بريطانيا تلجأ إلى قوانين مكافحة الإرهاب ضد دولة أوروبية صديقة

تجمد أصول البنوك والشركات الآيسلندية لحماية مدخرات مؤسساتها

مستقبل متجر هامليز لالعاب الاطفال الشهير الذي تملكه المؤسسات المالية الايسلندية في الميزان (أ.ب)
TT

قالت بريطانيا إنها ستلجأ الى استخدام قوانين مكافحة الارهاب التي سنتها عام 2001 من اجل الحجز على أصول وأموال الشركات الآيسلندية العاملة في بريطانيا من اجل حماية المليارات من الدولارات من ادخارات البريطانيين، خصوصا المؤسسات التي كانت قد استمالها ارتفاع نسبة الفوائد التي كانت تمنحها البنوك الآيسلندية. وبعد انهيار النظام المالي الآيسلندي وسيطرة الحكومة الآيسلندية على ثلاثة بنوك رئيسة وإفلاس البنك المركزي، الذي بدأ هو الآخر يطلب القروض من الدول مثل روسيا، اصبحت مدخرات العشرات من مجالس البلديات والمؤسسات الخيرية وحتى بعض لجان الشرطة البريطانية في خطر، لأن الضمانات التي وضعتها معظم الدول بنسبة لحسابات الادخار تنطبق معظمها على الافراد فقط وليس على المؤسسات.

وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون ان عدم ايفاء آيسلاند بالتزاماتها اتجاه المؤسسات البريطانية، التي تصل مدخراتها الى ما يقارب المليار جنيه استرليني (1.7 مليار دولار) يعتبر «غير مقبول وغير شرعي»، مضيفا «لقد تكلمت مع رئيس وزراء آيسلاندا وأخبرته ان ما قاموا به من السيطرة على بنوكهم الرئيسة وعدم التزامهم بدفع مدخرات المؤسسات البريطاني شيء غير مقبول. ولهذا فقد قررنا تجميد الاصول الآيسلندية، وسنأخذ جميع الخطوات اللازمة من اجل استرجاع الأموال».

ورد رئيس الوزراء الآيسلندي غير هاردي قائلا انه تفاجأ بتصريحات براون، مضيفا «لقد أخبرت غوردن براون اننا نعتبر هذه الخطوات عدائية». واضاف هاردي في تصريح لصحيفة «الغارديان» البريطانية اليومية، أمس، عندما سئل عن رأيه في ان الحالة بين البلدين يمكن وصفها «بأزمة دبلوماسية» قائلا «هذا ما فكرت به هذا الصباح (أمس) عندما استخدمت قوانين مكافحة الارهاب البريطانية ضدنا».

واستقطبت البنوك الآيسلندية من خلال فروعها الخارجية 300 الف بريطاني لحسابات الادخار، وهذا الرقم يساوي عدد سكان البلد بكاملة، اضف الى ذلك أعداد المدخرين من دول أوروبية أخرى مثل السويد. انجذاب هؤلاء المدخرين الى البنوك الآيسلندية التي لها فروع في لندن هو نسبة الفوائد العالية التي تمنحها على حسابات الادخار والتي وصلت قيمتها سبعة في المائة. الكثير منهم وضعوا ادخاراتهم في حسابات من خلال شبكة الانترنت (اون لاين بانكينك) مع «ايسسيفنك» الذي يتبع لـ«مجموعة لاندسبنكي»، التي سيطرت عليها الدولة بعد تعثرها. وتوقفت المعاملات على الانترنت للمدخرين في بريطانيا الذين حاولوا الدخول الى حساباتهم، بالرغم من تطمينات آيسلند سابقا وتعهدات من مسؤولين في الحكومة في تصريحات ومقابلات مع وسائل الاعلام البريطانية في مناسبات مختلفة خلال الاسبوع الحالي. وقدر مجموع الادخارات البريطانية في الفروع الآيسلندية بأكثر من اربعة مليارات استرليني (7 مليارات دولار)، وهذا يساوي نصف الدخل القومي للبلد.

في الأمس اجتمع آلاف من الآيسلنديين في هذا البلد الأوروبي الشمالي في حفل موسيقي في الهواء الطلق للتعبير عن حزنهم لما يتعرض له بلدهم الذي يعتبر الدولة الأولى في العالم التي قد تعلن إفلاسها.

وسافر أمس الجمعة وفد رسمي بريطاني إلى آيسلند للبحث عن حل للأزمة المتنامية للودائع والاستثمارات البريطانية في البنوك الآيسلندية التي تمت سيطرة الدولة عليها مؤخرا.

وكانت الحكومة الآيسلندية قد استولت خلال الأسبوع الحالي على ثلاثة بنوك كبرى لإنقاذها من الإفلاس في ظل الأزمة التي تضرب القطاع المصرفي والمالي على مستوى العالم.

وكانت الحكومة البريطانية قد تعهدت أول أمس بتعويض حوالي 300 ألف مودع كانوا قد وضعوا مدخراتهم في البنوك الأيسلندية عن طريق الإنترنت في أعقاب الإعلان عن برنامج لتأميم البنوك الآيسلندية، إلا ان ذلك سيأخذ فترة لا تقل عن ثلاثة شهور للأفراد قبل تمكن هؤلاء من استرجاع اموالهم.

وقال وزير الخزانة البريطاني أليستر دارلينغ إن الحكومة سوف تساعد المودعين في بنك «آيس سيف» الآيسلندي على الإنترنت الذي أممت الحكومة الآيسلندية الشركة الأم التي تمتلكه وهي «مجموعة لاندسبنكي» المصرفية.

وقال دارلينغ في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) «أنا مدرك تماما حقيقة أن آيسلند اضطرت للأسف لاعلان عجزها عن الوفاء بالتزاماتها في هذا المجال. ونحن نتابع آيسلند وسنظل نتابعها لكي نضمن عودة الأموال لنا». وأضاف «لكن في هذه اللحظة أستطيع التأكيد على قدرتي على مساعدة هؤلاء المدخرين الذي يتطلعون إلى آيسلند لاستعادة أموالهم».

يأتي ذلك في الوقت الذي تضمن فيه الحكومة البريطانية ودائع الأفراد في البنوك ببريطانيا بحد أقصى 50 ألف جنيه استرليني (90 ألف دولار) و100 ألف جنيه استرليني للحسابات المشتركة.