخبار بعد ان انتهت القمة الأوروبية بدون ان يكون هناك اتفاق حول خطة مالية واضحة تشبه تلك التي اقرها الكونغرس الأميركي بضخ 700 مليار دولار في القطاع المصرفي الأميركي. والمشكلة التي يواجهها البنك، وهي تراكم الديون السيئة، حدثت بسبب أزمة الائتمان العقاري التي بدأت في السوق الأميركي وامتدت الى أوروبا وخصوصا الى بريطانيا التي وضعت يدها على بنكين عقاريين من خلال تأميمهما خلال هذا العام، مثلها مثل الولايات المتحدة التي قامت هي الأخرى بتأميم عدد من المؤسسات المالية مثل مجموعة التأمين الدولية (أميركان انترناشونال غروب) ومؤسستي الرهن القاري «فاني ماي» و«فريدي ماك».

وقال البنك الألماني كما جاء في تقرير هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) ان التكتل المصرفي لعدد من المؤسسات المالية الألمانية وبدعم من الحكومة الألمانية انسحب من المفاوضات بعد ان رفض خطة انقاذ قدرت بـ35 مليار يورو (50 مليار دولار).

وكانت المستشارة الألمانية قد صرحت قبل انعقاد القمة المصغرة انها ضد تأسيس صندوق أزمات أوروبي، وانها ترفض التوقيع على بياض على صكوك تدفع الى من هب ودب من المصارف الأوروبية الآيلة الى السقوط. ولم يفصح لحد الآن عن اسباب انسحاب التكتل المالي من الصفقة، وقال متحدث باسم البنك ان «هايبو» ما زال يصارع من اجل البقاء. وأبلغت مصادر مطلعة على وضع البنك «رويترز» امس ان القطاع المالي احجم عن الإقدام على خطة الإنقاذ بعد ظهور اوجه نقص جديدة في التمويل.

وقال محللون ان البنك قد لا يستمر اكثر من ايام معدودة بدون خطة انقاذ سريعة، ويضيف هؤلاء ان فترة مداولات الأسواق التي تبدأ اليوم ستكون حرجة بالنسبة للبنك.

ومن المتوقع ان تستمر الاجتماعات بين المؤسسات والحكومة لإيجاد خطة إنقاذ أخرى. ويعتقد العديد من المراقبين ان سقوط البنك ستكون له انعكاسات مالية خطيرة في الأسواق الأوروبية التي في حالة لا تحسد عليها. وكانت البنوك وشركات التأمين ستتحمل 8.5 مليار يورو من التكلفة في حين سيتحمل القطاع العام الباقي. وحثت وزارة المالية أمس كل المعنيين على «اظهار المسؤولية»، وقالت انه يجب النظر في كل الاحتمالات.

وقال المتحدث باسم الوزارة، تورستن البيغ، إنه «يجب ان يكون الجميع على قدر مسؤوليتهم».

وقال مصدر مالي لـ«رويترز» ان المفاوضات قد تمتد الى الليل. وذكر متحدث باسم «البوندسبنك» ان رئيس البنك المركزي، اكسيل فيبر، يشارك في المحادثات.

وقال البيج ان خبراء من الحكومة والبنك المركزي (البوندسبنك) وهيئة التنظيم المالي (بافين) يجتمعون لتقييم الوضع وانهم سيتشاورون مع البنوك وشركات التأمين.

وقال البيغ ان الحكومة لم تتلق إخطارا بانهيار خطة الإنقاذ سواء من «هايبو» او البنوك او شركات التأمين المشاركة. وأضاف «هذا شيء مذهل جدا بالتأكيد».

وأصرت البنوك وشركات التأمين على قيام برلين بدور اكبر في إنقاذ البنك.

وكان الهدف من الصفقة ضمان توافر تمويل كاف لدى بنك «هايبو» كي يمكنه العمل بصورة ملائمة رغم ان سوق الإقراض القصير الأجل بين المصارف الذي يعتمد عليه توقف بصورة فعلية.

وضخت عددا من البنوك المركزية أموالا لإنقاذ الأوضاع المالية. اليابان واستراليا ضختا مزيدا من الأموال في بنوكها خلال الأيام الماضي لإقناعها باستئناف تقديم قروض لبعضها البنوك بعد أن شهد مطلع الأسبوع حالات انهيار بنوك في أوروبا. ومنح بنك اليابان المركزي 1.5 تريليون ين (14.2 مليار دولار) أخرى لنظامه المصرفي في تاسع يوم على التوالي من ضخ الأموال في سوق المال قبل ان يضيف 400 مليار ين أخرى بشكل فوري، في حين أضاف بنك الاحتياطي الاسترالي (البنك المركزي) 2.7 مليار دولار استرالي (2.2 مليار دولار أميركي) لمواصلة عمليات الإقراض بين البنوك.

وطالب الحزب الاشتراكي الألماني الشريك في الائتلاف الحاكم بتشديد لوائح معاقبة مديري البنوك والمؤسسات والشركات في حال التسبب في تحقيق الخسارة. واقترحت أندريا ناهلز، نائبة رئيس الحزب، في حديث لصحيفة «بيلد آم زونتاج» نشرته أمس الأحد، كما جاء في الوكالة الألمانية للأنباء، تطبيق النموذج الأمريكي في تحميل المديرين المسؤولية عن طريق التحفظ على أموالهم وأملاكهم الخاصة في حال ثبوت المسؤولية عن تحقيق الخسارة للبنك أو المؤسسة.

وفي الإطار نفسه طالب هانز بيتر فريدريش، نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب، بإجبار المدير الفاشل على سداد راتب عامين على الأقل، مضيفا: «ليس من المعقول أن يحاسب المدير في أحوال نادرة فحسب عن فشله وأخطائه في إدارة البنك أو المؤسسة».

وكانت مطالب البنوك في ألمانيا بتوفير دعم حكومي لإخراجها من عثرتها قد قوبلت بانتقادات حيث رفض وزير الاقتصاد، ميشائيل غلوز، أي برامج للدعم وأشار إلى مسؤولية البنوك عن أزمة أسواق المال بسبب غياب الثقة فيما بينها.