أسواق المال العربية تواصل نزيفها مع استمرار «الهلع» من الأزمة العالمية

البورصة المصرية تمنى بأكبر هبوط يومي في تاريخها وتهوي بنسبة 16.4%

TT

لم تتمكن البورصات العربية من تضميد جراحها شأنها شأن الأسواق العالمية، ولا تزال تنزف تحت تأثير أزمة الائتمان التي دبت الرعب في نفوس المتعاملين وخلقت حالة من الهلع في صفوفهم، رغم اختلاف طبيعة أسواق المنطقة عن غيرها وتأكيد العديد من شركات ومؤسسات المنطقة عن عدم تأثرها بالأزمة الراهنة، كما ولم تذعن أسواق المنطقة لرسائل الطمأنة الحكومية والإجراءات التي قامت بها بعضها بغية التخفيف من الانهيار الحاصل، حيث تراجعت الأسواق في جلسة أمس وبنسب مخيفة لغالبيتها، حيث الخوف والقلق يستمر ببسط سيطرته على سوق دبي التي لا تزال تتداعى تحت تأثيرها، وتراجع مؤشرها بنسبة 5.14 % ليستقر عند مستوى 3369.15 نقطة، وشهد عدد كبير من الأسهم تذبذبات قوية نتيجة لعمليات الدخول والخروج السريع مع استمرار أزمة الثقة في السوق.

ولم تستجب السوق الكويتية للتدخلات الحكومية وضخها للسيولة والطمأنة التي تبثها بين حين وآخر بعد تصاعد المطالبات القاضية بوجوب تدخل حكومي قوي لحل المشكلة والتي ذهبت إلى حد اعتزام عدد من المحامين برفع دعوى قضائية مستعجلة لحمل الحكومة على التدخل وحل المشكلة ووقف التداول بالسوق لحين وضع حلول مناسبة لدعم الاقتصاد الوطني ووقف الانهيار، حيث فقدت السوق وبضغط من غالبية أسهم السوق وكافة الأسهم الثقيلة بنسبة 2.64% لتقفل عند مستوى 11635.9 نقطة. وتمكنت السوق القطرية من تقويض خسائرها نتيجة لتراجع حدية البيع مع وصول الأسهم وبخاصة القيادية منها لأسعار زهيدة جدا دفعت حامليها بعدم التفريط بها بسهولة بالإضافة إلى أنها أغرت بعض المحافظ والمستثمرين المحللين لاقتناصها وذلك مع انحسار تسييل المحافظ الأجنبية التي بدأت مطالبات بوضع ضوابط لدخولها وخروجها من السوق لحمايته وبخاصة صغار مستثمريه، حيث اكتفى المؤشر بخسارة بلغت نسبتها 1.55 % ليستقر عند مستوى 8147.46 نقطة. وواصلت السوق البحرينية تراجعها المدفوع من غالبية الأسهم القيادية وسط حالة من انعدام الثقة تجتاح السوق وتلقي بظلالها على التداولات، حيث فقد المؤشر العام بنسبة 1.33% ليقفل عند مستوى 2384.33 نقطة. وما زالت مخاوف المستثمرين وحذرهم تعصف بقوة في السوق العمانية التي ما زالت أسهمها تتهاوى بدون مغيث مع تلاشي رغبة الشراء والبيوع المحمومة التي تتعرض لها، حيث شهدت تراجعا جماعيا لأسهم السوق منذ بداية الجلسة لتعكس مدى رغبة المتعاملين في التخلص من حملهم لها خوفا من تكبدهم خسائر اكبر، ودفعت موجة التخلص من الأسهم بالمؤشر العام لمستوى 7141.6 نقطة فاقدا بنسبة 7.290 %.

وغير بعيد عن الاسواق الخليجية، ففي مصر وبسبب تراجع الأسهم وتجاوزها نسب الانخفاض المسموح بها، متأثرة بالأزمة المالية العالمية، قررت إدارة البورصة أمس وقف التعاملات على العديد من الأسهم، لكن مسؤولاً في الشركة المصرية للمنتجعات السياحية، توقع ألا يستمر تأثير الأزمة في البورصات العالمية على البورصة المصرية، وذلك بالرغم من قوله إن صناديق أجنبية تستحوذ على نصيب كبير في البورصة المصرية بدأت في الانتقال إلى بلادها خاصة أميركا وأوروبا، لتدارك الأزمة المالية هناك. ولدى إغلاق التعاملات في البورصة المصرية مساء أمس، مني مؤشرها الرئيسي (كاس 30) الذي يقيس أنشطة 30 شركة في السوق، بهبوط قياسي بعد تداولات اقتربت قيمتها من المليار جنيه بسوق داخل المقصورة، وهوى هذا المؤشر انخفاضا بنسبة 16.4% بما يعادل1162.36 نقطة ليصل إلى 5896.80 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس (آب) 2006. وقال وسطاء بالسوق إن التراجع عمَّ حركة الأسهم خلال تعاملات أمس متأثرة بالهبوط الذي ساد جميع أسواق العالم في الأيام الماضية خاصة أسواق الأسهم الخليجية. وأضافوا أن هذا الهبوط الحاد يعد أكبر هبوط يومي في تاريخ البورصة المصرية بسبب عمليات البيع العشوائي من قبل مستثمرين أفراد على العديد من الأسهم خاصة أسهم المضاربات التي هوت بنسب حادة خلال تعاملات أمس.

وأشاروا إلى أن عمليات بيع من قبل مستثمرين أجانب على الأسهم الكبرى ساعدت على زيادة حدة هبوط السوق، فيما اتجهت تعاملات المستثمرين المصريين نحو الشراء الانتقائي على بعض الأسهم.

وأوضحوا أن إدارة البورصة اضطرت لوقف التداول على نحو 74 سهما من إجمالي 160 سهما جرى التداول عليها خلال تعاملات أمس بسبب تجاوزها نسب الهبوط المسموح بها خلال الجلسة الواحدة، وإن أسعار الأسهم في البورصة بمصر هوت بشكل حاد في بداية تعاملات أمس الثلاثاء، وهو أول يوم لبدء تداولات الأسبوع، عقب إجازة عيد الفطر، مشيرة إلى أن هذا الهبوط الشديد جاء تأثرا بالانهيارات التي حدثت لأسواق المال العالمية وكثافة عمليات البيع التي تمت على مختلف الأسهم.

وقالت مصادر في البورصة إنه خلال تعاملات أمس انخفض سهم أوراسكوم تيليكوم صاحب الوزن الكبير في المؤشر، بنسبة 10% ليصل إلى 36 جنيها، وتراجع سهم أوراسكوم للإنشاء بنسبة 17% إلى 260 جنيها.

ومن الشركة المصرية للمنتجعات السياحية، أرجع أبوبكر مخلوف، مدير علاقات المستثمرين بالشركة، سبب الهبوط الكبير في البورصة المصرية، إلى خروج الصناديق الأجنبية من مصر، بسبب الأزمة المالية في البورصات الأميركية والأوروبية.

وقال مخلوف لـ«الشرق الأوسط»: «مثل هذه الصناديق (الأجنبية) العاملة بالبورصة المصرية، تقع مقراتها في أوروبا وأميركا، والمستثمرون الأجانب يسحبون أموالهم من بورصات منطقة الشرق الأوسط لكي يدعموا مواقفهم المالية في بلادهم.

وأضاف: «المشكلة هي أن المستثمرين المحليين يقلدون الأجانب بدافع من الخوف، ويقوم غالبيتهم بالانسحاب، لكن مع ذلك، معظم الشركات المصرية تحقق أرباحاً كبيرة جداً، وأنه «من غير المعقول أن تكون مراكز هذه الشركات المصرية كبيرة جداً، وأسهمها تكون منخفضة.. أعتقد أن مثل هذا الوضع لن يستمر لفترة طويلة»، مشيراً إلى أن «بعض الشركات التي يساوي السهم فيها 15 جنيها أصبح يساوي اليوم 2.5 جنيه».

وقال إن الأزمة المالية التي تمر بها أميركا وأوروبا ليست موجودة في مصر «لأننا لسنا في قلب المشكلة».

من جانب آخر وقّعت شركة بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية عقدا للاستحواذ على 50% من شركة مصر للسمسرة، وقالت «بايونيرز» في بيان لها أمس إنه جاري اتخاذ الإجراءات التنفيذية لإتمام الصفقة ونقل الملكية.

يشار إلى أن البورصة المصرية كانت قد فازت نهاية الشهر الماضي بجائزة أفضل بورصة افريقية في المسابقة التي نظمتها بورصة نيويورك بالتعاون مع مؤسسة أفريقا انفستور« Africa Investor» وذلك في إطار احتفالية لاختيار أفضل بورصة وأفضل بنك استثمار في قارة أفريقيا، بالإضافة إلى أفضل عملية طرح أولي وأفضل المتعاملين في أسواق المال الأفريقية. واحتلت مصر المرتبة العشرين على مستوى 141 دولة من حيث جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بتقدم 106 مراكز عن ترتيبها في عام 2003 وفقاً لتقرير الاستثمار العالمي الصادر أخيراً عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية(UNCTAD) . وبحسب التقرير استحوذت مصر وحدها على ما يزيد عن نصف الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى منطقة شمال أفريقيا ونحو 22% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى القارة الأفريقية لتأتي في المرتبة الثانية بعد نيجيريا على مستوى أفريقيا وفي المرتبة الأولى على مستوى دول شمال أفريقيا.

من جهتها استمرت السوق الأردنية بتراجعها في جلسة أمس وسط ارتفاع قوي جدا لأحجام وقيم التداولات مع استحواذ الأسهم الثقيلة على النسبة الأعظم منها، حيث شهدت الجلسة تراجعا شبه جماعي للأسهم وسط تداولات هزيلة وعزوف عن الشراء، وفقد مؤشر السوق العام بنسبة 3.87% ليقفل عند مستوى 3635.25 نقطة، وقام المستثمرون بتناقل ملكية 12.8 مليون سهم بقيمة 61.1 مليون دينار نفذت من خلال 8729 نقطة.